ترأس رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب اجتماعا في السرايا الحكومية، عصر اليوم، خصص لعرض الخطة المالية الشاملة للحكومة التي تمتد على خمس سنوات، حضره: نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع الوطني زينه عكر ووزيرا المالية غازي وزني والخارجية والمغتربين ناصيف حتي، وسفراء: الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا، الصين وانغ كيجيان، روسيا ألكسندر زاسبكين، فرنسا برونو فوشيه، ايطاليا نيكوليتا بومبارديير، سويسرا مونيكا شموتز كيرغوز، هولندا يان والتمانس، كندا ايمانويل لامورو، بريطانيا كريس رامبلينغ، ألمانيا جورج بيرغلين، بلجيكا هوبير كورمان، استراليا ريبيكا غريندلي، النروج لين ستينسيس، مصر ياسر محمد علوى، قطر محمد حسن جابر آل الجابر، سلطنة عمان بدر بن محمد بن بدر المنذري، الاتحاد الاوروبي رالف طراف، ممثل الأمين العام للامم المتحدة يان كوبيش، ممثل جامعة الدول العربية، المدير الاقليمي للبنك الدولي ساروج كومار، القائم بأعمال سفارة الكويت، مسؤول الشؤون الاقتصادية في سفارة المملكة العربية السعودية، القائم بأعمال سفارة الامارات، المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، مدير الشؤون السياسية في وزارة الخارجية السفير غدي خوري، مستشار رئيس الحكومة للشؤون المالية جورج شلهوب.
واستهل الاجتماع بكلمة لدياب قال فيها: "يسعدني أن أرحب بكم اليوم، بعد أن أقرت الحكومة اللبنانية خطة التعافي المالي، والتي أرسلت بناء عليها طلبا إلى صندوق النقد الدولي، مع وزير المالية، لبدء المفاوضات والإسراع في إعداد برنامج مفصل لإخراج لبنان من الوضع الصعب للغاية الذي يعانيه شعبه. لا يخفى عليكم أن اللبنانيين محرومون من الوصول إلى ودائعهم، ويواجهون ارتفاعا كبيرا في قيمة الدولار في السوق الموازية، الأمر الذي يؤدي إلى تآكل ثرواتهم. إنهم يطالبون بالقضاء على الفساد، وبخدمات عامة أكثر فعالية، وببيئة أعمال جيدة، ويأملون في أن يحمل لهم المستقبل المنظور أياما أفضل. من جهتها، تسمع الحكومة أصواتهم، وقد تعهدنا القيام بالإصلاحات اللازمة في أسرع وقت ممكن".
وأضاف: "كان الخيار أمامنا بسيطا للغاية، إما الاستمرار في النهج نفسه ورؤية القطاع المالي ينهار أمام أعيننا، جارفا معه أموال شعبنا، وقاضيا على آمالهم في أن يتمكن البلد من التعافي من هذه الخسائر الفادحة، وإما العمل معا والخروج بخطة عمل تحظى بدعم الغالبية العظمى، ذلك أن الدعم القوي للاصلاحات أمر بالغ الأهمية داخليا، ولكن أيضا لدى التعامل مع المؤسسات الدولية والأصدقاء الثنائيين. لذا، قررت حكومتي على الفور الإسراع في إعداد خطة للتعافي المالي لتشكل علامة فارقة على طريق الانتعاش".
وتابع: "تقدم خطة الحكومة تشخيصا واضحا للوضع، وقد شكلت موضع ترحيب علني من الشركاء المتعددي الأطراف ومن العديد من الشركاء الثنائيين. كما أشادت بها مؤسسات مالية خاصة عديدة حول العالم، نظرا إلى جدية التشخيص الذي تقدمه والذي من شأنه أن يؤدي إلى ردود فعل قوية بسبب طرحه الجريء للغاية. ومع ذلك، من الواضح أن الأصوات التي تعالت لم تشكك في صحة النتائج. كما تتضمن الخطة إصلاحات هيكلية ومالية طال انتظارها، إضافة إلى اقتراحات جديدة تبلورت على ضوء التطورات الأخيرة. وترمي الخطة إلى تزويد اللبنانيين بمسار نمو جديد مدعوم بالعمل على الحد من الخسائر، وحماية لبنان من الصدمات المستقبلية المحتملة، مع تأمين التمويل اللازم والانخراط في اقتصاد منتج يضمن الرفاهية والوظائف الجيدة. كما تؤكد أهمية إرساء شبكات الأمان الصلبة على المدى القصير للتخفيف من عبء الأزمة التي تثقل كاهل الفقراء والعاطلين عن العمل. كما تأخذ الخطة في الاعتبار حاجات التمويل والمتطلبات الاجتماعية والاقتصاد والعملة، والقضايا الهيكلية المهمة التي من شأنها توفير بيئة عمل أفضل".
