في أوّل تعليق غربي على إعلان رئيس الحكومة حسان دياب أنّ لبنان سيتفاوض مع صندوق النقد الدولي، رحّب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، بالخطوة. ورأى شنكر، في حديث مع الصحافية جويس كرم، أنّ ما قام به لبنان لجهة طلب مساعدة صندوق النقد "خطوة أولى جيدة في مسار تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية اللبنانية الطويل".
وقال شنكر: "أن يطلبوا مساعدة أمر جيد، لكن المسألة لا تقتصر على الطلب فحسب. هذه خطوة أولى ضرورية"، مشيراً إلى أنّ بلاده تراجع الخطوة وتنتظر إجراء إصلاحات كبرى. وتوقع شنكر شروطاً قاسية لجهة تنفيذ الخطة الإصلاحية، وهو ما يستوجب التزام مختلف الأطياف السياسية اللبنانية، على حدّ ما رأى. وفي هذا السياق، تحدّث شنكر عن "حزب الله" قائلاً: "لا يُعرف عنه دعمه للإصلاحات"، علماً أنّ الخطة أُقرّت بموافقة جميع الوزراء، بحسب ما أكّده دياب أمس
وأضاف شنكر: "إجراء إصلاحات في المرافق التي تجمع الإيرادات لن يحظى بتقدير الجميع"، لافتاً إلى أنّ السيطرة على الحدود وإغلاق المعابر غير الشرعية ومكافحة التهرب الجمركي تُمثّل جزءاً من الإصلاحات التي يطلبها المجتمع الدولي والقادرة على تقويض نفوذ "حزب الله". كما توقع شنكر أن يخوض لبنان "مساراً طويلاً" قبل "التحرر من الفوضى الاقتصادية القائمة منذ عقود والتي أدت إلى الأزمة الحالية".
وإذا كان هذا رأي شنكر بخطة الحكومة، ماذا يقول الخبراء الاقتصاديون؟
في تقرير نشرته صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، اعتبرت كبيرة الاقتصاديين للشرق الأوسط في مصرف "جفريز انترناشيونال"، عليا المبيّض، أنّ الحزمة الإصلاحية "ضرورية ولكن غير كافية". وأوضحت المبيض أنّه "سيكون من الصعب اكتساب ثقة الناس"، في ظل غياب التدفقات المالية إلى السوق اللبنانية وفكرة واضحة حول ما سيطلبه صندوق النقد والدائنون. وتابعت المبيّض: "سيكون اعتماد صندوق النقد الحزمة النهائية ضرورياً بالنسبة إلى عدد كبير من الدائنين للمشاركة في البرنامج ودعمه، لا سيما في ما يتعلق بالجهات المانحة الإقليمية المحتملة".
من جانبه، رأى رئيس معهد الاقتصاد المالي في الجامعة الأميركية في بيروت، البروفيسور سمير مقدسي، أنّ خطوة طلب مساعدة صندوق النقد كانت متوقعة، محذراً من أنّ الخطوات اللاحقة تستدعي التزام الأحزاب السياسي. واعتبر مقدسي أنّ "الأهم يتمثل باستعداد الحكومة الكامل للتفاوض على أساس الخطة التي أقرّتها".
في هذا الصدد، قالت المبيّض إنّه يتعيّن على الحكومة صياغة خطة واضحة لإعادة هيكلة الدين وإعادة رسملة القطاع المصرفي، منبهةً من أنّ "مسار التوصل إلى اتفاق ليس سهلاً نظراً إلى عدم التزام لبنان جدياً بإجراء إصلاحات في الماضي".
ومساء أمس، أعلن دياب أنّ لبنان يسعى لدعم مالي خارجي بقيمة عشرة مليارات دولار، بالإضافة إلى تمويلات بنحو 11 مليار دولار جرى التعهد بها في مؤتمر "سيدر" في العام 2018. وقال دياب: "سوف نسعى إلى امتصاص الخسائر بشكل عادل، أي من دون تحميل من لم يستفد من سياسة الماضي أية أعباء"، لافتاً إلى أنّ الخطة تهدف لحماية أموال المودعين وتقوية المصارف وإعادة هيكلتها.