التبويبات الأساسية

عقد وزير الثقافة الدكتور غطاس الخوري مؤتمرا صحافيا اليوم، تخلله عرض لخمس قطع اثرية فقدت من مستودعات المديرية العامة للاثار واستعيدت اليوم بعد ما يقارب من 37 عاما الى المتحف الوطني، وهي عبارة عن منحوتة من الرخام لرأس ثور واربعة تماثيل رخامية لرجال وفق النمط اليوناني وذلك للقرنين الرابع والسادس قبل الميلاد، حيث تم عرضها امام الاعلام والجمهور في حضور سفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان اليزابت ريتشارد، مساعد مدعي عام مدينة نيويورك الكولونيل ماثيو بغدانوس والخبير السويسري رولف شتوكي وعدد من سفراء الدول العربية والاجنبية والبعثات الدبلوماسية.

عفيش
بداية، النشيدان اللبناني والاميركي ثم كلمة لحافظة المتحف آن ماري عفيش التي رحبت بالحضور لتلبية الدعوة للاحتفال "بإسترداد قطع أثرية تعود الى معبد اشمون في صيدا، كانت قد فقدت من احد مخازن المديرية العامة للاثار في جبيل خلال الحرب عام 1981".

وقالت :"يأتي هذا الإحتفال الوطني اليوم في صلب التعاون بين وزارة الثقافة والجهات المعنية الوطنية، وزارة الخارجية والمغتربين والجمارك اللبنانية والجهات الدولية وخاصة سفارة الولايات المتحدة في لبنان ومكتب المدعي العام في نيويورك الذين عملوا سويا لتنفيذ هذا الإنجاز".

شتوكي
ثم تحدث شتوكي الذي وثق ودرس كافة اكتشافات موقع اشمون الأثري عن "الاهمية التاريخية للمنحوتات الرخامية الخمس"، ثم عرض بغدانوس آلية عمل، مؤكدا "اهمية القطع المستعادة ورمزها الى التراث اللبناني وعلاقته مع محيطه من بلدان البحر المتوسط وتواصله منذ زمن مع مختلف الحضارات، وان مهمة مكافحة الاتجار بالاثار المهربة مستمرة ولن تتوقف"، كما اثنى على "تعاون وزارة الثقافة والمديرية العامة للاثار لاسترداد القطع الاثرية التي كانت موجودة في نيويورك".

ريتشارد
والقت ريتشارد كلمة أبرزت فيها "التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة الأميركية والحكومات اللبنانية كي تتم بنجاح عملية استرداد القطع الأثرية وإعادتها إلى موطنها الأصلي".

وقالت: "شكرا لكم جميعا لحضوركم. وشكرا لكم معالي الوزير والضيوف الكرام، وخاصة مديرة المتحف آن ماري عفيش التي عملت كثيرا على هذه القضية بالذات. تعلمون عندما أتحدث عن علاقتنا مع لبنان، أنا تقريبا دائما استخدام كلمة شراكة، وأنا استخدمها عن تصميم لأنها كلمة خاصة جدا وتحمل معنى خاصا جدا، والشراكة تأتي فقط عندما يكون لدينا قيم مشتركة. هذا هو الوقت الوحيد الذي يكون فيه شراكة، وأعتقد أن اليوم هو مثال عظيم على حقيقة أنه على الرغم من خلاف هنا أو جدال هناك، فنحن، الولايات المتحدة ولبنان، نتقاسم بشكل أساسي القيم ذاتها، وواحدة من هذه القيم هي تقديرنا لتاريخنا، وثقافتنا، وتراثنا المشترك، وأعتقد أنه إذا نظرتم حول هذا المتحف الرائع، فلن تروا مجرد عرض لما هو تاريخ لبنان، ولكن هذا هو تاريخنا كعالم. هذا هنا هو استذكار للتاريخ العالمي وأنا أقدر كل يوم ما يفعله كل واحد هنا للحفاظ عليه".

