التبويبات الأساسية

رعى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان حفل الافطار السنوي ل "مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية" التابعة لـ "دار الفتوى"، في قاعة المؤسسات في الاوزاعي، تحت شعار "ستون عاما من الخير وبرعايتكم نستمر"، في حضور ممثل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس تمام سلام وممثلين عن الرئيسين سليم الحص ونجيب ميقاتي، ووزراء ونواب وممثلين عن المرجعيات الاسلامية وحشد من الشخصيات.

وقدم الأطفال نشيد المؤسسات، وبعد تسليم الرئيس السنيورة والمفتي دريان باقتين من الورود.

دندن
استهل حفل الاافطار بترحيب من المدير العام للمؤسسات الشيخ احمد دندن، الذي قال: "منذ خمسة عشر عاما، وقفت على هذا المنبر لأرحب بدولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. واليوم اقف الوقفة نفسها، للترحيب بالرئيس سعد الحريري".

وأكد ان "مسيرة المؤسسات يرعاها مفتي الجمهورية... بعينه وعقله وقلبه، وهو الذي كان مديرا عاما للمؤسسات، وقاد مسيرتها في أصعب الظروف الأمنية والاقتصادية".

وزان
ومن ثم تحدث رئيس مجلس عمدة المؤسسات وسيم وزان فقال: "بعد غياب أربع سنوات، عدنا لأقامه أفطارنا السنوي هنا، لنشعر معا بدفء هذه المؤسسة، وحنوها علينا وعلى اطفالها ومرضاها، وليس بهدف التوفير ولو انه مطلوب".

وتابع: "نرحب بكم في هذه المؤسسة العريقة التي أنشأها منذ 60 عاما رجل البر والخير والعطاء الدكتور محمد خالد رحمه الله، واستمرت بعده برعاية دار الفتوى والمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى. وتوالى على ادارتها وعمدتها نخبة من رجالاتنا، ومنهم سماحة المفتي الشيخ دريان نفسه، وأيضا نخبة من فاضلات سيدات مجتمعنا كلجان صديقات المؤسسات. وبفضل هؤلاء، وبفضل سمعة الدكتور خالد، استطاعت مؤسساته أن تحظى بثقة المجتمع الأسلامي واللبناني عموما واحترامه، واستطاعت عبر السنوات أن تستمر وتطور نفسها وخدماتها لتشمل الاف الطلاب والايتام والمرضى والمعوقين اجتماعيا وجسديا".

أضاف: "تراكمت انجازات المؤسسات على مدى الاعوام، ولا مجال لتعدادها اليوم، وإنما اود هنا أن أعدد انجازاتها خلال الاعوام القليلة الماضية. فمنذ إنشاء مبنى مركز عدنان ورائدة القصار للشلل الدماغي عام 2015 قامت المؤسسات بإعادة تأهيل وتجهيز معظم أقسام منامة الأطفال وأقسام مستشفى التأهيل الطبي التخصصي. وبمساع من مجلس العمدة ولجنة الصديقات، مول بعض اهل الخير بسخاء، مشروع تحديث غرف المرضى في الطابق الاول في المستشفى التخصصي عام 2016، والبعض منهم موجود بيننا اليوم. وهذه الغرف تتمتع بأعلى مواصفات الراحة والجودة العالمية الحديثة، ومن ثم جددت مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية في 2017 كل غرف الطابق الثاني وبمواصفات مشابهة".

وقال وازن: "كان من شأن هذه التحسينات زيادة نسبة إشغال الأسرة لتقارب 100 في المئة، ووضع لوائح انتظار مع تحسن مضطرد في نسب الشفاء والأيرادات. وبعد عيد الفطر - إن شاء الله - سنقوم بافتتاح رسمي للطابق الثالث الذي يضم قاعات العلاج الفيزيائي. وقد تم تجهيزه بأحدث المعدات وقامت بتمويل هذا القسم إحسان حمدي الزعيم - حفظها الله - كما وتم تجهيز عيادات متخصصة للصعوبات التعلمية والتدخل المبكر للأمراض العصبية لدى الاطفال، بتبرع من معالي الاستاذ عدنان القصار وعقيلته 2018، كما وساهم الحاج علي طبارة بتجديد عيادات الاسنان وحياة المغربي عيادة طب العيون. وقام الشيخ خلدون بركات وعائلته بتأهيل بيت الشباب ونادي الخريجين. ومنذ شهرين أعادت جمعية البساتنة الخيرية تأهيل هذه القاعة. ناسف اننا لم نستطع إزالة العواميد في انتظار المشروع المقبل أن شاء الله".

