رعت رئيسة الجمعية اللبنانية للحفاظ على آثار وتراث الجنوب اللبناني (آثار جل) رندة عاصي بري، المؤتمر الاول لاتحاد بلديات الشقيف - النبطية بالتعاون مع وزارة الزراعة والمديرية العامة للدفاع المدني وجمعية "امواج البيئة"، بعنوان "تمدد وحماية" (مقاربة علمية متخصصة في سبيل الحد من مخاطر الحرائق وسبل مكافحتها على صعيد الاتحاد والبلديات)، في قاعة الصحافي السيد عباس بدر الدين في النبطية، في حضور ممثل وزير الزراعة غازي زعيتر رئيس مصلحة الزراعة في النبطية المهندس حسين السقا، النائبين ياسين جابر وهاني قبيسي، ممثل النائب عبد اللطيف الزين سعد الزين، ممثل مدير مخابرات الجيش في الجنوب رئيس مكتب النبطية المقدم الركن علي اسماعيل، قائد سرية درك النبطية العقيد توفيق نصرالله، مدير مكتب امن الدولة في النبطية الملازم اول حسين علي أحمد، رئيس اتحاد بلديات الشقيف الدكتور محمد جميل جابر، رئيس اتحاد بلديات الزهراني علي مطر، رئيس بلدية مدينة النبطية الدكتور احمد كحيل نائب رئيس الاتحاد العمالي العام حسن فقيه، المسؤول التنظيمي ل"حركة أمل" في الجنوب باسم لمع ورئيس مكتب البلديات المركزي في الحركة بسام طليس وشخصيات.
جابر
بعد النشيد الوطني، ألقى جابر كلمة اعتبر فيها "ان الاهتمام بالبيئة ضرورة، وتنظيمها يسمح بزيادة المساحات الخضراء، بهدف المحافظة على نظافتها، وخاصة اننا نعاني من مشاكل عديدة على مستوى الوطن لا بل والعالم اجمع، من مشاكل النفايات وتلوث الهواء وزيادة مناطق التصحر وانقراض العديد من انواع الاشجار والنباتات الموسمية، ما انعكس سلبا على الثروة الحيوانية ولاسيما الطيور منها".
وقال: "ان الوقت يدهمنا والخطر يسابقنا نحو تدمير الطبيعة اذا ما اكمل العالم لا مبالاته لهذا الواقع، لذا فمن الضروري ان نستفيق من سباتنا وننفض عنا غبار الوهم واليأس. وانطلاقا مما تقدم، احتلت البيئة مركزا طليعيا في اولويات الاتحاد وقد بدأنا فعلا في العام 2012 حيث اطلقنا، من ارنون وبرعاية كريمة من السيدة الفاضلة رندة عاصي بري، سنة البيئة الخضراء، فزرعنا سويا اول شجرة في محمية الشقيف الاولى في ارنون، وساهم الاتحاد آنذاك بزراعة محمية عبا وتشجير جوانب الطرقات وبعض الواحات على مستوى الاتحاد ككل، بآلاف الاشجار المثمرة من خروب وصنوبر وخلافه. وهنا على سبيل حفظ الجميل والحق المعنوي لهذا الجندي المجهول رئيس بلدية بريقع الحاج علي سعد الذي بدأ بزراعة هذه المحمية بمبلغ (900,000) الف ليرة لبنانية فقط لا غير، وهي تمثل ثمن بعض اشجار الصنوبر المتبقية من الموازنة المرصودة لعبا وارنون والبالغة 75 مليون ليرة، وبفعل مثابرته وتصميمه مع اخوته في بلدية بريقع، استمر العمل في هذه المحمية من شق للطرقات وزراعة وري حيث ناهزت المساحة المزروعة ال 100,000 متر مربع بحوالي 4000 شجرة صنوبر مثمر مما سيشكل مصدرا ماليا للبلدة بعد سنوات مع مئات الاشجار الحرجية الاخرى".
