التبويبات الأساسية

إفتتح اليوم في فندق "الهليتون - الحبتور"، بدعوة من وزارة البيئة، "مؤتمر بيروت للبيئة 2019 - فرصة لبنان"، برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بوزير الخارجية والمغتربين المهندس جبران باسيل، الذي قال: "منذ يومين في حفل غرس "الشجرة المليون" في القصر الجمهوري، قال فخامة الرئيس: ما لم تكن العوالم الانسانية والنباتية والحيوانية متكاملة تكون الحياة غير متوازنة. وهذا باعتقادنا التحدي: تأمين التوازن المطلوب بين مكونات التنمية المستدامة الثلاث: البيئة والاقتصاد والمجتمع. أو ما يعرف بأهداف التنمية المستدامة بلغة الامم المتحدة "sustainable development goals".

وأضاف: "اننا تخطينا مفهوم التلوث الى السم الذي يدخل جسمنا والتسمم الذي أصاب عقولنا والذي دفع اللبناني عن وعي أو عن غير وعي للتعامل مع البيئة بالخطر الذي هو فيه حاليا"، ورأى باسيل أن "الخطر الاكبر على بيئتنا هو الانسان اللبناني الذي هو عبر دفن النفايات والبراميل السامة في باطن الارض، لوث مياهنا وحياتنا. والتلوث البيئي ليس مفصولا في أي يوم عن الفساد السياسي، لذلك المهمة ليست سهلة، واذا نجحت وزارة البيئة في هذه المهمة، فهذا يعني أنها تنجح في محاربة أكبر مرض يصيب وطننا وهو الفساد".

ولفت الى ان "الاولويات كثيرة، ونحن من المؤمنين بالكثير من العمل، والاولوية الاولى ان تكون هناك بيئة نستطيع من خلالها البقاء في الوطن. واليوم هناك مقاومة بيئية للحفاظ على الارض ويستطيع من خلالها اللبناني البقاء على ارضه. ولدينا اليوم فرصة حقيقية متاحة متمثلة بالوزير الحالي فادي جريصاتي الذي تسلم هذه المهمة، وكما ترون بدأ بقوس عال بالمطالبة بتعديل الدستور وبوزارة سيادية".

واعتبر أن "المهمة صعبة لدرجة انها تفترض أناسا لا يهابون شيئا، وأنا أقول منذ الآن للوزير جريصاتي إنه سيتعرض للكثير من الظلم ومس بالكرامة وبالحقيقة، إنما عليه أن يعرف أنه كلما تعرض لهذه الامور فهذا يعني أنه يعمل وينجح لأنه من السهل امام هذه الحالة الفاجعة ألا يفعل شيئا. أما كلما أراد الاقدام سيواجه من ينشرون في بيئتنا فسادا وجشعا ماليا، لأن كارتيل الترابة لم يوجد من لا شيء، بل تغذى بمال وغذى سياسيين لحمايته، من خلال قوانين وحمايات، وكارتيل الكسارات والمرامل والمقالع لما كان موجودا لولا حماية سياسية خرقت قوانين وكسرت جبال لبنان بسبب كارتيل ومافيا سياسية ومالية، وهذا ما تواجهه وليس اقل من ذلك. هؤلاء يهددون ليس فكرا وتيارا سياسيا بل حياة ناس، والمهمة الموكلة الى وزير البيئة هي أعلى من سيادية، وكي لا ننتقد عليها، هي بالحد الادنى المحافظة على لبنان الاخضر الذي علينا أن نعيده أخضر، وهذه الصحراء أنظروا كيف حول الانسان أجزاء منها. ونحن بالتأكيد لا يعصى علينا الحفاظ على لبنان "جوهرة المتوسط" الذي عندما نصل اليه نشعر برائحته الجميلة، وليس برائحة المطامر على المطار ولا المشاهد التي لا تشبهنا".

وتابع: "لذلك إن مواجهة هذه المافيات تتطلب مسؤولية مشتركة كبيرة، وتتطلب وزير عدل ونيابات عامة بيئية، ووزير زراعة يسهر على مراقبة المشاحر، وليس نوابا يظهرون في الاعلام وهم يتباهون بحماية المقالع ويرسلون اشخاصا لقطع أشجار وأحراج. هؤلاء الذين هم بحاجة الى مواجهة من المجتمع المدني وبحاجة الى ضابطة عدلية تكون بصدد منع قطع أشجار ومنع مقالع، وليس ضابطة عدلية تتولى هي الترخيص فوق الوزارة وفوق الادارة، من حفر آبار وحماية كسارة ومرملة وتتباهى بتوقيع إعطاء رخص. هذه هي الجهات التي يفترض مواجهتها من المجتمع المدني والجمعيات البيئية، وليس إنشاء سد أو القيام بعمل مجبرين القيام به لأنه عمل بيئي بإمتياز".

