التبويبات الأساسية

لا يختلف إثنان على أن قطاع النقل البرّي ولا سيّما قطاع الشاحنات يعدّ من أبرز القطاعات الحيويّة بالنسبة لإقتصاد أيّ دولة، وإذا ما تضررّ، يتضرّر معه السوق الإقتصادي بمجمله. ولا يختلف اثنان أيضاً على أن تنظيم هذه القطاعات في لبنان لا يزال بعيداً عن الحدّ الأدنى المطلوب بفعل عدّة عوامل قد يكون أهمّها الإستنسابيّة في تطبيق القوانين، فما موجة الإضرابات التي تنفذّها إتحادات النقل والنقابات بين الحين والآخر سوى دليل إمتعاضٍ من الفوضى المستشرية التي تتحكّم بالقطاع. إن نقابة سائقي الشاحنات هي واحدة من النقابات التي لطالما رفعت الصوت مطالبةً بوضع حدّ لهذه الفوضى وتنظيم القطاع بما يخدم مصلحة الجميع من دون إستثناء. وبالفعل فإن رئيس النقابة شفيق القسيس لم ولن يوّفر جهداً من أجل تنظيم القطاع والدفع به نحو التقدم والإزدهار، فهو لا يتهاون مع السائقين المخالفين وفي الوقت عينه لا يتراجع عن المطالب التي يعتبرها حقوقاً مقدسة حتى لو اضطرّ الأمر إلى الضغط من خلال إستخدام سلاح الشارع الفتّاك. عن هذا القطاع وأبرز التحديّات والعراقيل التي تواجهه، يحدثنا رئيس نقابة سائقي الشاحنات شفيق القسيس في حوارٍ شاملٍ نستعرض في ما يلي أبرز ما دار به.

- كيف تقيمون حالة القطاع اليوم؟
إنّ قطاع الشاحنات يعتبر عاملاً أساسياً مهمّاً جدّاً بالنسبة للدورة الإقتصاديّة اللبنانيّة، فهو محركٌ أساسي لها وأي ضرر يلحق به من شأنه أن يؤثر سلباً على الوضع الإقتصادي برمتّه، فحتى رغيف الخبز لا يمكن تأمينه لولا الشاحنات وعملها.

{{ هناك دوماً شكاوى
من الناس حول التوقيت }}

- سير الشاحنات أو سرعتها، ماذا تقولون حيال ذلك؟
أنا أستطيع التأكيد بأن 90% في المئة من سائقي الشاحنات يلتزمون بالتوقيت والسرعة المحددة لهم في قرار وزارة الداخلية، بإستثناء من حصلوا على رخص للسير في مختلف الأوقات كالصهاريج، الجبالات، وشاحنات المياه وغيرها. ونحن في النقابة من جهتنا، نرفع الغطاء عن أيّ سائق مخالف، والشكاوى التي نتلقاها في هذا الإطار تراجعت عن السنوات الماضية حتى أن عمليّة تَسْطير مخالفات بحق السائقين غير الملتزمين بالقوانين سواء لجهة توقيت السير أم لجهة السرعة شهدت تراجعاً ملحوظاً. ونحن هنا بالمناسبة نشدّد على ضرورة وأهميّة تثقيف سائق الشاحنة والتأكد من مهارته ومناقبيته وقدرته على التحكّم بميوله والسيطرة على أهوائه التي قد تتسببّ بكارثة عند أقلّ خلل لا سمح الله.

- أيّ مشاكل وتحديات تواجهون اليوم وما هي أسباب الإضرابات التي تقومون بها بين الحين والآخر؟
مشلكتنا الكبيرة تكمن في عدم توّفر سائقين لبنانيين لقيادة الشاحنات الكبيرة والحديثة «العقارب» والتي تختلق قيادتها بطبيعة الحال عن قيادة الشاحنات الصغيرة. فالسائق اللبناني يجد صعوبة كبيرة في قيادة هذا النوع من الشاحنات، على عكس السائقين السوريين المتمرسين جدّاً والذين إعتادوا القيادة لمسافات طويلة وفي ظروف مناخية قاسية. لذلك المطلوب اليوم هو أن يبدأ السائقون اللبنانيون بالتدرّب على قيادة هذا النوع من الشاحنات الكبرى حتى يكتسبوا المهارات المطلوبة. للأسف 80 % من سائقي الشاحنات الكبيرة هم اليوم من الجنسية السوريّة فيما الـ 20 % المتبقييّن هم من اللبنانيين الذين لم يلجأوا حتى إلى تعليم أبنائهم تقنية قيادة الشاحنات، بمعنى أننا أيضاً مقبلون على مشكلة من هذا النوع في المستقبل القريب.
الجدير بالذكر بأن الدولة تتفهّم هذا الموضوع، وقد إجتمعنا أكثر من مرّة لهذه الغاية مع وزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق وقبله معالي الوزير مروان شربل، وكان جوابهما واضحاً لجهة إعتبار هذا الواقع بمثابة مخالفة صريحة للقوانين اللبنانيّة، من هنا كان خيارنا اللجوء إلى الإضراب، إنّما الإضراب لم يكن خيارنا المفضّل ولكن الأخير، إذ انّ عدم توفر سائقين لبنانيّين من شأنه أن يعرّض القطاع لأزمة حقيقية، وقد قيل لنا بأنّه سيتمّ غضّ النظر عن هذه المخالفة، إنما في أحيانٍ كثيرة يتواجد أحد الظباط أو العناصر الذين لا يملكون المعطيات حول غض النظر هذا، فيعمدون إلى تسطير مخالفات وحجز الشاحنات، وهذه مشكلة حقيقية بالنسبة لنا.

- كيف تلخصون مطالبكم اليوم؟
نحن ليس لدينا مشكلة مع توقيت سير الشاحنات ولا مع قوانين السير بشكل عام، إنما نحن ندعو بكلّ بساطة إلى إعتماد خطّة نقل فعّالة وتطبيقها بصورة دائمة وبالتالي عدم تعديل المحاور عشوائياً . كذلك ندعو إلى تطبيق الإتفاقية الثلاثية بين الدول بحذافيرها وإلى ضبط جميع المخالفات وتسجيل جميع الشاحنات والباصات في هيئة إدارة السير ودفع كامل الرسوم من دون إستنسابية، كذلك ندعو إلى تحديد أسعار المحروقات إذ من غير الجائز ان تبقى عرضة للصعود والهبوط على الشكل الحاصل اليوم.

- هل من اضرابات في القريب المنظور؟
نحن لسنا هواة إضرابات ولا نحبّذ تعطيل حياة الناس وعرقلة أشغالهم، انما نحن لدينا مطالب محقة وعلى الدولة تنفيذها وعدم دفعنا إلى الشارع، إنما يبدو أن دولتنا لا تستمع إلينا إلاّ عند نزولنا إلى الشارع، أقولها بكلّ أسف.

- ماذا عن حالة النقابة، ماذا تقولون عنها وهل تجدونها فاعلة على المستوى المطلبي؟
النقابة تتألف من 12 عضواً، وأنا على رأسها منذ نحو 20 سنة. ​تعتبر هذه النقابة بمثابة النقابة الرئيسة فيما يتفرّع منها عدّة نقابات مثل نقابات أصحاب الصهاريج ونقابة أصحاب الشاحنات في مرفأ بيروت وغيرها، نحن هنا نعمل بروح من التعاون كما أننا لا نوفرّ جهداً لتنظيم هذا القطاع وتطوير خدماته بما يخدم المصلحة العامة ومصلحة السائقين.
حوار: إيلين حداد تحرير: مارينا روفايل

صورة editor12

editor12