عقد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان لقاء حواريا مع المشاركين في "مخيم الطلبة الجامعيين" الذي افتتح قبل أيام في أحراج بلدة عينطورة - المتن الشمالي، الذي يقام تحت شعار دورة "فلسطين مقاومة لا مساومة"، في حضور عمداء الإعلام معن حمية، القضاء ريشار رياشي والتربية والشباب رامي قمر، عضو المجلس الأعلى نجيب خنيصر، المنفذين العامين للمتن الشمالي سمعان خراط، للمتن الجنوبي محمد عماشة وللطلبة الجامعيين في بيروت رمزي معلوف، وأعضاء هيئتي منفذية المتن الشمالي ومخيم الطلبة وحشد من الطلاب.
حردان
بداية أعرب حردان عن فرحه واعتزازه باللقاء مع الطلبة الجامعيين، منوها بعمدة التربية والشباب وبمنفذية الطلبة الجامعيين في بيروت والمديريات التابعة لها، لافتا إلى أن "المخيمات محطة أساسية وهي تعبير عن حركة الحزب ونموه من خلال بناء الأجيال التي تحمل قضية الحزب. والحزب منذ تأسيسه إلى اليوم، كان ولا يزال حريصا على إقامة مخيمات الأشبال والطلبة حتى في أحلك الظروف، لذلك فإن حضور الجيل الشاب طاغ في كل مناسبات الحزب واحتفالاته".
وأشار إلى أن اللقاء "يحمل أكثر من عنوان وينقسم الى شقين، الأول إحاطة بتطور الأوضاع في بلادنا والثاني الإجابة على كل الأسئلة"، داعيا الطلبة إلى "طرح أي سؤال داخلي أو عام".
وتحدث حردان عن انتصار المقاومة في حرب تموز 2006، فقال: "في مثل هذه الأيام قبل ثلاثة عشر عاما حقق لبنان انتصارا كبيرا على العدو الإسرائيلي وأسقط الأهداف التي سعى العدو لتحقيقها من وراء عدوانه الذي استخدم فيه أسلحة فتاكة واعتمد نهج التدمير وسياسة الأرض المحروقة. نعم، إسرائيل هزمت، لأن الأهداف التي أعلن عنها رئيس حكومة العدو ووزير دفاعه لم تتحقق، في حين أن لبنان انتصر بالصمود والإرادة والمقاومة، ومعه انتصر كل أحرار العالم الداعمين لحق الشعوب في تقرير مصيرها وحقنا في مقاومة العدولان وردعه".
أضاف: "منذ العام 2000 تكرس عمليا سقوط كل المصطلحات والمقولات السياسية التي دأب الإعلام الأجنبي على ترويجها وتضليل الرأي العام بها، بأن العدو الإسرائيلي قوة لا تقهر وبأن جيشه يتفوق على كل جيوش المنطقة. وفي العام 2006 كرسنا في أدبياتنا ومصطلحاتنا عنوانا جديدا ثابتا وراسخا، هو أننا دخلنا عصرا جديدا هو عصر كسر المستحيلات التي سوق لها العالم الغربي الذي يدعم إسرائيل في عدوانها وإرهابها، وللأسف فإن بعض شعبنا كان مضللا وربما لا يزال البعض يعتبر بأن العدو الاسرائيلي قوة لا تقهر وبأن العين لا تقاوم المخرز. أما الحقيقة فإن عين المقاومة كسرت المخرز الصهيوني، لأنها صاحبة حق وتدافع عن الحق. فلمقاومتنا ولشهدائنا تحية اعتزاز واكبار".