أضاف: "ان هذه المحمية هي امانة بيد بلدية بريقع التي وفرت الفرصة للاتحاد ان ينجز هذا المشروع، ولن نتوقف عند هذا الحد بل سوف نتابع هنا وفي كل زاوية يمكن ان نصل اليها في منطقة الاتحاد وبما تسمح به امكانياتنا، وسوف نتابع السعي لتكون هذه المحميات من ضمن ثقافة البلديات، وهنا يمكننا القول بأننا نخطو بشكل ثابت لا بل واكيد نحو عودة المساحات الخضراء الى ربوعنا بعدما امعن العدو الاسرائيلي في جعلها ارضا محروقة وجدباء".
وختم جابر: "ان اتحاد بلديات الشقيف- النبطية سوف يستمر في العمل لتحقيق استراتيجيته المتعلقة بالانماء وانشاء المحميات والحدائق وتوسيع المساحات الخضراء رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها كسائر الاتحادات والبلديات".
السقا
ثم ألقى السقا كلمة نقل في مستهلها "تحيات وزير الزراعة واعتذاره عن عدم الحضور لارتباطه بمواعيد مسبقة"، آملا "ان نعمل بكل طاقتنا للحفاظ على ما تبقى من وجه لبنان الاخضر، لا سيما مواجهة خطر الحرائق التي تلتهم سنويا مساحات شاسعة من الغابات والمراعي، وادعوكم لتكثيف الجهود وشبك الايادي لمواجهة هذا الخطر الدائم الذي يهدد بيئتنا".
فقيه
وتحدث ممثل المدير العام للدفاع المدني المدير الاقليمي للدفاع المدني في محافظة النبطية حسين فقيه، فأكد على "السعي الدؤوب للانتقال بالمديرية العامة للدفاع المدني الى مستوى عال جدا من الاكتفاء والجهوزية، ونأمل ان نتمكن من تجهيز مراكز الدفاع المدني المنتشرة على الاراضي اللبنانية كافة بما تحتاجه من عتاد ليقوم عناصرها بما اختاروه طوعا واجبا مقدسا على اكمل وجه ويتابعوا مسيرتهم نحو تحصين ثروة لبنان الخضراء".
بري
ثم ألقت راعية الاحتفال كلمة قالت فيها: "يسجل لإتحاد بلديات الشقيف ونحن على أبواب صيف حار، إختياره لموضوع سبل الحد من مخاطر الحرائق وسبل مكافحتها تحت عنوان تمدد وحماية، ليكون محور مؤتمره العلمي الأول. فلا يختلف إثنان على أهمية هذا المؤتمر في المكان والزمان، لما تمثله الحرائق من مخاطر على البيئة وعلى الثروة الحرجية والنباتية في منطقة الجنوب. ومن قاعة الصحافي المغيب عباس بدر الدين، إسمحوا لي أن أنوه بهذه الخطوة التي قام بها الإتحاد مشكورا، على أمل أن يكون هذا المؤتمر حجر البداية لجملة مؤتمرات وورش عمل تسلط الضوء على كافة التحديات البيئية والسياحية والإجتماعية والإقتصادية في هذه المدينة التي تمثل أنموذجا في العيش المشترك والوحدة الوطنية. لكم من دولة الرئيس نبيه بري الذي قال في العام 2003 عن هذه التحديات "إن السلام والإقتصاد والمجتمع والديمقراطية والبيئة، هي الأبعاد الحقيقية المترابطة للتنمية التي تشكل الأساس للبنان في القرن الراهن"، ومني شخصيا ألف تحية تقدير وبعد".
