التبويبات الأساسية

سيّدات رابطة عين عنوب يداً بيد لمجتمعٍ أفضل

إنّه زمن الثورة، زمن المرأة، زمن الأمّ والزوجة والأخت والصديقة...
إنّه حقاً زمن السيّدات، السيّدات اللبنانيّات الرائدات والسبّاقات في كافة الميادين والمجالات. ففي الحياة العائليّة هنّ أمهات وربّات منزل جبّارات. في الحياة الإجتماعية تراهنّ سيّدات مثقفات وأصحاب لياقات لافتة. في الحياة العمليّة يُثبتن أنهنّ سيّدات أعمال وموظفات من الطراز الرفيع ومن ذوات الكفاءات الإستثنائيّة، أمّا في الحياة السياسية العامة فيسجّلن مواقف «رجال» تهز الجبال.
نعم إنهنّ سيّدات لبنان، فخر الوطن ورمز الصمود. إنهنّ الثائرات على الظلم والجوع والمنتفضات على الواقع المأزوم. إنهنّ رمز العطاء في زمن تكاثرت فيه الحاجات.
السيدة حنان قائدبيه، هي إحدى السيّدات المناضلات التي سخرّت حياتها للعمل الإنساني فهي تحترم الإنسان للإنسانية الموجودة بداخله. كافحت وناضلت لكي تستطيع قدر المستطاع التخفيف من آلام المجتمع ومعاناتهم، شغلها الشاغل تطوير الرابطة وتحديثها لكي تستطيع القيام بالدور الذي يجب عليها القيام به كما والنهوض ببلدتها وإحتياجات القاطنين فيها من دون أن تسأل عن دين، مذهب أو جنسية. نعم إنّها السيّدة الرصينة المرهفة الحس التي لا تعرف المواربة ولا تقبل بالمراوغة، فأهدافها واضحة وشفافة، ورسالتها إنسانيّة صادقة، عندما تجالسها وتحادثها عندها فقط تعلم أن الدنيا ما زالت بخير.
أسرة مجلتنا التقت السيدة حنان وكان هذا اللقاء الحواري الذي تطرّق إلى إنجازات رابطة سيّدات عين عنوب التي تترأسها، بالإضافة إلى أبرز المواضيع الإجتماعية في ضوء الأزمة المعيشية الخانقة التي تضرب المجتمع اللبناني.
في ما يلي أبرز ما دار في اللقاء.

- في البداية ماذا تقول السيّدة حنان عن رابطة سيّدات عين عنوب؟
إنّ رابطة سيّدات عين عنوب قديمة جدّاً تأسست سنة 1970 حين كان وزير الداخلية كمال جنبلاط الذي ذيّل إمضاءه قرار ترخيصها، ولهذه الرابطة تاريخٌ عريقٌ بحيث تألفّت في البداية من سيّدات ينتمين إلى الطائفة المسيحية والدرزية ضمن تعايشٍ رائعٍ بقي قائماً ومتماسكاً لحين إندلاع الحرب في الـ 1975، وبعد تلك الحقبة ترأسّت السيدة الفاضلة سلوى سلمان ريدان الرابطة لمدّة 20 سنة بحيث سعت إلى تفعيل الدور الإجتماعي للجمعيّة كما عملت على تقديم مساعدات متنوّعة لأهل البلدة فضلاً عن زرع الإلفة وتوثيق روابط التعاون والمحبة بين الأبناء، وقد تم شراء مركز الرابطة في عهد السيدة ريدان. أمّا من جهتي، فقد إنتسبت إلى الرابطة كعضو عادي في العام 2009، وبعدها بسنتين أصبحت نائبة للرئيس ولاحقاً رئيسة.