ولفت الى ان "العدو وحلفاؤه أرادوا تدمير مقومات صمودنا وعناصر قوتنا واستخدموا لذلك كل أساليب التضليل الإعلامي بإمكانيات مالية هائلة ووسائل إعلام مأجورة وبعناوين طائفية ومذهبية، وهم استهدفوا هذه المنطقة، الهلال السوري الخصيب فتجمعت أغلب قوى العالم دعما للعدوان الإسرائيلي وللقوى الإرهابية التي عاثت فتكا وإجراما في مجتمعنا، في العراق والشام ولبنان، بهدف ضرب الوحدة المجتمعية لصالح المشروع التفتيتي المعادي الذي يؤمن لاسرائيل الاستقرار والديمومة بإقامة "دولة يهودية" في المنطقة"، معتبرا أن "أصحاب مشاريع التفتيت ورعاتها هم من أنتج وروج لشعارات الحرية والديموقراطية، ومن نتاج هذه الشعارات ما قام به تنظيم "داعش" الإرهابي وغيره من التنظيمات الإرهابية من عمليات ذبح وقتل وإجرام. إنها ديموقراطية الوحوش المعادية للانسانية وقد دربوها في سجون العالم وأطلقوها لتقتل شعبنا وتقوض استقرار بلادنا وسيادتها وحريتها".
وأوضح "لقد تم توزيع الأدوار بين بعض الدول العربية والإقليمية وبين دول غربية، وزعم هؤلاء بأنهم يريدون قتال "داعش" وأخواته، في حين كان قتال كل هؤلاء وضغطهم يستهدف بنية الدولة السورية وتدمير مقوماتها. لكن، سوريا صمدت بدعم الحلفاء وبشراكة كل المناضلين وكل الذين حملوا السلاح دفاعا عن السيادة والكرامة والاستقرار، وحزبنا من خلال نسور الزوبعة كان جزءا من مشهد المواجهة، لذلك سجلت سوريا بصمودها وقرارها ووضوح رؤيتها انتصارا في مواجهة الاستهداف. لكن المعركة لم تنته بعد، لأن هناك حربا سياسية واقتصادية لا تزال مستمرة من خلال العقوبات المفروضة والتي تستهدف حصار السوريين في لقمة العيش وحياتهم اليومية. ولذلك فإن القوى الدولية التي تفرض عقوبات على سوريا، لا تحارب الإرهاب، بل تكمل مهمته"، وأشار إلى أن "دولا إقليمية ودولية تجتمع وتناقش عناوين الحل السياسي في سوريا. والسؤال أي حلول سياسية ينتظرها السوريون من دول اعتدت على بلدهم وتدعي اليوم أنها تبحث عن حل سياسي؟".
وتابع: "ان سوريا على طريق الانتصار النهائي، وما لم يؤخذ منها بالحرب والعدوان والإرهاب، لن يعطى بعناوين الحل السياسي. فلها وحدها وهي المنتصرة أن تقرر الحل السياسي الذي يؤمن استقرارها وأمنها وكرامتها وسيادتها، ومن خلال حوار داخلي يحقق مصلحة سوريا والسوريين. أما ما يطرح من صيغ فيدرالية طائفية فهذه أسوأ وأخطر الطروحات وهي مرفوضة".
وإذ حذر حردان من "محاولات لبننة سوريا"، أوضح أن "التسوية اللبنانية انتقالية، وقد نصت على إصلاحات سياسية جذرية توصل الى دولة المواطنة اللاطائفية، لكن بكل أسف الإصلاحات لم تتحقق، في حين اتسع الانقسام الطائفي والمذهبي، وتفاقمت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وهذا لا يؤسس للاستقرار فكيف يكون نموذجا لسوريا؟.
واشار الى أن "الاستقرار الذي نطمح اليه، يقوم على قواعد السلم الأهلي والوحدة الوطنية وقيام الدولة القوية القادرة والعادلة، دولة تحقق المساواة وتقيم إصلاحا شاملا وتحقق وحدة وطنية راسخة وحقوقا واحدة للناس".
ورأى أن "الحكومة الحالية التي انتظرت تسعة أشهر لتتشكل، خرجت بشعار "إلى العمل"، لكنها لم تقدم حلولا ومعالجات للأزمات العديدة، بل عززت مصالح أطراف طائفية ومذهبية على قاعدة أن لهذا المذهب وهذه الطائفة أو تلك حقوقا ومكتسبات لا يتخلون عنها، وكل ذلك على حساب حقوق المواطنة، وقد رأينا كيف أن مجموعة من الشباب خضعت لامتحانات في مجلس الخدمة المدنية فنجحت في هذا الامتحان، لكنها تواجه خسارة الوظيفة بذريعة التوازنات الطائفية والمذهبية، وهذه "توازنات" لم ينص عليها الدستور في الفئات الثانية والثالثة الخ.".