واردف: "لا بد لي الا أن أنوه بجهود لجنة صديقات المؤسسات ورئيستها بديعة شهاب، بالعناية الكاملة بأطفال المؤسسات ومتابعة امورهم الحياتية اليومية، ليتمتعوا بفرص العيش الكريم تمهيدا لاندماجهم الكامل في المجتمع، وبخاصة بحصولهم على فرص التعليم ومنع التسرب المدرسي لأكثر من اربعمئة طالب سنويا. وفي موازاة أهمية هذه المراكز المتخصصة، كان لا بد من توجيه عنايتنا نحو تحديث الجهاز البشري العامل. ونجحنا بالتعاون مع المجلس الشرعي وبخاصة اللجنة المالية والادارية، في ضخ دم جديد من الشباب والشابات المتخصصين في مجالاتهم للعمل في المؤسسات ولدعم الجهاز العامل الموجود والذي أستطيع ان اقول انني فخور بهم وبإخلاصهم وتفانيهم في العمل، ما يبقي هذه المؤسسات على المستوى اللائق والمحترف الذي يساهم في نجاحها".

وتابع: "على الصعيد التعليمي في مدرسة الامام الاوزاعي، وضمن استراتيجية حتمية التعاون بين مؤسساتنا الاهلية، كل في خبرتها واختصاصها، ولتحسين المستوى العلمي لطلابنا، وقعنا اتفاق تعاون بداية العام الدراسي 2018 -2019، مع جمعية المقاصد الخيرية الاسلامية، على ان تتولى الاشراف الاكاديمي على مدرسة الاوزاعي. ويقوم المسؤولون لدى الجهتين باستمرار بإعادة تقييم لأسس هذه التجربة، والتي برأيي يجب أن تعم الكثير من جمعياتنا العاملة مساهمة في أنجاحها وتطويرها".

وختم: "أعط خبزك للخباز ولكن من دون أن يأكل منه... يجدر الذكر أن حسابات المؤسسات تخضع للتدقيق الداخلي والخارجي من قبل شركة EYالعالمية ما يزيد من ثقة المانحين بها.
ولن نكتفي بما أنجز، بل نتطلع دائما الى استمرار تطوير خدماتنا في المجالات التي برعنا بها وأضافة خدمات حديثة خاصة في مجال التأهيل الطبي والتعليم التكميلي والمهني والانطلاق خارج الاسوار الى المناطق الأخرى التي يمكن ان تستفيد من خبراتنا".

وتوجه إلى راعي الاحتفال بالقول: "نعتز برعايتكم الرشيدة لنا ولمؤسساتنا، ونشهد لكم خلال فترة توليكم دعمكم لنا، وعدم تدخلكم الا نادرا جدا، ولما ترون فيه المصلحة العامة. وفقكم الله في كل المهام التي تصدون لها في هذه الظروف الدقيقة التي تمر فيها شعوبنا وبلادنا".

ووتوجه الى الرئيس الحريري قائلا: "تستطيع يا دولة الرئيس الاعتماد على دعم كل المخلصين والغيارى على لبنان في جهودكم الخيرة. وأود أن أتوجه اليكم بتمن عام أذا أمكن يا دولة الرئيس في ما يخص علاقة الدولة بالجمعيات الأهلية غير الحكومية. ان الكثير من هذه الجمعيات ساهم وعلى درجات متفاوتة وما زال، بصمود شعبنا في وجه كل المحن التي مرت عليه. ونحن نقر أن بعضا منها وهمي او ما شابه. لذلك لا بد من اجراء دراسات شفافة وعلمية لإنتاجية الجمعيات الأهلية العاملة وجدواها الاجتماعية والاقتصادية. ان استمرار مساهمة الدولة مع هذه الجمعيات هو في الحقيقة توفير عليها أي (على الدولة) ومساعدة لها على دعم أبناء شعبها. ومثلما يقال إن مبدأ الشراكة بين القطاع العام والخاص قد ثبتت جدواه، فأن حسن تطبيق هذا المبدأ على القطاع الأهلي لا بد أن يؤتي ثماره".

