وجهٌ لبنانيٌّ لطيفٌ ومتألّق، رفع راية البلاد ليس في مجال الجمال أو الفنّ هذه المرّة، إنّما في مجالي العلم والمعرفة. فإسمها حلّق عاليا ً في سماء فرنسا وأوروبا بعدما سجّل لها التاريخ اختراعات بارزة في عالم الإتصالات والتكنولوجيا الحديثة. هي الدكتورة ماريتا حجيج، طاقة شبابية لامعة تعطي أملا ً بمستقبلٍ واعدٍ ومزدهرٍ رغم حالة اليأس واللامبالاة التي باتت تلقي بثقلها على الكوادر اللبنانية. أسرة مجلّتنا تلقي الضوء على هذا الجانب المضيء من مجتمعنا وتتعرّف على تجربة هذه الشابة إسهاما ً منها في نقل الطاقة الإيجابية لمجتمعٍ تتآكله الهموم.
ϒ بإختصار كيف تعرّف الدكتورة ماريتا حجيج عن نفسها؟
أنا كنت طالبةً في جامعة الروح القدس في الكسليك وقد تخصّصت في مجال هندسة الإتصالات، ولاحقا ً أكملت تحصيلي العلمي في فرنسا وتحديدا ً في جامعة Telecom Bretagne حيث نلت شهادة الدكتورا في المجال نفسه. حالياً أُعطي دروسا ً في الجامعة حيث تعلّمت في الوقت الذي أستمرّ في إجراء الأبحاث المتعلّقة في مجال الإتصالات والتكنولوجيا الحديثة.
ϒ هل تعتبرين أن الجامعة ساهمت في وصولك إلى ما أنت عليه اليوم؟
إنّ ما يميّز هذه الجامعة بالتحديد هو أنّها تجعل أساتذتها وطلاّبها يشعرون بالإنتماء الشخصي إليها، بمعنى أنها تمنحهم شعوراً بالراحة يعادل شعورهم أثناء تواجدهم في المنزل، بالإضافة إلى أنّها تمنح طلاّبها دوافعا ً وحوافزا ً كما تفتح لهم آفاقا ً واسعة لبناء مستقبلهم، والأمر نفسه بالنسبة إلى الأساتذة حيث تؤمن لهم الدعم الكامل ليكونوا خير ممثلين للبنان أينما تواجدوا.
ϒ ما أهمية المنح الدراسية للطالب، ونحن نعلم انّ الجامعة ساهمت في تغطية تكلفة مسيرتك الأكاديمية؟
صحيح ٌ بالفعل، والفضل بذلك يعود بداية إلى جامعة الروح القدس التي تقدّر طاقات طلاّبها، فهي كانت تدعمني في مسيرتي الأكاديمية إلى أبعد حدود وقدّمت لي منحا ً لا تقل قيمتها عن 75 % لأنني كنت من المتفوقين، حتى في شهادة الدكتورا دعمتني الجامعة، إنّما لا شك ان الطالب هو من يتعب على نفسه ولا بدّ من أن يثمر هذا التعب في يوم.
ϒ ماذا تخبرينا عن تجربتك اللامعة في عالم الإتصالات؟
التجربة كانت ضمن إطار الأبحاث التي أجريها في سعيي لنيلي شهادة الدكتورا، وقد حصلت على برائتي اختراع وحاليا ً نحن بصدد العمل على اثنتين أخريتين يجري العمل على تسجيلهما وهما أيضا ً تتعلّقان في مجال الإتصالات وكيفيّة تطويره في خدمة الجيل الخامس G5، فقد استطعنا تحقيق معدّل 20% كتفوّق في السرعة المحليّة للإنترنت وقد تمّ تسجيل هذا الإنجاز في أوروبا على مستوى الإتحاد الأوروبي، طبعا ً الأمر لم يكن سهلاً فقد تطلب ذلك 4 سنوات من العمل والجهد، لكن والحمد لله تمكّنا من وضع بصماتنا في الخارج.
