تتعاظم التساؤلات حول سبب تعطيل جلسات الحكومة ورفض الحلول التي طُرحت بغية الخروج من المراوحة. ولعلّ الأبرز في هذا الإطار، عدم ملاقاة الثنائي الشيعي للمخرج الذي عرضه وزير العدل هنري خوري بأن يتمّ تشكيل هيئة اتهامية تراقب عمل المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار. علماً بأنّ هذا الطرح مُستوحى من تجارب عدّة مماثلة حصلت في أكثر من بلد، بهدف تأمين حسن سير العدالة وكي لا يكون أيّ قاض بمثابة الحاكم بأمره، فيخضع عمله لمراقبة الهيئة.
في الموازاة، تبدو لافتة أيضاً عدم دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى عقد جلسة للتصويت على مسألة تشكيل لجنة تحقيق برلمانية وإحالة الرؤساء والوزراء المشكوك بعلاقة لهم في انفجار مرفأ بيروت الى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، رغم أنّ تكتّل لبنان القوي أعلن أنّه سيشارك في أي جلسة تُعقد وفق الأصول.
وفي معلومات لـ" ليبانون فايلز"، يبدو أنّ الرئيس بري يربط أي مخرج في هذا الشأن باعتبارات منها السياسي، ومنها ما يتعدّاه الى الاعتبارات النيابية ربطاً بالاستحقاق التشريعي المقبل.
التساؤلات لا تقتصر على الثنائي الشيعي، لا بل تنسحب الى رئاسة الحكومة مع غياب اي دعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء، أو بالحدّ الادنى المشاركة في بلورة مخارج من شأنها كسر دائرة التعطيل. وهنا تسأل مصادر سياسية رفيعة عمّا إذا كان الرئيس ميقاتي يريد فعلاً انعقاد الحكومة أم أنّه مرتاح الى الوضع القائم راهناً، والمتمثّل باجتماعات وزارية تشي بحركة حكومية ناشطة، لا سيما في الشقّ المتعلّق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وتلاحظ المصادر أنّ هذه الإجتماعات مُغلقة وتقتصر على فريق واحد هو فريق عمل رئيس الحكومة ويكاد لا يطّلع عليها أحد، وسط تغييب لافت لأيّ ممثّل لرئاسة الجمهورية في الوفد المُفاوض، علماً أنّ المادة 52 من الدستور تحصر أي تفاوض مع الجهات الخارجية برئيس الجمهورية.
ولأن لا حكومة تجتمع ولا جدول أعمال أو مواضيع تُطرح على التصويت، فإنّ ما يسيّر الدولة حالياً هي الموافقات الاستثنائية. وبحسب المصادر، فإنّ هذه الآلية في غياب الحكومة تجنّب الرئيس ميقاتي طرح مواضيع لا يوافق عليها، في حال لو كانت الحكومة تجتمع. غير انّها تشير الى انّ الامور لا يمكن أن تبقى على ما هي عليه، وإذا طال التعطيل أكثر فسيكون هناك تصدٍّ للموافقات الاستثنائية، لسبب واحد وهو عدم التطبيع مع الحالة الراهنة التي تتلّخص بالآتي: حكومة قائمة في العلن، مستقيلة فعلياً تحوّلت الى تصريف الأعمال.