المفتي دريان
وألقى المفتي دريان كلمة قال فيها: "إنه شهر رمضان، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، شهر التقى والورع، شهر تصفى فيه القلوب، وتسمو الأرواح، يخلد فيه المؤمن إلى ذاته، يحاسب نفسه ويسائلها عما قام به من خير، وما اقترف من ذنوب، ويطلب من الله الغفران والرحمة. هو شهر التوبة والاستغفار، والعودة إلى الله تعالى، والعمل بما أمرنا به ونهانا عنه، هو شهر الإحسان والتسامح، والدعاء إلى الله أن يغفر ذنوبنا، ويكفر عنا سيئاتنا، وينير طريقنا إلى سبيل الرشاد، ويلهمنا العمل بما يحبه ويرضاه، أن نكون فيه عونا للفقير والمحتاج، ونصيرا للمظلوم والمقهور، وملاذا للسائل والمحروم، أن نصل فيه أرحامنا، ونكون بررة بوالدينا، ويمن الله علينا برحماته ونعمائه".

أضاف: "إنها إرادة الخير والعطاء التي تمثلت في رجل أغنى الله قلبه بالإيمان، وفتح أمامه أبواب الرزق والعمل، فاستجاب لنداء الحق، وسخر حياته لخدمة الناس، ومساعدة الفقراء، والدفاع عن المألومين، فأسس مؤسسات اجتماعية وطبية، جعلها في خدمة المرضى وغير القادرين، هو الدكتور المرحوم، محمد خالد، الذي عهد بها قبل وفاته إلى دار الفتوى، التي حفظتها ورعتها، وأكملت مسيرة صاحب الأيادي البيضاء، والتي نشهد لها في هذه الأيام انطلاقة مباركة وناجحة، في خدمة المرضى والفقراء واليتامى، وأصحاب الاحتياجات الخاصة. إنها مؤسسات الدكتور محمد خالد، مؤسسات إسلامية مباركة، راعية وكافلة، تحتضن الأطفال والأيتام، والحالات الاجتماعية، صحيا واجتماعيا ونفسيا وتربويا، وتقوم على رعايتهم وتنشئتهم والعناية بهم، وتتولى من خلال مستشفاها التأهيلي الطبي التخصصي، خدمات العلاج، وتأهيل المعوقين جسديا، وكذلك العلاج الفيزيائي، والبرامج العلاجية للمرضى، ناهيك عما يقدمه مركز عدنان ورائدة قصار، لرعاية أطفال الشلل الدماغي، من رعاية وتأهيل، لكي يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم، والاندماج في المجتمع. وإنها مؤسسات الدكتور محمد خالد، منارات خير من منارات الخير الكثيرة، التي تسطع في سماء وطننا، والتي تنير زوايا العتمة في مجتمعنا، وحياة عائلاتنا وأبنائنا، وتسعى إلى تخفيف آلامهم وأوجاعهم، وتفتح أمامهم سبل الأمل والرجاء، وتؤهلهم للتعلم واكتساب المعرفة، للتغلب على مشاكلهم وأوضاعهم الصعبة، وليتابعوا مسيرة حياتهم، وبناء مستقبلهم بما يكفل لهم حياة مستقلة وكريمة. فبوركت مؤسسات الدكتور محمد خالد، وبورك أهلها والعاملون فيها، ومجلس أمنائها، وجزاهم الله خيرا".

وتابع: "إنها المؤسسات، أيها الإخوة، المؤسسات هي التي تبني، وهي المعتمد الأساسي لبناء المجتمعات والأوطان والدول، يذهب الأشخاص، والمؤسسات تبقى لتكمل مسيرة الحياة، دورنا أن نبني المؤسسات، ومجتمعنا الإسلامي رائد وقوي وكريم ومتبصر، بنى المؤسسات الاجتماعية والتربوية والتعليمية والصحية، والرعائية والإنسانية، وجعلها قبلة الأنظار، ورائدة في مجالات عملها ونشاطاتها، ومثالا يحتذى به في العمل والتضحية والعطاء، والأمثلة عليها كثيرة، وهي مؤسسات تاريخية، لها وجود تاريخي مشرق، في بناء المجتمع، والنهوض به، يكفي أن أذكر بينها، إضافة إلى مؤسسات الدكتور محمد خالد، على سبيل المثال فقط، جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، أم المؤسسات، ودار الأيتام الإسلامية، ودار العجزة الإسلامية، والمركز الإسلامي، من دون أن أغفل سائر المؤسسات الأخرى، المنتشرة على مساحة الوطن، التي نعتز بها كثيرا ونفتخر، والتي أعطت لمجتمعها وما زالت، الكثير الكثير، ولا يمكن أن ننسى أولئك الأخيار من رجالاتنا وعائلاتنا الذين دعموها ووقفوا إلى جانبها، وواكبوا مسيراتها الاجتماعية والإنسانية. ونحن مطالبون جميعا أن نستمر في دعمها ومواكبتها، ونتضامن معها، لكي تستقيم حياتنا، ويستقيم أمر مجتمعنا، ويكون مجتمع خير، ومجتمع أمن وأمان وسلام وعدالة، وهي، مع مثيلاتها تقوم بدور فعال في النهوض بالمجتمع والعائلات الفقيرة والمحتاجة، وتتعاون مع مؤسسات دار الفتوى، وستبقى دار الفتوى لها داعما ومشجعا ونصيرا وحافظا".

