تحت عنوان "تركيا لن تنجح في وقف التدهور الإقتصادي" كتب طوني رزق في صحيفة "الجمهورية": "يسير الاقتصاد التركي بقوة نحو التباطؤ والانهيار القوي، مما سوف يضطر تركيا للجوء الى صندوق النقد الدولي. وذلك رغم رفض اردوغان وتأكيده انّ بلاده قد حققت الاستقلال الاقتصادي.
تراجعت التوقعات الاقتصادية لتركيا بشكل حاد، وبدأ المتداولون والمصرفيون يفكرون في الاحتمال، الذي كان خارج كل الحسابات، وهو تدخّل صندوق النقد الدولي، خاصة بعد النزيف المستمر في قيمة الليرة التركية، التي شهدت هبوطاً حاداً خلال الفترة الماضية، وصل إلى 13% من قيمتها أمام الدولار خلال جلسة الجمعه الماضية.
ويتخوف بعض الخبراء من فرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضوابط جديدة لحركة رأس المال. وذلك لتجنب رفع معدل الفائدة، ووقف نزيف الليرة التركية، مستغلاً صلاحياته الجديدة وسيطرته الكاملة على الاقتصاد التركي.
فقد نَمت مخاوف من تبني اردوغان لوجهات نظر اقتصادية غير تقليدية قد تدفع البلاد إلى مصير قد لا تحمد عقباه. وفي نفس الوقت شنّت أميركا حملة قوية ضد تركيا، وهددت بفرض مزيد من العقوبات على أنقرة، بسبب حبسها قساً أميركياً متهماً بالجاسوسية.
وخلال فترة طويلة من حكم إردوغان المستمر منذ نحو 16 عاما، نعمت تركيا بمعدلات نمو تشبه الصين، إلا أن تركيا تحظى بعجز في الحساب الجاري يعتبر من بين الأكبر في العالم، لأنّ توسعها كان معتمداً على الديون الخارجية.
وكان ذلك جيداً، عندما كانت البنوك المركزية بالعالم تضخ الأموال في الأسواق، بهدف إخراج الاقتصاد من أزمته، لكن مع عودة ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وانخفاض جاذبية الأسواق الناشئة بالنسبة للمستثمرين، بدأ سحب الأموال وضخها في الأسواق المتقدمة.
وخلال هذه الفترة، أضاعت تركيا فرصتها لتوجيه عشرات المليارات من الدولارات التي حصلت عليها من الخارج، إلى مكاسب إنتاجية طويلة الأجل، ووضعت الكثير منها في مراكز تسوّق ومشاريع عقارية.
ويتجاوز معدل التضخم في تركيا الآن الـ 15%، أي حوالى ثلاثة أضعاف النسبة المستهدفة من البنك المركزي. ووصلت عائدات الديون التي تصدرها الحكومة الى مستويات قياسية نتيجة التراجع الحاد في قيمة الليرة. وبدلاً من تقليص الدين الحكومي والاعتماد على البنك المركزي في تهدئة الوضع، من خلال رفع أسعار الفائدة، قرر إردوغان الإبقاء على معدل فائدة منخفض لتمويل المزيد من مشاريع البناء.
ولا يضرّ التدهور الكبير في الاقتصاد التركي المستهلك فقط، بل يضع الكثير من الضغوط على ميزانيات الشركات، التي اقترض الكثير منها عملات أجنبية من الخارج، وهي تواجه في الوقت الحالي عبئاً متزايداً نتيجة ارتفاع كلفة هذه القروض مع تراجع قيمة الليرة التركية.
ويرى البعض أنّ تركيا بحاجة الآن إلى إنقاذ من صندوق النقد الدولي. لكن من الصعب أن يوافق إردوغان على هذا الحل، لأنه طالما افتخر بسداد ديون تركيا من احتياطات الإنقاذ. ويرى أنّ بلاده حققت الاستقلال الاقتصادي ما يعتقد الكثيرون انّ هذا الأمر ليس حقيقياً. فتركيا لا تزال تعتمد على العالم، كما كانت تفعل من قبل، وربما يزداد هذا الاعتماد في الوقت الحالي.
وفي حال توقف الدائنون الأجانب عن تقديم قروضهم إلى الشركات والبنوك التركية، فإنّ الاقتصاد التركي سيُصاب بالهبوط الحاد، الذي يشير إلى تباطؤ وانهيار قوي. وإذا حدث ذلك، فإنّ تركيا ستضطر إلى طرق باب صندوق النقد الدولي، لطلب العون والمساعدة، بحسب آراء الاقتصاديين".