وأردف: "بالطبع، تبقى خطة التعافي المالي مجرد خطة. وقد شارك في إعدادها جميع الأطراف الموجودين على طاولة مجلس الوزراء في محاولة للحصول على أقوى دعم ممكن. كما تعلمون، الإجماع له ثمن، ونحن نعلم أنه يتعين علينا في المستقبل التفاوض على التفاصيل، غير أننا نجحنا في خفض هذا الثمن قدر الإمكان. وتنطوي خطتنا على العديد من العناصر التي كانت عالقة لفترة طويلة جدا، ذلك أننا لم نتردد في الأخذ بما كان موجودا أصلا ورفده بالمبادرات الجديدة التي قدمها وزراؤنا. وهذا من شأنه زيادة الالتزام الشعبي والسياسي ببرنامجنا. ولكن مرة أخرى، تبقى الخطة مجرد فكرة مجردة ما لم نبدأ بتنفيذ مكوناتها المختلفة في أسرع وقت ممكن. وأنا أعلن الآن أنني طلبت من جميع الوزراء إعداد النصوص والمشاريع المتعلقة بكل بند من بنود الخطة في الأسابيع القليلة المقبلة، وسنسعى إلى إقرار المكونات بمعظمها حتى قبل الإتفاق الذي قد نبرمه مع صندوق النقد الدولي، إذ ندرك أن ذلك سيكون أساسيا للحصول على أكبر دعم ممكن للبنان. لقد حققت الخطة غايتها بالفعل، وحان وقت التنفيذ".
وقال: "أصحاب السعادة، حضرة السيدات والسادة، لبنان في وضع حرج، وهو بأمس الحاجة إلى أصدقائه، الآن أكثر من أي وقت مضى. في هذا الصدد، نتطلع إلى مشاركتكم الفاعلة في مجالس المؤسسات الدولية لدعم جهودنا. نحن نطلب فقط التعامل بشكل عادل مع بلد يواجه العديد من الأزمات المدمرة المتزامنة، علاوة على كونه أكبر بلد مضيف للاجئين قياسا بعدد سكانه، ويواجه تداعيات فيروس كوفيد-19. نحن نرحب باقتراحاتكم، ونقبل بأن تتعاملوا معنا على أساس حجم الإنجازات التي سنقوم بها من حيث الإصلاحات، لكننا بحاجة إلى التزامكم تأمين القدر المناسب من التمويل لكي نتمكن من مواجهة الأزمات بشكل فعال، والتزامكم المستمر بتمويل حاجات لبنان في سياق برنامج خاص وفي سياق مؤتمر سيدر".
وأضاف: "لا يتمثل هدفنا في الانتقال من برنامج إلى آخر، والاستمرار في العودة إليكم طالبين الدعم إلى ما لا نهاية. هدفنا هو إطلاق العنان لإمكانيات شعبنا واقتصادنا من أجل بناء لبنان قوي ومزدهر. لهذا السبب، ننشد اليوم دعمكم لنا من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والمشاركة مع السلطات المعنية والقطاع الخاص في تطوير مشاريع الأعمال المشتركة في لبنان، وكذلك إبرام اتفاقيات جديدة لتأمين أسواق مناسبة لتصريف إنتاج الاقتصاد اللبناني الجديد. يتمتع شعبنا بما يلزم من دراية، ونحن ملتزمون بتهيئة البيئة المناسبة للأعمال. لقد حان الوقت لبناء شراكات جديدة في سياق برنامج التعافي الذي أعددناه".
وتحدث وزير المالية فقال: "لقد أقرت الحكومة منذ أسبوع خطة التعافي الاقتصادي، خطة المالية الشاملة التي تمتد على خمس سنوات، وهذه الخطة تعتبر مخرجا للازمة المالية والاقتصادية القائمة. إنها خطة إصلاحية ذات مصداقية شفافة تقدم للمرة الأولى في تاريخ لبنان أرقاما واضحة عن الخسائر التراكمة، وخصوصا في القطاع المالي، وتهدف هذه الخطة الى استعادة الثقة ودفع النمو الاقتصادي وتعزيز نظام مالي صحي وتحقيق استدامة المالية العامة في لبنان. وتتضمن هذه الخطة ستة ركائز أساسية.
اولا: "في ما يتعلق بموضوع إصلاح المالية العامة هدفها خفض العجز في المالية العامة من 5.3% من الناتج المحلي عام 2020 الى 0.7 % من الناتج المحلي عام 2021.
ثانيا: في الدعم الخارجي لبنان، يحتاج ما بين فترة 2020 و2024 حوالى 28 مليار دولار، منها بين 9 و10 مليار دولار متوقع من المؤسسات المالية الدولية وأخرى سنحاول عبر مؤتمر سيدر والصناديق الأخرى.
ثالثا: في ما يتعلق بسياسة سعر الصرف أو السياسة النقدية للحكومة أو الورقة، تعتمد سياسة سعر الصرف المرن في المرحلة القادمة.
رابعا: في ما يتعلق بإعادة هيكلة الدين العام، سيتم بشكل متواز بالدين بالليرة اللبنانية والدين بالعملات الاجنبية، وهدف الخطة خفض الدين للناتج المحلي من 175% الى 99%.
