جبيل هي مدينة لبنانية، مركز قضائها في محافظة جبل لبنان تعد من أقدم المدن المسكونة في العالم، تقع على بعد 27 كيلو متر إلى الشمال من بيروت، وعلى البحر الأبيض المتوسط وتصنف من أشهر المناطق الأثرية في المنطقة ومن أقدم المدن في العالم، ومن بين المواقع القليلة التي استمر عمرها منذ إنشائها حتى تاريخ اليوم.
تأسست جبيل بداية كقرية لصيادي السمك على التل المشرف على البحر جنوب غرب الموقع خلال الألف السادس ق.م. وإرتقت إلى مصاف المدن أواخر الألف الرابع ق.م. فأصبح لها شوارعها وساحاتها ومبانيها العامة، وأسوارها فأصبحت بذلك مدينة وعاصمة مستقلة لها هويتها وشخصيتها الخاصة وإستقلالها ووجودها السياسي.
هي أيضاً مدينة «الحروف الأبجدية الفينيقية»، التي صدرتها للعالم أجمع، وقد اشتهرت بعلاقاتها التجارية مع مصر وبصناعة السفن الفينيقية من خشب أشجار الأرز وصناعة الفخار، وقد صنفتها منظمة اليونسكو عام 1984 موقع تراثي عالمي.
أُنشأت بلدية جبيل عام 1879 وهي أولى البلديات التي تأسست في قضاء جبيل. وفي الإنتخابات البلدية التي جرت في العام 2010 فازت لائحة «جبيل أحلى» برئاسة زياد حواط بالمقاعد الـ 18 كاملة في المدينة على حساب لائحة الوزير السابق جان لوي قرداحي، ومنذ فترة ليست ببعيدة، إستقال الرئيس حواط من مهامه كرئيس لبلدية جبيل بهدف الترشح إلى الإنتخابات النيابية التي بات يفصلنا عنها أيام قصيرة.
وقد فاز المهندس وسام زعرور برئاسة بلدية جبيل خلفاً للرئيس زياد الحواط، وذلك في جلسة إنتخاب جرت في مكتب القائمقام في السراي، والمعروف عن الرئيس زعرور أنه شاب ديناميكي محب للعمل ولِمدينته جبيل، باب مكتبه مفتوح دائماً للمواطنين لا يرد سائلاً، عمليٌ، إنساني، محبوب من قبل الجميع، والدليل على ذلك أنه فاز بالتزكية كيف لا وهو ابن هذه البلدة العريقة التي كان هو عضو في مجلس بلديتها عام 2010.
فالعمل في الشأن العام ليس بجديد عليه وهو رئيس الجمعية الخيرية المارونية في جبيل التي تأسست عام 1902، وهي تعتبر من أقدم الجمعيات في البلد، كما أنه نائب رئيس نادي «بيبلوس» وهو حاصل على دبلوم في علوم الكومبيوتر، وماجيستير في التربية، ولديه شركة خاصة للبرامج إضافة لذلك هو مدير مدرسة راهبات الوردية أكبر مدرسة في جبيل.