اضافت: "الشيء الثاني الذي أود أن أقوله بشأن موضوع الشراكة هو أن السيد بوغدانوس كان بليغا جدا في إبراز كم عمل اللبنانيون بجد لاستعادة هذه الآثار إلى لبنان، ولكنني أود أيضا أن أقول كلمة حول العمل الجاد الذي قام به لبنان لإستعادة آثار تعود لأناس آخرين وإرجاعها إليهم. أنا أعلم أنه كان هناك جهد بلا كلل على مر السنين لمسؤولي الوزارة اللبنانية ومديرية الآثار ولكن أيضا للأجهزة الأمنية: كالشرطة والجيش وأجهزة أمن وحدود أخرى حيث ضبطوا آثارات آتية من سوريا ومن العراق، ومن أماكن أخرى، وقاموا بمصادرتها، وحفظها في مكان آمن واستطاعوا إرجاعها في عدد من الحالات إلى بلدان المصدر. لذلك أود أن أقول لكم كلمة تقدير لما قمتم به تجاه الآخرين، وهذا أقل ما يمكننا القيام به للبنان لمساعدتكم على استعادة ما هو حق لكم".

وتابعت: "إن الشيء الأخير الذي أود أن أقوله للجميع اليوم هو أنني في كل مرة آتي فيها إلى هذا المتحف، أشعر بالإلهام نفسه ولقد رأيته اليوم حقا مع كل العمل الذي تم القيام به الذي هو قوة الشخص الواحد، قوة وتأثير شخص واحد يقوم حقا بتغيير جذري. لقد كان هناك إنسان قيم على متحف ما في نيويورك، وأنا لا أعرف من هو، نظر الى هذه الآثار وقال إن هناك شيئا غير صحيح. كان لدى هذا الشخص مشرفون عليه قالوا له إننا نستمع إليك، هناك شيء غير صحيح. اتصلوا بأشخاص في لبنان فكان لديكم أشخاص قالوا نحن هنا وإننا نعمل بهدوء على مدى سنوات عديدة لتوثيق تراثنا وسنعمل معكم في هذا الشأن".

وختمت: "لدينا أفراد في مجال إنفاذ القانون قالوا إننا سنعمل على هذا، ونحن سوف نأخذ هذا على عاتقنا، وأنا حقا أريد أن أؤكد، وأنا اقف خصيصا في هذا المتحف اليوم، لأنني كنت دائما أتذكر السيد موريس شهاب وهو مصدر إلهام لي حول قوة وتأثير الشخص الواحد: شخص واحد أخذ المبادرة ليقول أنا ذاهب للعمل من أجل الحفاظ على التاريخ لما ينتمي بحق للتاريخ، وقام بذلك فعلا خلال فترة الحرب الأهلية. وفي كل مرة أكون هنا أشعر بالامتنان له ولما فعله، لذلك أود أن أقول لكم جميعا، أنه بالنسبة لي شخصيا، انا آخذ الإلهام من هؤلاء الأفراد وآمل أن نتمكن جميعا من الشعور بالإلهام للقيام بما نحتاج إلى القيام به في المستقبل للحفاظ على التراث لجميعنا".

خوري
من جهته، اعرب خوري عن "سروره لهذا الانجاز اليوم" وقال: "يسعدني أن نكون معا اليوم لكشف النقاب عن خمس قطع أثرية قيمة استعادها لبنان مؤخرا كانت قد فقدت من مستودعات المديرية العامة للآثار ونحن سعداء باسترجاعها لأخذ مكانها في أرجاء المتحف الوطني، ولا يسعني إلا أن أعبر عن خالص امتناني وشكري لكل من ساهم وساعد على استعادة هذه القطع التي وجدت في لبنان واوروبا والولايات المتحدة والشكر الخاص هنا الى السفارة الأميركية في لبنان بشخص السفيرة ريتشارد وطاقم عملها. ويعود الفضل باسترجاع هذه القطع الأثرية الى مكتب المدعي العام في مدينة نيويورك ومساعده الموجود معنا الكولونيل ماثيو بغدانوس الذي لم يدخر جهدا في هذا الصدد والذي لا يزال يعمل جاهدا في التحقيقات ذات الصلة. لقد تمكنا من خلال القضية التي شملت في البدء قطعة رأس الثور الاثرية من الكشف عن ثلاث قطع لأثرية منهوبة أخرى كانت موجودة في نيويورك".

