قال رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب خلال اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في نيويورك: "إن تخبط لبنان في الأزمات الوجودية غير المسبوقة، يشجعني على القول إن المجموعة الدولية لدعم لبنان لا تدخر وسعا لحشد المساعدات لمساندة لبنان وتعافيه".
أضاف: "فيما نحن مجتمعون تحت راية لبنان للتوصل إلى أفضل الطرق لتخطي الأزمة الخانقة، دعوني أشارككم بعض أفكاري للمضي قدما: إن تدهور الظروف المعيشية، أنهك اللبنانيين ودمر مرتكزات الدولة وخلق مناخا من القلق في البلاد. بعد ثورة اللبنانيين، قبلت في 10 كانون الأول 2019، بصفتي أكاديميا لا أنتمي إلى أي فريق سياسي، تحمل مسؤولية رئاسة مجلس الوزراء. تمكنت حكومتي في مواقف عديدة من تحسين أداء الحكم وحاولت "الحد من سيطرة النخبة التي تقبض على السلطة" كما ورد في تقرير البنك الدولي في آب 2020 "تقييم إنهيار بيروت السريع وتحديد إحتياجاتها". وقد نجحنا في حالات عديدة أن نلبي طلبات الشعب التي التزمنا بها في البيان الوزاري، لكننا فشلنا في حالات أخرى بسبب إستحكام طبقة سياسية قاومت كل محاولات التغيير بأي ثمن من أجل المحافظة على مكتسباتها ومكانتها".
وتابع: "بالرغم من ذلك، إن الإنجازات التي قامت بها حكومتي يمكن أن تشكل حجر أساس للمضي قدما، وخصوصا الإنجازات التالية:
1- خطة التعافي المالية والركون إليها من خلال طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي.
2- تعيين أربع نواب لحاكم مصرف لبنان بالإضافة إلى مسؤولين ماليين لا سيما هيئة الرقابة المصرفية.
3- التدقيق الجنائي في البنك المركزي.
4- تشديد مراقبة الحدود لمنع التهريب.
5- إصدار مرسوم تطبيقي لقانون حق الوصول للمعلومات.
6- آلية محاربة الفساد التي اعتمدت في جلسة مجلس الوزراء في 12 أيار 2020، والتي قوبلت بترحيب المجتمع الدولي المعني بالتنمية في لبنان كما أشار إلى ذلك السيد أركان السبلاني المستشار الفني في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مقال بتاريخ 20 آب 2020".
وقال الرئيس دياب: "في الحقيقة، إن الكارثة التي ضربت لبنان كشفت فساد السياسة في الإدارة والدولة، كما ورد في بيان إستقالتي بتاريخ 10 آب 2020. إن استقالتي في 10 آب 2020 كانت تهدف إلى إيقاظ السياسيين اللبنانيين للتوقف عن التناحر الذي أدى إلى عرقلة جميع الإصلاحات ولوقف التدهور المؤدي إلى الإنهيار، والتوافق على الإستجابة لمطالب الشعب بالتغيير الحقيقي والذي يتطلب حكومة جامعة مستعدة للقيام بمسيرة طويلة وشاقة للوصول إلى الخلاص".
أضاف: "وقع الإنفجار الكارثي في وقت كان لبنان يواجه أشد الأزمات الإجتماعية والإقتصادية والمالية، لأسباب تتعلق بسوء الإدارة، وأخرى تتعلق بموقعه الجغرافي في الشرق الأوسط وهو احدى المناطق الأكثر توترا. إنني على ثقة تامة أن مسؤولية التعافي تقع على عاتق اللبنانيين أنفسهم واعتمادهم إصلاحات من خلال السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية. من ناحية أخرى، إن خلق مناخ للنمو والمحافظة على السلم والأمن الدوليين في لبنان هو مسؤولية مشتركة على خلفية الإضطرابات في المنطقة".
وتابع: "بالرغم من كل الأزمات التي يمر بها لبنان، لجأ حوالي مليوني سوري وفلسطيني إلى الأراضي اللبنانية في أوقات مختلفة. في ظل الظروف الحالية، لا يستطيع لبنان أن يتحمل عبء هذه الإستضافة. خصوصا أن 55% من الشعب اللبناني أصبح تحت خط الفقر. والمقلق أكثر أن ما يزيد عن نسبة 45% من الشعب اللبناني سترزح تحت خط الفقر المدقع بنهاية العام الجاري، وفقا لتقارير الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي".
وقال: "في الخلاصة، إن دعم المجتمع الدولي أساسي للتغلب على التحديات، بدءا من الضرورة الملحة لإعادة إعمار مرفأ بيروت والمناطق المدمرة، بما فيها المدارس والمستشفيات المتضررة من الإنفجار. ولكن، إعادة بلورة صورة حديثة ومتقدمة للبنان، تعتمد على قدرتنا على اكتساب الثقة والإحترام من خلال إنجازات موثوق بها. برأيي، يتطلب ذلك ترسيخ ثقافة القانون والمحاسبة والشفافية، محاربة الإفلات من العقاب، والأهم، التواضع من خلال الإعتراف بضعفنا إلى جانب قدراتنا ونواقصنا إلى جانب جدارتنا".
أضاف: "أشكر "مجموعة الدعم الدولية" على هذا اللقاء الدوري لمتابعة شؤون لبنان. كانت "مجموعة الدعم الدولية" في مقدمة الداعمين للبنان، سواء دعم مؤسساته المدنية، أو دعم الجيش اللبناني وهو العمود الفقري للبنان والموجود جنبا إلى جنب مع قوات اليونيفل لمساعدة الدولة في بسط سلطتها في الجنوب عملا بالقرار 1701".
وتابع: "إنني أيضا ممتن كون المؤتمر الدولي الذي نظمته فرنسا "لدعم بيروت والشعب اللبناني" بلقاء إفتراضي بتاريخ 9 آب 2020 بدعوة من الرئيس الفرنسي والأمين العام للأمم المتحدة هو شهادة حية لتضامن المجتمعين مع الشعب اللبناني في الأوقات العصيبة. إضافة إلى ذلك، أود التقدم بامتناني إلى الأمم المتحدة وشركائها الإنسانيين في لبنان لإطلاق نداء الإغاثة في نيويورك جراء إنفجار مرفأ بيروت وتداعياته، وكذلك إلى المنظمات الدولية وغير الحكومية والمجتمع المدني. وأخيرا وليس آخرا إمتناني يعود إلى اللبنانيات واللبنانيين الذين هرعوا الى الشوارع غير مبالين بالأخطار، لمساعدة المقعدين والجرحى والمشردين من منازلهم. وآمل أن ننتقل قريبا من حالة الإغاثة الطارئة إلى التعافي وإعادة البناء".
وختم: "ساعدونا في استعادة الأمل والنهوض من تحت الرماد".