واعتبر أن "النظام السياسي في لبنان قائم على المذهبية والطائفية ولم يخرج من قوقعته هذه، والمؤسف أن بعض المسؤولين في الدولة وبدل أن يدفعوا باتجاه إقامة دولة المواطنة، فإنهم يعتبرون النظام الطائفي من المسلمات. لذلك هل ننتظر عجيبة ثامنة وتاسعة لتتحقق الدولة المدنية الديموقراطية العادلة، طالما أن القوى السياسية في لبنان لا تملك الإرادة ولا القرار لإنقاذ لبنان من أزماته. نحن نحمل هؤلاء السياسيين المسؤولية لأنهم في موقع القرار وعليهم أن يتخذوا قرارا لتحقيق الإصلاح السياسي وتوفير حقوق واحدة للمواطنين كافة. لا نريد أجوبة بأن النظام طائفي وأنكم تعملون طائفيا، بل نريد الخروج من هذا النظام الطائفي الى نظام المواطنة، وأولى الخطوات قانون انتخابي يوحد بين كل اللبنانيين ويقيم استقرارا سياسيا، لا أن يبقى البلد منقسما بالخطاب الطائفي والتحريضي".
واذ لفت الى ان "لبنان دفع أثمانا غالية في معركة الدفاع عن أرضه واستقراره كرامته حريته، وهذه الأثمان دفعت من أجل لبنان الواحد ومن أجل وحدة اللبنانيين وليس من أجل لبنان المفتت"، شدد على "ضرورة تحقيق الإصلاح السياسي، ونحمل القوى التي لا تريد إصلاحا سياسيا مسؤولية ما قد يحصل في البلاد".
واكد "نحن نحمل رسالة، والقوميون الاجتماعيون خضعوا لامتحان الوحدة ونجحوا، وهم من كل المناطق والمذاهب والطوائف، وحدهم الهدف والقضية والوطن. لذلك لا نقبل من أحد الكلام عن استحالة الانتقال من الطائفية إلى مجتمع المواطنة. نحن نحمل الطائفيين والمذهبيين مسؤولية تردي الاوضاع في لبنان، ويعملون لتمرير مصالحهم الضيقة، ولا يعيرون مصلحة البلد أي اهتمام. نحن نريد أن ينعم البلد بالوحدة الوطنية القوية الراسخة، لا أن يتفتت هذا البلد ويتفسخ بالفئوية والمذاهب والطائفية. نحن نحترم حرية الكلمة وحرية الرأي والتعبير، لا بل نحن حزب الحرية الحقيقية ونريد للناس أن تعبر عن آرائها بحرية كاملة، لكن أي حرية في الأقلام المأجورة والأصوات النشاز التي تشوه الحقيقة وتغذي العصبيات الهدامة".
ودعا حردان الطلبة إلى أن يكونوا "حاضرين في كل المنصات الإعلامية والجامعية والثقافية لمقارعة الخطاب الطائفي والمذهبي بخطاب الوحدة وثقافة الوحدة، والقوميون دائما يخوضون التحدي لأنهم رسل قضية والرسل حجتهم قوية وقادرون على إيصال رسالتهم، رسالة الدفاع عن سلامة مجتمعنا ووحدته".
وانتقد حردان "سلوك بعض القوى السياسية في البلد لجهة التعاطي مع قضايا حساسة"، وقال: "إن تطبيق القانون لا يتم بطريقة استنسابية ووفق ما ترتئيه هذه الجهة أو تلك، فاليد العاملة الفلسطينية لا ينطبق عليها قانون العمالة الأجنبية، لأن الفلسطيني يقيم في المخيمات تحت عنوان اللجوء، وهو تهجر قسرا نتيجة الاحتلال من فلسطين، فبأي حق يتم وضعه تحت خانة العامل الأجنبي وهو في حقيقة الأمر أتى إلى لبنان لاجئا منذ نكبة فلسطين ويخضع لقوانين الأمم المتحدة بما خص اللاجئين وهناك وكالة تابعة للأمم المتحدة "الأونروا" تهتم بشؤونهم. هذا الفلسطيني هو لاجئ موقتا حتى يعود إلى أرضه، وليس مجموعة بشرية قدمت للعمل في لبنان. لذلك نرى في الإجراءات التي تطال اليد العاملة الفلسطينية إنما لتهميشه وتكبيله بالمعاناة والنيل من إرادته وتمسكه بحق العودة إلى فلسطين. وليس خافيا الضغط الحاصل لتصفية المسألة الفلسطينية من خلال تخفيض تقديمات "الأونروا" على طريق إلغائها، ذلك لأن الأونروا تمثل عمليا الشاهد على قضية اللاجئين".