اضاف: "اتوجه بالشكر الى الكولونيل بوغدانوس لالتزامه اللامتناهي في مكافحة الاتجار بالآثار والعمل الدؤوب الذي يقوم به للمحافظة على التراث في لبنان ودول أخرى في المنطقة. نود ان نشكر كل من ساهم من القطاع الخاص في التحقيقات والاجراءات التي أدت في نهاية المطاف الى استعادة هذه القطع الأثرية. ونشكر على وجه الخصوص، مكتب المحاماة "كليري غوتليب" الذين ساهموا مجانا بتمثيل لبنان في هذه القضية قناعة منهم بضرورة الحفاظ على التراث والمخزون التاريخي للدول، كما نعرب عن امتناننا الى المدير السابق والمدير التنفيذي لمتحف المتروبوليتان في نيويورك السيد توماس كامبل الذي تنبه الى أصول قطعة رأس الثور التي تعود الى لبنان وأبلغنا بذلك في شهر كانون الأول من العام 2016. وأشكر البروفيسور رولف ستوكي مجددا على قيامه بتوثيق كافة القطع التي عثر عليها خلال أعمال التنقيب في معبد أشمون والتي ساهمت في ضمان استعادة هذه القطع وغيرها".

وتابع: "نرحب بحضور بعض الأشخاص ممن ساهموا في هذه القضية بيننا ونأمل ان تستمتعوا باقامتكم في لبنان وأن يتسنى لكم الاطلاع على تاريخه الغني. أتوجه بالشكر الجزيل لشريكنا المؤسسة الوطنية للتراث ولرعاة هذا الحدث: شركة طيران الشرق الاوسط وبنك SGBL وغيرهم لدعمهم المتواصل لوزارة الثقافة. وأود ان أعبر عن عرفاني بالجميل للفريق العامل وللعاملين في وزارة الخارجية والمغتربين وبالطبع أيضا لاولئك العاملين في وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار. أتمنى أن تحافظوا على التزامكم بهذا المتحف وبالحفاظ على الممتلكات الثقافية الوفيرة للبنان التي وفي الواقع انما هي ملك لعامة الناس. كما واننا جميعنا ملتزمون قدر المستطاع باسترداد العديد من القطع التي سرقت من لبنان خلال الحرب".

واردف: "في هذه المناسبة، اود التعبير مجددا عن التزامنا بحملة " تراثنا ليس للبيع " التي اطلقناها مؤخرا بالتعاون مع اليونسكو وان ادعو الافرقاء كافة في القطاعين العام والخاص لمؤازرتنا في جهودنا. ان الهدف من هذه الحملة انما يقضي في التصدي للاتجار غير المشروع بالآثار. ولهذا، اننا نشارك في حملات توعية ودورات تدريبية متعلقة بالجمارك وانفاذ القوانين للتمكن من اتمام عملنا بفعالية. وتجدر الاشارة الى انه ومؤخرا قد تم تفعيل مرسوم جديد يرمي الى الحث على تسجيل الآثار بما فيها المجموعات الاثرية الخاصة، عملا بما تنص عليه القوانين المرعية الاجراء والمعاهدات الدولية وذلك من اجل توفير الفرصة للعامة للمشاركة في حماية وتوثيق تراثنا".

وختم: "واخيرا وليس آخرا، اود ان اطلب من مواطنينا الانضمام الينا من خلال تعاونهم معنا من اجل ضمان حق اطفالنا واولادنا في الاطلاع على تاريخ لبنان الغني والافتخار به. وفي معرض ختامي لهذه الكلمة، اود ان اتوقف عند ما لهذا المتحف من رمزية اذ يقع على ما كان يسمى "الخط الأخضر" ما بين الاطراف المتنازعة خلال السنوات الطويلة للحرب الاهلية، وانه شاهد على الفترات الابشع من تاريخنا ولكنه، هذا المتحف، يبقى ساميا اليوم ويواصل مهمته في الاثناء على تاريخنا الرائع والغني. اننا، وفي هذا الصدد، نتطلع الى استعادة المجموعات العائدة اليه، آملين ان تحمل ذاكرة لاخطاء الماضي وان تكون شعلة وقادة للتفاؤل بمستقبل أفضل في آن معا".

وقدم خوري دروعا تقديرية لكل من ريتشارد، بغدانوس، شتوكي والمحامية جوانا الخوري ممثلة مكتب المحاماة Cleary Gottlieb Steen& Hamilton LLP في نيويورك الذ ي دافع عن المديرية العامة للآثار في الدعوى التي رفعت ضدها، حيث تمكن المكتب من ربح الدعوى باستعادة القطع الاثرية.

صورة editor11

editor11