أضافت: "يشرفني أن أتواجد بين مجموعة من الباحثين والمختصين في مجال مكافحة الحرائق وطرق الوقاية منها، والذين سوف يغنون بدون شك مؤتمرنا العلمي، بحصاد سنوات من العلم والبحث والعطاء في هذا المجال، وإنطلاقا من هذا الإعتبار سوف أركز في كلمتي اليوم على العامل التوعوي وأهميته في مجال مكافحة مخاطر الحرائق، والذي يبدأ من الأسرة والمنزل ولا ينتهي في المدرسة أو الحي أو الشركة أو في المنطقة والبلدية الذي يقع ضمنها الخطر. وأكثر ما يلفتني ويقلقني في هذا المجال، هو عدم الإكتراث لأهمية التوعية حول هذا الخطر الذي يمكن أن نتعرض له في أية لحظة، وللأسف لدينا حالة جهل كبيرة وأمية في كيفية تدارك هذا الخطر سواء قبل وقوعه أو كيفية التصرف أثناء حدوثه وقبل وصول عناصر الدفاع المدني. فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام، أين أصبحت الاستراتيجية الوطنية للحرائق التي أقرت منذ ثماني سنوات دون أي تنفيذ جدي لأبرز بنودها، وأين هي وأين أصبحت إستراتيجية الدولة في نشر الوعي الوقائي بين أفراد المجتمع تجاه الإجراءات التي يتعين عليهم القيام بها حفاظا على سلامتهم؟ كلها إسئلة برسم المعنيين ومخطئ من يفكر أن المسؤولية تنحصر في مؤسسة معينة كالدفاع المدني أو وزارة الداخلية، فالمسؤولية مشتركة بين كافة الوزارات وأولها وزارة التربية والتعليم العالي التي يجب أن تضع في سلم أولوياتها إدخال برامج التوعية حول مخاطر الحرائق من ضمن البرامج التوعوية في المراحل المتوسطة والثانوية".
وتابعت: من على هذا المنبر أطالب الدولة ان تعيد النظر في إستراجيتها حول الوقاية من الحرائق وسبل مكافحتها، على أن تضمن تعزيزا لدور المؤسسات الأهلية والمجتمعية ووسائل الإعلام في هذه الإستراتيجية، والتي يجب أن تلحظ الأمور التالية:
أولا: إطلاق حملات التوعية حول مخاطر الحرائق وكيفية الوقاية منها في المناطق اللبنانية كافة، والتركيز على الحملات التوعوية عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ومواقع التواصل الاجتماعي، وإعداد المنشورات والمطبوعات التي يصدرها الدفاع المدني، وتنفيذ الحملات التوعوية الهادفة والموجهة لجميع المدارس لغرس مبادئ وإرشادات السلامة والوقاية في نفوس الطلاب ضمن برامج تهدف إلى تمكين الطلاب لمواجهة هذا الخطر وخلق جيل واع مدرك للمخاطر المحيطة به. كما يجب أن تضمن الخطة إطلاق برامج التوعية للعاملين في المنشآت الصناعية والشركات والمؤسسات العامة والخاصة، وإرشادهم لتطبيق لوائح وأنظمة السلامة بالمنشأة أو المؤسسة.
ثانيا: التوجه الى الأسر، عبر إعداد برامج خاصة تتضمن إقامة حملات توعوية على مدار العام للوصول الى أكبر عدد من الأسر والأفراد، باستخدام الإمكانيات المتاحة لإيصال المعلومة الصحيحة عبر فرق عمل تم تدريبها وتزويدها بكافة الوسائل الضرورية للحد من المخاطر والوصول الى مجتمع آمن وخال من الحوادث، مع التأكيد على أن الوقاية من الحرائق في المنازل لا يمكن أن تتحقق دون نشر الوعي الوقائي بين الاسر، وتحفيزهم على أداء دورهم كشركاء في حماية أنفسهم من خطر الحرائق.
ثالثا: إعداد أفلام توعوية يتم بثها عبر شاشات التلفاز وعبر المواقع الإلكترونية لكافة الوزارات والمؤسسات العامة، وعلى مواقع التواصل الإجتماعي.
