المصالحة راسخة ولا شيء ولا أحد يستطيع أن يؤثر بها
حين تكثر التحديّات ويكبر حجم المسؤوليّات لا بدّ من توافر شخصيّة إستثنائية تكون قادرة على مواجهة الإستحقاقات والوفاء بالإلتزامات للعبور إلى شاطئ الأمان. في الشوف وتحديداً في مزرعة الشوف، تمكّن رئيس بلديّة مميّز، وبمثابرة يشهد لها الخصوم قبل الأصدقاء، من تحقيق إنجازات عجزت عنها دولة بمؤسساتها وأجهزتها وإمكانيّاتها الضخمة. لا عجب، فهو ابن مدرسة المعلّم كمال جنبلاط حيث الرجال لا يتراجعون عن كلمتهم ولا يتخلون عن مسوؤلياتهم مهما بلغت الصعوبات. فهنا المصلحة العامة تتقدّم على كلّ شيء، وكما الأمر بالنسبة لمزرعة الشوف التي يرأس بلديّتها كذلك بالنسبة لاتحاد بلديات الشوف السويجاني الذي يرأسه أيضاً، فيحيى أبو كرّوم، الشاب الملتزم والمثقف، أظهر مهارة في إبتكار المشاريع وإيجاد الحلول للأزمات العديدة التي واجهت مسيرته بمساندة زملائه في المسؤولية وأيضاً بمباركة الأستاذ وليد بك جنبلاط الذي يحضن المشاريع الإنمائية ويحرص على متابعتها حتى الوصول إلى غاياتها المرجوّة.
مع رئيس إتحاد بلديات الشوف السويجاني ورئيس بلديّة مزرعة الشوف المهندس الأستاذ يحيى أبو كروم نتوّقف للحديث عن آخر الإنجازات الإنمائية التي تحققت وعن أجواء المصالحة في المزرعة و في الجبل عموماً.
عائدات البلديات غير متوازنة وغير عادلة
- أن تكون رئيس بلدية وفي الوقت نفسه رئيساّ لإتحاد بلديّات فتلك مهمّة صعبة، كيف توفّقون بين المسوؤليتين؟
طبعاً لكلّ مهمّة حقّها، إنّما ما يساعدني في هذا الإطار هو وجود فريق عمل مميّز جدّاً يساندني سواء بالنسبة إلى البلدية أو غيرها والمجلس البلدي الذي يتألف من مجموعة شبّان وشابات ناشطين يقوم بدور أكثر من ممتازعلى هذا الصعيد، والأمر نفسه بالنسبة إلى الإتحاد حيث رؤساء البلديّات يظهرون تعاوناً مشكوراً، فرغم إختلاف وجهات النظر فيما بيننا في أحيانٍ كثيرة، إنما جميعنا نعمل تحت سقف هدف واحد ألا وهو إنماء بلداتنا، الأمر الذي يسهّل العمل ويدفعنا باتجاه النجاح.
- ماذا تقولون عن نشاطكم في الإتحاد وما هو دوره على مستوى المنطقة؟
إنّ إتحاد بلديّات الشوف السويجاني هو مثل غالبية الإتحادات البلديّة، فهو عبارة عن شراكة أو تجميع طاقات البلديّات لأهداف إنمائية تنموية عامة. يضمّ هذا الإتحاد بلديّات 9 قرى، أو بالأحرى 10 قرى ممثلة بـ 9 بلديّات، وهي مزرعة الشوف، الكحلونية، الجديدة التي تضم بقعاتا والسمقانية، عين وزين، غريفة، بعقلين، عينبال وعترين. وقد أطلقت تسمية «الشوف السويجاني» نسبةً لمنطقة سويجان التي تتوسط القرى التسع والتي تشكل تقاطعاً جغرافيّاً ملفتاً.
اليوم يقوم الإتحاد بمشاريع عديدة في تلك المنطقة نظراً لمساحتها الشاسعة، ولعلّ أبرزها مشروع «ستاد سويجاني» الذي هو عبارة عن مدينة رياضيّة تضمّ ملاعب متنوّعة ومن بينها ملعب كرة قدم بمواصفات ومعايير دولية وقد تمّ تجهيزه وتنفيذه حسب المواصفات علماً بأن الداعم الأساسي لهذا المشروع كان الأستاذ وليد بك جنبلاط كما درجت العادة، فهذا الأخير يواكب كلّ نشاطاتنا ويتابع عن كثب كلّ المشاريع وتكون له اليد الطولى في توفير المساعدات والمساهمات، فما يميّزنا كبلديّات أو كاتحاد هو وجود رعاية سياسية حكيمة لنا تضاف إلى رعاية تنموية وأيضاً مادية عند كل إستحقاق.
- لقد نصح الزعيم وليد جنبلاط المعنيين بملف النفايات بالإقتداء بإتحاد بلديات الشوف – السويجاني فكيف تخلصتم من هذه الأزمة التي أرهقت المجتمع اللبناني؟
بالفعل صحيح، ففي الشوف لا توجد أزمة نفايات، إذ نجحنا بتشغيل معمل نموذجي لفرز النفايات، علماً بأن هذا المعمل كان قد أنشئ في العام 2009 بدعمٍ من الإتحاد الأوروبي في منطقة صليّب، وهو اليوم بات مجهزاً لخدمة كافة بلدات وقرى القضاء.