في لقاءٍ مُميّز أجرَينا فيه مقابلةً معَ رئيس بلديَّةِ جُبيل الأستاذ وسام زعرور، ودارَ الحِوار حولَ مَعالِمِ تلكَ المَدينةِ السَّاحليَّة التَّاريخيَّة السّاحرَة، لتسليطِ الضَّوءِ على النَّهضَة السَّريعَةِ التي حدَثَتْ في السَّنواتِ الأخيرَة فجعَلتْها منَ المدائِنِ العربيَّةِ المُتألِّقَة بل والعالميَّة. والرئيس وسام زعرور من المؤمنين بالعَمَل البَلدِيّ والعمَلُ البلَديّ استِمراريَّة لا تتوقَّف. وسألناه عن كيفيَّةِ وصولِهِ إلى رئاسَةِ المجلسِ البلَديّ فأجابَ بأنَّه عندَما قدَّمَ المهندس زياد حوّاط إستقالتَه من الرِّئاسة في عام 2017 انتُخِبَ هو بديلاً بالإجماع. وكانَ أثناءَها عُضوًا في المَجلسِ البَلدِيِّ من عام 2010. وبالسُّؤالِ عن مشاريعِ المَجلسِ الإنمائيَّة قالَ أنَّ المشروعَ الأبرَزَ الآن، والذي تمَّ إفتتاحُه منذ 3 أشهر، هو مركزُ السِّيَاحة. وهو بمثابة دليلٍ للسَّائِح الوافِدِ إلى المَدينة وإلى قضاءِ جبيل بشكلٍ خاصّ. ويحصلُ السَّائِحُ فيه على المعلومةِ التي يريد عن جبيل، والإرشادِ والتّوجيه الضَّروريّ بالإضافة إلى جغرافيا الأماكنِ السِّياحيَّةِ والفنادقِ والمطاعِمِ والحَيَاةِ الليليَّة في المدينة. ونحن هنا كمجلّة نوَّهنا وننوّه بمَدينةِ جُبيل كونَها مَعلمًا سِياحيّاً عَرَبيًّا مقصودًا، وتساءَلنا عمّا ينتظرُ السَّائحَ في موسم الصّيفِ القادِم، فتحدَّثَ الرئيس عن عزمِ المجلس البلديّ على إخراجِ المَدينة من الرُّوتين في بسطِ المشاريع، وضرورةِ التَّجديد. فهناكَ مشروعٌ عَصريٌّ حَديث هو مُتحَفُ الحُروفِ الأبجديَّةِ لكلِّ لغات العالم. ويتميَّزُ هذا المشروع بتقنِيَّاتٍ عالية، يرى السَّائحُ فيه الحَرْفَ في أبعادِهِ الأربَعَة. ومُموِّلُ المشروع هو المغتربُ اللّبنانيّ كارلوس سليم الذي سيكونُ حاضرًا في الافتتاحِ، خلال نصفِ سنة تقريبًا من الآن، وبحُضور وزير السّياحة. وبالسُّؤال عن المَهرجانات التي أصبَحَتْ هي الأخرى عالميَّةً أيضًا، قالَ الرّئيس أنَّ البلديَّة تتعاملُ مع لجنَةِ المَهرَجانات، وهذه اللَّجنة ناشطَة ومنتِجَة، وفي كلِّ موسِمٍ تُطلِعُ جديدًا ومُمَيَّزًا بالنَوعيَّةِ وطريقةِ الأداء. وعندَ سؤالنا عمَّا تحتاجُه جبيل أجابَ أنَّ جبيل تحفةٌ فنيَّة بحدِّ ذاتِها، وكلَّما عُمِلَ لها لمسَاتٌ في مكانٍ ما احتاجَت لمثيلاتٍ لها في مكانٍ آخر. وتَحدَّثَ الرَّئيسُ عن مشروعٍ أمنِيٍّ كبير للمدينة، وهو تغطيةُ شوارعِ المَدينةِ وأزقَّتِها بكاميرات مراقبةٍ بهدَفِ خلقِ الطُّمأنينةِ للسَّائِحِ والُمستثمِر بالسَّوَاء. والمجلسُ البلَديّ يُعِدُّ دفترَ شروط لتصديقِهِ للذَّهابِ بعدَها إلى المناقصة. ثمّ سألناه عن رأيه في اللاَّمركزيَّةِ الإداريَّةِ وأهميَّتِها لجبيل، فأجابَ بأنّ المدينة خاضعة لوزارةِ الآثار ووزارةِ الأشغال، والرُّوتين الإداريّ يعرقلُ المشاريع، ويزيدُ من الزَّحمَةِ والضَّغط غير الضَّروري. ولذا فهناكَ ترحيبٌ ومُطالبَة مُلِحَّة باللاَّمركزيَّة