رابعا: المشاركة في المناسبات والمعارض والمهرجانات العالمية والوطنية، مثل يوم المرأة العالمي، واليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، واليوم العالمي للدفاع المدني، والمناسبات والمهرجانات الترفيهية الموجهة، ومعرض بيروت للكتاب، وكافة المعارض الإقتصادية والعمرانية والتسويقية، وغير ذلك من المناسبات والمعارض والمهرجانات، وذلك لرفع درجة الوعي الوقائي بين جميع فئات المجتمع وتوعيتهم من خلال المشاركة في هذه المناسبات بضرورة الالتزام باشتراطات الوقاية والسلامة في أماكن تواجدهم في ما تتضمن خطة التوعية".
وقالت بري: "إن مفهوم التوعية الذي يشكل برأيي الأساس في أية إستراتيجية للوقاية من خطر الحرائق وتحقيق السلامة العامة، لا يكفي في ظل غياب مفهوم إدارة الحرائق وخاصة حرائق الغابات، وعدم قدرة الدولة على تطبيق القوانين، وإن كانت هناك حاجة ملحة لتحديثها (خصوصا في ما يخص قانون الغابات الصادر في عام 1949 وقانون رقم 85 الصادر عام 1991، الذي يرمي إلى المحافظة على الثروة الحرجية والأحراج)، هذا فضلا عن النقص الكبير في الموارد البشرية والإدارية في الوزارات المختصة. والقصور الحاصل في إدارة حرائق الغابات التي تعد فقط رد فعل مباشرا على كارثة طبيعية، على سبيل المثال عدم توظيف حراس للأحراش، بغض النظر عن الأسباب والعوامل الكامنة وراءها، أو مدى ملاءمة السياسات الإدارية ومعاييرها التطبيقية في هذا الإطار. حيث يظهر أحدث تقرير سنوي عن حرائق الغابات في لبنان، الذي أنجز في إطار عمل تعاوني بين وزارة البيئة وبرنامج الأراضي والموارد الطبيعية في معهد الدراسات البيئية في جامعة البلمند، مساحة إجمالية قدرها 1870 هكتارا من الحرائق في العام 2016 فقط. ومع ذلك فالخسائر التي تصيبنا كل سنة أكبر من السنة التي مضت، وعليه يجب رفع الصوت عاليا والدفع باتجاه تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للحرائق بعد تعديلها وفق ما ذكرناه سابقا، بعيدا عن البيروقراطية الإدارية والسياسية والمالية، فالتأثيرات التي تخلفها الكوارث الناتجة عن الحرائق تصيب الإنسان والطبيعة والسياحة والثقافة والزراعة والصناعة وكل مكامن الإقتصاد الوطني".
وشكرت بري وزير الزراعة غازي زعيتر وإتحاد بلديات الشقيف والمدير العام للدفاع المدني العميد ريمون أبو خطار والمحاضرين والباحثين وكل من ساهم في تنظيم المؤتمر والإعداد له، آملة "اللقاء معكم مجددا في كل مؤتمر أو ورشة عمل أو حملة أو كل ما يعزز من ثقافتنا التوعوية لمواجهة المخاطر التي تحيط بنا والتي لا تقتصر بالتأكيد على خطر الحرائق، فإرادة الحياة بعيدا عن المخاطر، يجب أن تبقى أقوى من إرادة الموت".
وختمت معلنة عن "مفاجأة في موسم الصيف وهي اقامة مهرجانات صور في قلعة الشقيف في تموز المقبل".
بعد ذلك، قدم جابر درعا تقديرية لكل من بري وطليس وفقيه والسقا، ثم انطلقت اعمال المؤتمر حيث تمحورت ورش العمل حول مخاطر الحرائق والاثر البيئي الناجم عنها ودور المجتمع الاهلي والمدني في التوعية والتصدي.