واعتبر انه "لا يستطيع وزير العمل أن يدعي تطبيق القانون، لأن القانون يطبق على الذين يأتون إلى العمل في لبنان وليس على الذين أتوا لاجئين بسبب الاحتلال الصهيوني. والسؤال ما هي المصلحة بأن يترك الفلسطيني في المخيمات بلا عمل وبلا قدرة تحصيل لقمة العيش؟ هل ندفع به إلى الهلاك أم إلى القيام بأعمال يعاقب عليها القانون؟ إن من يدعي تطبيق القوانين، عليه أن يضع آليات واضحة، لأن الفلسطيني مسجل في وزارة الداخلية بصفة لاجئ وعلى الوزير أن يتنبه إلى هذا الأمر ويتعامل معه وفق خصوصية اللاجئ، وما يسري على الفلسطينيين في لبنان، يسري على السوريين الذين جاؤوا الى لبنان بفعل الحرب الارهابية التي تعرضت لها سوريا".
وتابع: "منذ بدء الحرب على سوريا رأينا جهات وقوى لبنانية تشجع السوريين على النزوح، وهذه القوى ذهبت إلى مناطق النزوح وقدمت الوعود بهدف الاستثمار سياسيا في حالة النزوح، فما الذي تغير، حيث بتنا نسمع من القوى ذاتها خطابا عنيفا ضد هؤلاء النازحين يصل في بعض الأحيان الى درجة الكلام العنصري؟ الخطاب العنفي والعنصري ضد السوريين مدان، لأنهم ضحية الإرهاب وضحية الوعود التي أغدقت عليهم. لذلك فإن على الحكومة اللبنانية أن تتحمل مسؤولياتها أولا بصدد وأد الخطاب العنفي الذي يشحن النفوس بالكراهية، وثانيا التواصل والحوار مع الحكومة السورية من أجل عودة النازحين الى بيوتهم وقراهم وإنهاء مأساتهم الإنسانية في مناطق النزوح".
واعتبر ان "خطابات التحريض والعنصرية تشكل استهدافا للروابط القوية بين اللبنانيين والسوريين، وهذا إنما يتم تنفيذا لأجندات ما يسمى "المجتمع الدولي" الذي يعرقل عودة النازحين".
واردف: "هناك قوى دولية تدعي الحرص على مصلحة لبنان، لكنها لا تفعل شئيا من أجل مصلحة لبنان، وهي في حقيقة الأمر قوى استعمارية انتدابية. لذلك على الحكومة اللبنانية أن لا تكون خاضعة للاملاءات، ومن حق هذه الحكومة أن تعمل في الاتجاه الذي يحقق مصلحة لبنان، وإذا كانت مصلحة لبنان بعودة النازحين كما يصرح العديد من المسؤولين والجهات، فليتم التواصل مع الحكومة السورية بهذا الخصوص. إن المجتمع الدولي يعمل لمصالحه فلماذا لا تسير الحكومة اللبنانية لتحقيق مصلحة لبنان؟".
وختم: "نحن نريد عقلانية في كيفية التعاطي مع الأمور الحساسة وإيجاد الحلول لها، خدمة للبنان وللبنانيين وتحصينا لاستقرار لبنان وتعزيز سلمه الأهلي وهذا ما نتوخاه ونسعى إليه دائما".
بعد ذلك، فتح باب الأسئلة أمام المشاركين وكان حوار في مواضيع عدة.