وشدد باسيل على "اهمية أن يكون الشعب اللبناني هو الجيش البيئي، كي يكون كل شخص حارسا على شجرة وعلى واد، وهذه هي المقاومة البيئية الشعبية التي تحافظ على الارض"، واستهجن "المفاضلة بين البيئة والاقتصاد، ولو كان هذا الامر يصح في بعض المرات كما في حالة الوزير جريصاتي حاليا بإستيراد الرمل".

ورأى انه "بالمعيار البيئي الخيار محسوم، وكلفة تأهيل 950 مكبا عشوائيا هي حوالى 75 مليون دولار، فيما كلفتها على البيئة إذا بقيت كما هي، أكثر من 115 مليون دولار، من هنا كلفة اصلاح البيئة أغلى من أي شيء آخر".

وختم باسيل، شاكرا المجتمع الدولي، واكد أن "الموضوع البيئي لا يستطيع الانتظار كي ننتهي من الموازنة، وغدا يأتي موضوع آخر. فالبيئة لا تستطيع أن تنتظر عن قصد حتى نصل الى الحل الالزامي، بمعنى أنه لم يعد لدينا خيار، فلنكمل بالحلول السابقة ونوضع مجددا امام الامر الواقع، لأن هناك اناسا تستفيد من هذا الامر الواقع. ولأن ننتقل من احتكار واحد للنفايات الى توزيع احتكارات مناطقية للنفايات في الوقت الذي يجب أن تعالج لامركزيا، وعندما يقال إن البلديات ليست قادرة، هل تعرفون لماذا؟ لأننا لا نتركها تشتغل ولا نحول لها الاموال ولا نعطيها الاذونات اللازمة، وكلما جاءت بلدية لتبتكر، نحرك في وجهها الناس لماذا؟ لسبب واحد وهو لتبقى قضية النفايات في يد شركات تستفيد منها، وهذه هي المعضلة الاساسية التي ستواجه وزير البيئة. وكما عملنا في الكسارات علميا علينا أن نعمل في النفايات بحلول متدرجة، لتكون النفايات مصدر مال ومردود للمجتمع وللخزينة، وهناك دول تدفع لاستيراد نفايات، لذلك لا شيء يمنع لبنان من أن يكون هذا القطاع احد الموارد التي يستثمرها لخلق حركة اقتصادية، إنما هذا يحتاج الى تصميم سياسي والى تضامن بالوقوف الى جانب الوزير جريصاتي بالسياسة وبالعلم، لأننا اذا لم نستفد من هذه الفرصة فلبنان الاخضر مهدد بالزوال، واذا إغتنمنا هذه الفرصة فلبنان سيرجع الى إخضراره".
بدوره، عرض وزير البيئة الواقع البيئي في لبنان، وقال: "تسلمت وزارة البيئة منذ أقل من تسعين يوما محملة بـ 1350 مقلعا ومرملة من دون ترخيص، و950 مكبا عشوائيا وهي غنية بـ100 موظف و9 ملايين دولار كميزانية سنوية".

ولفت الى أن "أنهارنا ملوثة وهواءنا ملوث وبحرنا ملوث، إنما لأن لبنان وطننا النهائي وليس لنا بديل عنه، خيارنا الوحيد هو المواجهة ومن هنا جاء عنوان مؤتمرنا "فرصة لبنان"، بتحويل نفاياته من لعنة وعار إلى صناعة تخلق آلاف فرص العمل لشبابنا، فرصة لخصخصة هذا القطاع بدل دفع أغلى الأكلاف لمعالجته وفتح باب العرض والطلب عبر مناقصات شفافة تؤمن جودة الخدمة بأرخص سعر. فرصة لتطبيق اللامركزية التي نص عليها القانون 80/2018 بشكل أن كل منطقة خدماتية تهتم بمعالجة نفاياتها، ولإطلاق الفرز من المصدر الذي إنتظرناه سنوات".