- ماذا أضافت السيّدة حنان إلى هذه الجمعيّة؟
في الحقيقة إنضميّت إلى الرابطة وفي ذهني العديد من الأفكار الجديدة التي عملت على تطبيقها وتحويلها من مجرّد أفكار إلى وقائع ملموسة، وبالفعل فقد إنفتحت جمعيّتنا على كافة الجمعيّات سواء في الداخل والخارج وذلك في إطار خطّة لتعزيز التعاون الإجتماعي والتبادل الثقافي. كذلك سعيت إلى تسخير علاقاتي الواسعة لخدمة الرابطة ونشاطاتها على مستوى المجتمع المحلي وحتى الوطني. وبالفعل وبكلّ تواضع، أستطيع القول بأنني نجحت في إحداث نقلة نوعيّة.
وقد كان أحد أبرز الخدمات التي عملت على إنجازها وتوفيرها هي إفتتاح مستوصف عين عنوب الذي كان مقفلاً لمدّة طويلة. وقد بذلنا مجهوداً كبيراً لهذه الغاية، وأجرينا مروحة اتصالات مع المعنيّين من مسؤولين ووزراء حتى تمكّنا من إعادة تشغيله في العام 2014. واليوم يقوم المستوصف بدورٍ فعّال بمساهمة أطباء إختصاصيين بارزين مشكورين لا سيّما في هذه الأوضاع الإقتصادية العصيبة التي تمرّ على اللبنانيين، مع تشديدنا وحرصنا على أن يقوم هذا المستوصف بتقديم الخدمات لجميع من يقصده من دون تفرقة أو تمييز. وبالإضافة إلى التقديمات الطبيّة، تقوم الرابطة بتنظيم العديد من الأنشطة التثقيفيّة والفنيّة والتربويّة والبيئيّة والرياضيّة وغيرها والتي تصبّ تحت عناوين التوعيّة والتنمية البشرية. فنحن كرابطة نعمل على جذب إنتباه الناس إلى المواضيع المهمّة بدل التلهي بالأمور التافهة والسخيفة.

- كيف إنعكس عمل الرابطة على مجتمع عين عنوب المحلي وهل لمستم تغييراً فعلياً؟
إنّ الرابطة تقدّم الكثير من المساعدات المادية والعينيّة، فهي ملتزمة بتأمين المساعدة المادية لـ 25 عائلة ثلاث مرات سنويّاً. على خطٍّ موازٍ، تمكّنت الرابطة وبفضل السيّد باسم عربيد الذي بذل جهداً يُشكر عليه، من الحصول على 3 منح تعليميّة من جامعة الـ LIU بقيمة 70% على أن تشمل كافة مراحل التعلم الجامعي لحين تخرّج الطالب. ودعم الطلاب هو أمر مهم بالنسبة لنا لأن هؤلاء هم المستقبل، مع الإشارة إلى أن ما يميّز رابطتنا ويفعّل دورها هو وجود العديد من الوجوه الشابة فيها وهذه نقطة مهمّة يجب التوقف عندها. فنحن نولي إهتماماً خاصاً للناس ونسعى دائماً إلى الإستماع لآرائهم من خلال دعوتهم للقاءات معرفة مستدامة تحضرها جمعيّات مختلفة وتطرح فيها مواضيع متنوّعة ويتخللها أيضاً مداخلات للناس للتعبير عن آرائهم، وذلك إيماناً منّا بأنّ هذا النوع من اللقاءات يعزز ثقة هؤلاء بنفسهم.

- من يدعم الجمعيّة؟
في الحقيقة، لولا التبرّعات لا يمكننا الإستمرار، ذلك أن وزارة الشؤون لا تدفع متوجبّاتها كما يلزم. نحن جمعيّة خيريّة في نهاية المطاف، وعملنا يطال كافة الأصعدة والمستويات لا سيّما بظلّ الحالة الإقتصادية المتعثرة والشكر هنا للسيّدات اللواتي يعملن بتكاتفٍ وتضامنٍ واتحادٍ من أجل المساهمة في رفع الأعباء الإجتماعية عن كاهل المواطنين. فنحن نسعى قدر المستطاع للمساهمة والتخفيف من حدّة معاناة الناس. للأسف باتت الجمعيّات تقوم بدور الدولة في حين تتقاعص الأخيرة عن القيام بأقلّ واجباتها، الأمر الذي يدفعنا للمطالبة بدعم أوسع وأكبر للجمعيّات حتى تتمكّن من إتمام رسالتها الإنسانيّة.

- كأمّ وربة منزل وكسيدة ناشطة في الحقل العام، كيف تستطيعين التوفيق بين المهمتين؟
أنا في حالة نشاطٍ متواصلة، فأنا حقاً لا أملك دقيقة فراغٍ واحدة. فتراني في حركة دائمة بين تلبية الدعوات وتنظيم النشاطات من دون أن أهمل عائلتي الصغيرة طبعاً.