وقال: "تعيش البلاد في أزمة اقتصادية ومالية، ويسود فيها جو من القلق والخوف على الأمن الاجتماعي، والأمان الحياتي والمعيشي، ينعكس سلبا على حياة اللبنانيين قاطبة، وعلى مستقبل أبنائهم. ويزيد الأمر سوءا التصريحات والمواقف السياسية المتشنجة والمتبادلة، التي لا توحي بالأمان، ولا تطمئن اللبنانيين على غدهم أو تفتح أمامهم أبواب الأمل والرجاء، وكل فريق سياسي يتنصل من المسؤولية، ويجهد في تحميل المسؤولية إلى الآخر. ونحن نقول للجميع، كلنا مسؤول، فعندما يتعرض الوطن إلى مخاطر اقتصادية أو مالية أو سياسية، يصبح الكل مسؤولا، ومطلوب من الجميع أن يبادر إلى الإنقاذ، والعمل على إيجاد الحلول المناسبة، لإخراج البلاد من أزماتها، ولا عذر، وحل هذه الأزمة، يحتاج إلى مشاركة الجميع، وكل القوى السياسية والفاعليات الاقتصادية والمالية، والطاقات الإنتاجية، بما يحمي البلاد، ويحفز النمو، ويفتح أبواب العمل، ويقضي على البطالة، ويحقق الاستقرار المالي والاقتصادي، والأمان الاجتماعي والمعيشي، بحيث يحرص أولي الأمر ومن في يدهم القرار، على ألا تأتي الحلول على حساب الطبقة المتوسطة والفقيرة، فلم يعد لدى هذه الطبقة القدرة على مواجهة صعوبات الحياة ومآسيها، ولنحفظ لها، على الأقل، كرامة العيش، ولنعمل جميعا من أجل الخير العام، وصون كرامة المواطنين، والكرامة الإنسانية، لأن الكرامة الإنسانية هي من كرامة الوطن، ونحن من جهتنا، سنكون داعمين ومؤازرين لكل خطوة ومبادرة تتخذها الحكومة، ورئيسها، ولكل حل يكون الهدف منه إنقاذ البلاد من أزماتها، وتحقيق المصلحة العامة، والخير العام".

وأكد ان "آمال اللبنانيين ما زالت معقودة ومعلقة على حكمة القيادات السياسية وتعقلها ووطنيتها، تأكيدا لمفهوم التكافل والتضامن الوطني، لكي تتعاون وتتفاهم مع بعضها، وتترفع عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية، وتفكر في المصلحة العامة، وتولي الناس اهتماماتها. فلقد عانى الناس كثيرا، وتألموا كثيرا، وتحملوا كثيرا، وصبروا كثيرا، ولم يعد في وسعهم أن يصبروا أكثر، وهم يستحقون منكم أن تفكروا فيهم، أن تفكروا بأسرهم، وتحرروهم من معاناتهم، وتحلوا مشاكلهم، وهي كثيرة، وتطمئنوهم على أمنهم وحياتهم ومستقبل أولادهم، وتصونوا كراماتهم، وتبدأوا بزخم وقوة، في الشروع بعملية الإنقاذ، متكاتفين متضامنين، ليعود لبنان وطن حرية وأمن وأمان، ووطن سلام، ووطن رفاهية ووئام، فهل هذا الأمر شاق عليكم، أن تعملوا من أجل الناس، وأنتم مكلفون، والسلطة بين أيديكم هي تكليف لا تشريف، ومسؤولية وأمانة، لا جاها ولا استعلاء، واللبنانيون يستحقون؟".

وختم: "رمضان كريم، وكله خير وبركة، فاستفيدوا من خير رمضان وبركاته، وانهلوا ما استطعتم من تعاليمه ومبادئه ورضوانه، وافتحوا قلوبكم لكي يملأ رمضان بنوره قلوبكم، وارفعوا أكفكم بالدعاء إلى الله، لكي يلهمنا الخير، وينير حياتنا وأرواحنا، ويهدينا إلى ما فيه صلاح أمرنا، إنه نعم المولى ونعم النصير".

صورة editor14

editor14