فنحن وبعد تراكم المشاكل مع الجهات المشغلة للمعمل، قمنا باستلام زمام الأمور في العام 2016 وعمدنا إلى تطويره وتوسيعه في خطوة جريئة من أجل معالجة الأزمة المستفحلة، وذلك بمؤازرة كافة بلديّات الاتحاد وبالتعاون مع زارة التنمية الإدارية ووكالة التنمية البريطانية ومؤسسة «مرسي كور» التي قدمّت لنا مجموعة من المعدّات مثل «بك آب» و «بوبكات» وجرافة ومكبس للنفايات. وأيضاً من دون أن ننسى الدعمٍ المطلق الذي يوّفره لنا وليد بك جنبلاط والذي ترجم على الأرض من خلال تقديمه هنغاراً ضخماً لتوسيع المعمل بالإضافة إلى تجهيزه بالموّلدات الكهربائية اللازمة، حتى بات هذا المعمل الأول من حيث القدرة الإستيعابية التي تصل إلى 100 طن، علماً أنه يستقبل حالياً 40 طناً بعد فتح مطمر الكوستا برافا، فالإتحاد وكما إلتزم منذ بداية التشغيل بتأمين المعدات المطلوبة، وتدريب فريق العمل وتزويدهم بكافة المستلزمات، يصّب جهوده اليوم من أجل تأمين كافة الآليات المتطورة لجعل هذا الأخير من أهم معامل فرز النفايات في لبنان.
- ماذا عن التزامات الدولة المادية تجاهكم، هل تكفيكم؟
بالنسبة إلى حقوقنا الأساسية المترتبّة على الدولة إتجاهنا، فنحن مثل غالبية البلديات نعاني حرماناً مزمناً على هذا الصعيد، على إعتبار أن العائدات لا تدفع في وقتها، فلا نعرف التوقيت ولا المعايير كما لا نعرف كيفية الإحتساب، باختصار يمكن القول أن العائدات لا تدفع بشكلٍ عادل ولا متوازن والمشلكة الأساسية التي تسبب هذا الوضع هي ارتباط البلديّات بوزارة الداخلية التي تضع الموضوع الأمني في سلم أولويّاتها فيما يبقى موضوع البلديات ثانوياً بالنسبة لها. ونحن نرفع الصوت مع الجهات المعنية، لكن مشروعاً كهذا يتطلب تشريعات معيّنة ومساراً طويلاً.
- ماذا عن بلدتكم ، مزرعة الشوف؟
تعتبر مزرعة الشوف من أكبر بلدات قرى القضاء من الناحية الجغرافية حيث تعدّ ثاني أكبر بلدة في الشوف، مساحتها كبيرة نسبياً تبلغ حوالي 14 ألف هكتاراً فيما عدد سكانها يقارب الـ 9000 ألآف نسمة. تتميّز البلدة بالعيش المشترك بين أبنائها وفي الحقيقة تعتبر المزرعة قرية لبنانية نموذجية أصيلة، فهي بلدة المصالحة التي تفتخر بتراثها وتاريخها، وطبيعة أهلها وتمسكّهم بعاداتهم وبتقاليدهم .
- هل تحققت العودة كلياً هنا؟
العودة تحققت طبعاً، فمصالحة الجبل التاريخية التي باركها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والأستاذ وليد بك جنبلاط هي ثابتة وراسخة فعلاً لا قولاً ولا شيئاً ولا أحداً يستطيع أن يؤثر بها. إنما هناك أسباب أخرى قد تؤخر عودة الأهالي وهي تتعلق بظروف إقتصادية معيّنة. فنحن في الحقيقة نفتقد لحضور الشباب المسيحي في المرزعة، وما نقوم به اليوم نحن كبلدية هو العمل مع الرعية من أجل ترسيخ العودة من خلال مشروع متواصل يتخلله حلقات عديدة ونشاطات إجتماعية وثقافية ورياضية مشتركة بين شباب البلدة وبين تجمع مسيحيي المزرعة في الشياح من أجل تعزيز التواصل الذي نعتبره من الأمور المعنوية الأساسية التي تساهم في تطور البلدة وإنمائها.
- ماذا عن مشاريع البلدية؟
بالنسبة إلى المشاريع، هناك سلسلة مشاريع تعمل البلدية على تنفيذها ولعّل أبرزها مشروع مدرسة مزرعة الشوف الرسمية حيث أخذنا على عاتقنا كبلدية دعم هذه المدرسة، من هنا قمنا بإنشاء مبنىً يتألف من 4 طوابق يضمّ ملعباً مسقوفًا وقد تم تجهيز أحد طوابقه بالتعاون مع السفارة التيشكوسلافية، كذلك استطعنا تأمين تجهيز قاعة متعددة الأغراض في المدرسة بتمويلٍ من الوكالة الأميركية للتنمية «US AID».
على خطٍ موازٍ، قمنا بإنشاء خزّان مياه لأهل البلدة على ان يتم تجهيزه من قبل وزارة الطاقة لنتخلّص من مشكلة توزيع المياه لأن البلدة تتغذى من مياه الباروك، وكذلك قمنا بإنشاء بحيرة لتجميع مياه الشتاء. نحن في الحقيقة نعمل على تنفيذ مشاريع نوعيّة مدروسة وفق خطة إنمائية وأخرى ىسياحية بيئية تهدف إلى إظهار جمال المزرعة وخصوصّيتها.
- كلمة أخيرة ...
في النهاية ، أنا أتمنى على السياسيين أن لا يلعبوا دور أصحاب الإختصاص حتى نستطيع تحقيق إنجازات، لا بل يدعمون العمل الإنمائي الذي تقوم به البلديات عامة، أسوة بما يحصل في الشوف والدعم الذي نلقاه من الأستاذ وليد بك جنبلاط.
وائــــل خلــــيــــل