ϒ كيف تقيمين وضع الإنترنت في لبنان اليوم؟
إنّ سوء حال الإنترنت يعود لعدّة أسباب أوّلها البنى التحتية الموجودة والتي هي في الأساس تعاني ضعفا ً وترّهلا ً، اليوم بدأ الإنتقال إلى عالم Fiber Optic وبدأنا نلجأ إلى التقنيات الحديثة التي تساعدنا في زيادة سرعة الإنترت، وأيضا ً تساعدنا في الحصول على الإنترنت، إذ توجد مناطق في لبنان لا تشملها التغطية الكاملة، لكن أنا أرى بأن الأمور تسير باتحاه الأفضل. بالفعل لقد كان الوضع سيئا ً، إنّما اليوم هناك عملٌ جدّي وهناك مسعى للإستفادة من كافة الطاقات الموجودة لدينا، ونأمل في أن يصبح واقع الإنترنت أفضل على المدى البعيد.
ϒ ما هي حدود طموحك؟
إنّ طموحي لا يتوّقف في مكانٍ معيّنّ ولا يمكن تحديده داخل أطرٍ معيّنة، ذلك أن مجال الإتصالات في حدّ ذاته دائم التطور، فهناك أبحاثٌ مستمرّة وتقنيات مستجّدة لتطوير الشبكة. ونحن في هذا المجال بحاجة إلى تطوير أنفسنا حتى نستطيع مواكبة هذه الدراسات وتلبية كافة الإحتياجات والمتطلبات التكنولوجية الخاصة في عالم الإتصالات. من هذا المنطلق لا حدود لطموحي، نحن كما قلت في حالة مواكبة دائمة حتى يتمكّن لبنان من تطوير وتحسين خدماته.
ϒ هل تنصفكم الدولة أنتم كطاقة شبابية؟
الدولة تنصفنا قدر استطاعتها، على المستوى الشخصي إلتقيت منذ فترة غير بعيدة بوزير الإتصالات جمال الجراح، الذي أبدى لي دعما ً كبيرا ً حتى انّه دعاني إلى الوزارة لعقد مؤتمر صحافي والحديث عن آخر التطوّرات في هذا المجال. لا شكّ أن هناك دعما ً وحتى لو كان معنوياً فهو مهمّ لنا ونأمل في أن تتمّ ترجمته على أرض الواقع بما يخدم المجتمع ككلّ، نحن نشعر بنوعٍ من التفاؤل ونسعى للتعاون مع الجهات الرسميّة المعنيّة، ولا ننسى أن الفريق الوزاري هو جديد إلى حدٍّ ما وهو يعمل ما في وسعه لإحداث تطوير، كما لا ننسى في هذا السياق اللفتة التشجيعية التي خصّصتها للطلاب وهو دليل إهتمامٍ ننظر إليه بإيجابية.
ϒ لقد أُثبت ان النساء يستطعن التفوق على الرجال في مجالي العلم والعمل، ما هي رسالتك لسيدات لبنان؟
أنا من موقعي اليوم أشجع النساء جميعا ً لا بل أدعو أي شخص إلى استغلال الفرصة التي قد تأتيه، فأنا عندما أُتيحت لي فرصة نيل شهادة الدكتورا لم أتردد رغم معرفتي بأنها تتطلّب تعبا ً وسفرا ً وسهرا ً ومجهودا ً، إذ لا بدّ من بذل التضحيات لكي نستطيع الوصول إلى الغاية المنشودة. والمرأة بالتحديد تملك طاقات كثيرة ومميّزة إنما يتوجب عليها معرفة كيفية إدارتها و توظيفها في المكان المناسب، لأن الفرصة لا تأتي في كلّ يوم.
ϒ هل تعتبرين بأنك نلت فرصتك في هذه الحياة؟
أنا أعتبر بأنني نلت فرصا ً كافية في هذا العمر، فما وصلت إليه لغاية اليوم هو جيّد جدّا ً ويرضيني، لا سيّما إنخراطي في السلك التعليمي في الجامعة وهذا ما اعتبره أمرا ً صعبا ً ومميزا ً في الوقت نفسه، علما ً أنني شاركت في الكثير من المؤتمرات الدوليّة حتّى بتُ أجد نفسي في موقع منافس لشركات عالميّة ضخمة.
ϒ كلمة أخيرة...
أنا أحب أن أشكركم على لفتتكم وتشجيعكم للطاقات الشبابية، وكإمرأة أقول للسيّدات بأنهن العنصر الأقوى في المجتمع، وأوّد أن أقول للطلاّب أيضا ً، بأن أي إنسان يستطيع الوصول والنجاح لكن المسألة تتطلب تعباً وتضحيات، من هنا أدعو الجميع الى العمل على تطوير قدراتهم وتعميقها لتحقيق المستقبل المنشود