خامسا: إعادة هيكلة القطاع المالي ويتضمن في الوقت نفسه إعادة هيكلة مصرف لبنان واعادة هيكلة القطاع المصرفي. وهدفها بالتمام هو استعادة الخسائر المتراكمة على القطاع المالي.
سادسا: اصلاحات بنيوية هدفها بشكل رئيسي تحفيز النمو الاقتصادي وتطوير النظام الاقتصادي القائم حاليا من نظام ريعي الى نظام انتاجي".
وأضاف: "هذه هي الركائز الاساسية للخطة المالية الشاملة. وفي الختام، أستطيع ان اقول إن الرئيس دياب طلب الاسبوع الماضي المساعدة المالية من صندوق النقد المالي، واتمنى منكم دعم جهود هذه الحكومة وهذه الخطة في المجتمعات الدولية".
من جهته، قال السفير الفرنسي: "أعربت السلطات الفرنسية عن رضاها عن الخطة الاقتصادية وعن الطلب الرسمي إلى صندوق النقد الدولي، وفرنسا طالما دعمت وتدعم لبنان، هي ترحب بالجهود التي تبذلها الحكومة، وترى ان الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية اليوم، حتى تجري المفاوضات اللازمة مع صندوق النقد، خصوصا انه الجهة الصحيحة لحصول لبنان على قروض مالية".
ورأى سفير الاتحاد الأوروبي أن "الخطة التي وضعتها الحكومة اللبنانية هي خطة متينة ودقيقة، والطلب الرسمي من صندوق النقد هو قرار صحيح، ولكن هناك الكثير من الافعال التي على الحكومة ان تقوم بها على الصعيد المحلي".
ثم تحدثت السفيرة الاميركية فقالت: "إن الولايات المتحدة ترحب بطلب الحكومة اللبنانية مساعدة صندوق النقد الدولي، وتعتبرها بادرة مهمة على طريق الاصلاح، والصندوق ينتظر منكم في المقابل الشفافية في الممارسة، خصوصا أن هناك مجالات اخرى ضمن خطتكم الاقتصادية يمكن اعادة النظر بها".
وشددت نائبة رئيس الحكومة وزيرة الدفاع على أن "الحكومة تبذل قصارى جهدها لتنفيذ الاصلاحات التي تتعلق بسيدر، وهي ترسل مشاريع القوانين التي تعنى بالاصلاح ومكافحة الفساد الى البرلمان مع الامل بسرعة اقرارها".
وقال سفير بريطانيا: "أمامكم تحديات جسيمة، ووضع الخطة يشكل خطوة صحيحة ومهمة في الاتجاه الصحيح، لكنها تتطلب دعما سياسيا داخليا ومجتمعيا من كل الاطراف والفئات، وعلى الحكومة اتخاذ القرارات الصعبة في بمهلة زمنية سريعة على صعيد الاصلاح".
بدوره، قال المدير عام لوزارة المالية: "إن الفكرة من الخطة الاقتصادية التي وضعتها الحكومة هي تشخيص الوضع اللبناني، وهذا يتم للمرة الاولى، وسوف نعتمد عليها في تطوير برنامج يمكن تعديله مع الوقت، حتى يشكل اساسا سليما للتفاوض مع صندوق النقد بما يسمح للبنان بالخروج من أزماته".
ورحب كومار ب"كل النقاشات الصريحة حول الصعوبات التي يواجهها لبنان"، لافتا الى "أن عملية التنفيذ ستكون محفوفة بالتحديات"، وقال: "نحن نقدم المساعدة الفنية من خلال ادارة الدين على صعيد الحوكمة واصلاحات الكهرباء ومناخ الاعمال".
واعتبرت سفيرة ايطاليا أن "الخطة هي خطوة في الطريق الصحيح، وهي رؤية شاملة تصبو الى الانتقال لبرنامج اقتصادي صحيح"، وقالت: "نحن مستعدون لدعم أي نقاش يجري مع الصندوق، متطلعين الى دور بناء للحكومة، بالتعاون مع القطاع الخاص والمجتمع المدني".
ورأى وزير الخارجية أنها "خطة اقتصادية شاملة، والمجال مفتوح امام الجميع لاغناء النقاش والبحث"، وقال: "إن مسؤوليتنا تنظيم أمورنا من اجل الاستقرار الصحيح".
ونوهت سفيرة النروج ب"الخطة"، لافتة الى "انها تنطوي على خيارات صعبة"، معربة عن "دعم النروج، وخصوصا الفئات الاكثر ضعفا وحاجة"، مشددة على "ضرورة دعم الامن الاجتماعي في لبنان".
وشدد شلهوب على "أهمية الاصلاح في القطاع المصرفي اللبناني"، آملا "تركيز النقاش على سد هذه الثغرات للانتقال الى الاصلاحات الاخرى".
ورأت سفيرة كندا ايمانويل لامورو أن "الخطة متينة ودقيقة، وهي تراعي حجم التحديات"، مرحبة ب"التماس دعم صندوق النقد الدولي والحاجة الى وضع مشاريع قوانين اصلاحية، خصوصا أن عملية التنفيذ ستكون صعبة. وهنا، تكمن ضرورة التعاون والتواصل".