الإداريّة، وهذه هي المعيار الأساسيّ لبناء الدَّولة، وهذا حُلُم! وفي السُّؤال عن أشهر العائِلاتِ في جبيل أوضَحَ الرئيس أنّ جبيل تحوي طوائفَ عديدة، ومجلسُها البلديّ فيه خليطٌ طائفيّ. وعائلة صليبا هي أكبرُ عائلة في جبيل وتليها عائلةُ خوري ثمَّ صفير ثمَّ زغيب فزَعرور وبلّان وآل سعد. وبيتُ اللقّيس أكبر عائلةٍ سُنيَّة. وأكَّدَ أنَّ جُبيل مدينةٌ مسالمة احتضَنَتِ الإنسانَ وَتَعدُّديَّاتِه الدِّينية أثناء الحروب تاريخيًّا وفي الحربِ الأهليَّةِ الأخيرَة. وتعدادُ جبيل الإنتِخابيّ 8.800 صوت. وسكّانُ مدينةِ جبيل حوالي 50 ألف نسمَة. والنَّهضَةُ التي حدَثَتْ في هذا العَهد، والخدَماتُ السِّيَاحيَّة والمعالِمُ الجميلة والحَياةُ اللَّيليَّة، استَجلبَت سُكّانًا جدُدًا من بيروت والشِّمال. ومؤخَّرًا جاءَ السَّفيرُ المصريّ بمبادرَةٍ من محافظِ سَيناء عارضًا مشروعَ تبادلِ خبُراتٍ بين مدينة شَرم الشَّيخ وجبيل عبرَ وزارتي الدَّاخليّةِ والخارجيّة. وسوف يتمّ توقيع الاتّفاقيَّة قريبًا. وسوفَ تستفيدُ جبيل من خبُراتِ الآخرين وتستجلِبُ المُستثمرين إلىيها. والمُستثمرُ في جبيل سيكون له أفضليَّةُ الاستثمار في شَرم الشَّيخ. وعند سؤالنا عن سبب إتيانِهِ إلى الشَّأن العامّ أجاب أنَّ دراسته في مجالِ العلوم التكنولوجيّة، وقد عمل في إدارة مدرسةٍ، ثمَّ إدارَةِ شركةِ برمَجَة. كان واغلاً في أمور البَلديَّة منذ عام 2000 حيثُ طلِبَ منه وَضع البرامج البَلديَّة. وهو رئيسُ الجَمعيَّة المارونيَّة الخيريّة الجُبَيليّة حاليًّا، وهذه تأسَّسَت عامّ 1902. وفي 2004 لم يُوَفّق انتِخابيًّا ولكنَّه في 2010 نَجَح. وهو أيَضًا رئيس نادي بيبلوس.. يعني أنَّ له تاريخًا مُشرفاً في الشَّان العامّ. وتتألّفُ بلديَّةُ جبيل من 18 عضوًا. واستقال عددٌ قليلٌ لأسبابٍ حِزبيَّة فصارَ المجلسُ الآنَ 14. وعديدُ أفرادِ شُرطةِ جبيل 40 شرطيًّا نصفُهم حرّاسٌ ليليُّون. وبالسُّؤال عن التَّعاطي الحِزبيّ أكَّدَ أنّه لا ينتمي لحِزبٍ سياسيٍّ، وهو غير مَدعوم من أيِّ طرَف. هو إنسانٌ واقعيّ عصاميّ ولديه طموحاتٍ عالية. وهو يَعدُ الجُبَيليِّين بأنَّ المشروع بدأ عام 2010 ومستمرّ لغاية 2022. لإيصالِ جُبيل إلى العَالميَّةِ أكثرَ فأكثر.
من الواضح أن لفظة جبيل اليوم تحمل نفس النبرات الصوتية لإسمها الكنعاني الفينيقي، فلقد عرفها المصريون القدماء بإسمها الأصلي محرّفاً حسب طريقة لفظهم، فكتبوا إسمها في رسائل تلّ العمارنة بشكل يؤدي إلى لفظها، وفي الوقت عينه أطلق عليها الإغريق إسم «بيبلوس» لعلاقتها بالورق والكتاب: أما في التوراة فورد اسمها «جبل» واسم أهلها «جبليين». وعاد الصليبيون فيما بعد إلى الجذر الأساسي في الإسم فكتبوه جبلات «Gibelet».
ولنتمعن قليلاً باللفظ الحديث لإسمها جبيل، الذي قد يكون الأٌقرب إلى اللفظ الصحيح الأصلي، فقد يكون نتيجة كلمتين كنعانيتين واضحتي المعنى «جب» أي البيت «وإيل» أي كبير الآلهة أو الإله الأب وبذلك فهي تعني «بيت الله».