- هل تأثرت نشاطات الجمعيّة بالإنتفاضة التي تحصل في لبنان؟
طبعاً تأثرنا، فهناك بعض النشاطات التي جمّدت فيما البعض الآخر لا يزال مستمراً، وقد نضطر أيضاً الى تغيير مسار بعد النشاطات مثل إحتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة، بحيث قد نلجأ إلى الإستغناء عن الحفلات المعهودة واستبدالها بالمساعدات المادية والعينية، ذلك لأن الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية صعبة جدّاً .

- كيف تقيّمون دور المرأة في هذه الثورة وفي الشأن العام عموماً؟
لا شكّ بأن المرأة هي أساس كلّ شيء، فهي الأمّ التي تربّي جيل المستقبل، وبقدر ما توّجهه على القيم والمبادئ الأخلاقيّة الصالحة بقدر ما يصبح المجتمع ناجحاً. صحيحٌ أنّ للأب دور مهمّ أيضاً إنّما تبقى الأمّ قمة العطاء. كما أن المرأة اللبنانية هي فعلاً إستثنائية، فهي مميّزة لناحية ثقافتها ولغاتها المتعددة وإنفتاحها، وقد أثبتت جدارتها في مختلف القطاعات، ولا سيّما خلال الثورة، ذلك أنّ المرأة بحدّ ذاتها تجسّد الثورة، وقد رأيناها في الصفوف الأمامية والمبادِرة الأولى لتحركات حضاريّة وسلميّة. وأنا هنا أسأل لماذا لا تترأس المرأة الحكومة المقبلة؟ فنحن لدينا كفاءات مهمّة وتوجد سيّدات مخضرمات ومؤهلات لقيادة البلد انما كل ما تحتجن إليه هو الفرصة، وسأعطي مثلاً هنا عن وزيرة الداخلية ريّا الحسن، فالجميع يشهد لهذه السيّدة بحسن إدارتها لهذه الوزارة الحساسة ونجاحها في تجاوز المطبّات في أدقّ مرحلة يعيشها لبنان.
وأنا أعلم أن النساء يحبذن الوصول إلى المواقع الإدارية ويرغبن بتبوء مناصب رفيعة، إنما جميعنا يعلم بأنّ الأحزاب هي التي تدير اللعبة السياسية في هذ البلد، فإمّا الوصول من خلالها او لا مجال. للأسف، لا يزال مجتمعنا ذكوري الطابع وهو يسعى الى حدّ دور المرأة رغم انها أثبتت نفسها في كافة المجلات من الإدارة الى التربية مروراً بالقضاء وغيرها... من هنا ندعو الى حصول مساواة في الفرص، علماً ان مبدأ المساواة هو جوهر التربية السليمة في المنزل...

-هل ممكن ان نراك في مناصب سياسية مستقبلاً؟
لا نعرف ماذا تحمل لنا الأيّام والظروف المقبلة. وبكل صراحة أقول بانني لم انخرط في الشأن العام من أجل “بريستيج” معيّن، بل انطلاقاً من إحساسي بالمسؤولية تجاه مجتمعي .

- من هي الشخصية التي تأثرت بها؟
في الحقيقة ليس هناك من شخصيّة معيّنة، إنّما أنا أتأثر بالناس التي تعيش الإنسانيّة والصفاء والتواضع، ويجذبني هؤلاء الذين يقولون ما يفكرون به بصراحة تامّة ومن دون مواربة، فأسعى للتقرب من هؤلاء.

- هل من كلمة أخيرة؟
أوّد ان اوجه تحيّة الى الشعب اللبناني الذي فاجأ السلطة السياسية بإصراره وانتفاضته السلميّة الحضارية الراقية. فالحكّام لطالما اعتمدوا سياسة تجويع الناس للمحافظة على زعامتهم إنمّا اليوم تغيرت الصورة واهتزت عروش الكبار. وكذلك احبّ ان اوّجه تحيّة أيضاً الى الصحافة والإعلام الحرّ الذي ينقل وجع الناس ويوصل صرختهم على امل ان يبقى لبنان منارة حريّة مضيئة في هذا الشرق.

صورة editor14

editor14