اضاف: "ولأن المقالع خربت جبالنا وقطعت اشجارنا ولوثت مياهنا الجوفية، نحن أمام فرصة لمنع المرامل على معظم الأراضي اللبنانية، وهي الأكثر ضررا على بيئتنا، وفتح باب الاستيراد مع ضمان الجودة والكلفة مع ربح بيئي لا يثمن. فرصة لإطلاق مخطط توجيهي جديد، وفرض القانون على كل مستثمر يعمل في هذا المجال، وهذا الشيء يدخل الى خزينتنا أموالا هائلة نحن بأمس الحاجة لها، وفرصة لاستعمال أراضي الجمهورية اللبنانية والبنك المركزي لزيادة أرباح خزينتنا أكثر وأكثر عبر مزايدات علنية وشفافة"، وسأل: "من قال إنه لا يمكننا تأمين حاجة السوق من الصخر والبحص وزيادة مداخيل الخزينة مع أقل كلفة بيئية ممكنة".

واشار الى انه "بعد 20 سنة من الكفاح، صدر أخيرا منذ 3 أسابيع، قانون المحميات، وهذه فرصة لزيادة عدد المحميات وحمايتها وتقوية إمكانياتها وقطع كل يد تمتد اليها، وهذا عهد قطعته على نفسي. نحن أمام فرصة لاستبدال محطات الكهرباء على الغاز بدل الفيول وإلغاء مولدات الكهرباء، وهذه الخطة بدأ تنفيذها من قبل وزارة الطاقة، فرصة لتحويل مادة البنزين إلى Euro 6 or 7 وتقليص تلوث قطاع النقل من500 PPM إلى 10 PPM، علما أن قطاع النقل مسؤول عن 30% من تلوث هواءنا، وطبعا زيادة عدد السيارات الكهربائية والهجينة عبر التوعية ودعم البنية التحتية".

وتابع: "ولأننا بحاجة الى صناعتنا والى حمايتها، سنوسع تعاوننا مع كل الصناعيين وسنواكبهم لنصل سويا الى انتظام بيئي كامل يحمي هواءنا وأرضنا من أي تأثير. والجهد ذاته سنبذله مع القطاع الطبي، آخذين بعين الاعتبار خطورة تلوثه وواجب كل المستشفيات أن تتجاوب معنا لحل هذا الموضوع. ولأن بحرنا هو ثروتنا وسياحتنا، علينا واجب الإسراع مع وزارة الطاقة ومجلس الإنماء والإعمار الى تركيب جميع محطات الصرف الصحي ومنع مجاريرنا من الوصول إلى البحر. وهذا ينطبق على كل أنهارنا من سهل عكار إلى الليطاني أكبر مصادر للزراعة التي علينا واجب حمايتها. أما بالنسبة الى الصيد البري، فأتعهد امامكم أن أطبق القانون بحذافيره ومنع كل التجاوزات بالتعاون مع البلديات المعنية ووزارة الداخلية".

ولفت الى اننا "أمام فرصة لتغيير الصورة لاسترداد لبنان الأخضر الذي غنى له الرحابنة وكتب عنه الشعراء، وهذا ليس حلما ولا فائض حماس. شرطه الأول هو اعتراف السياسيين أن بيئتنا ليست بألف خير وأن صحتنا جميعا تدفع الثمن، وأنه لن يبقى سياحة ولا زراعة ولا صحة إن لم تكن البيئة أولوية الأولويات وإن لم نحصنها من التدخلات والتجاذبات السياسية، بمعنى انه يجب ان تجمعنا البيئة ليبقى لنا وطن نورثه لاولادنا".

واردف: "أتعهد امامكم بتحويل وزارة البيئة الى وزارة سيادية وبعدم السماح لاحد بعد اليوم أن يتجاوزها أو أن يهمشها. فهيبة الدولة وهيبة وزارة البيئة ستعودان. أما بالنسبة للمجتمع الدولي وأصدقاء لبنان الممثلين عبر سفاراتهم اليوم والذين أعطونا وما زالوا ويعيدون في كل مناسبة تجديد ثقتهم بنا، أعاهدكم بزيادة التعاون والانتاجية والشفافية".

وخص جريصاتي بالشكر "البنك الدولي وعلى رأسه الصديق ساروج الذي تعود له فكرة تنظيم هذا المؤتمر ولولا دعمه لما حصل، نظرا لإمكانيات الوزارة المتواضعة جدا. كذلك الأمر للأمم المتحدة وخصوصا ال-"UNDP" التي لم توفر جهدا لدعم وزارة البيئة، وبالتأكيد الإتحاد الأوروبي الشريك الأول والأنشط بيئيا، ألف شكر".

وجدد جريصاتي "الدعوة الى كل الجمعيات البيئية الناشطة لتعتبر دائما أن هذه الوزارة هي وزارتهم، ومثلما وعدتهم منذ اليوم الاول، أن نبقي قنوات الحوار مفتوحة ومهما اختلفت وجهات نظرنا ألا نختلف على البيئة ولا على حبنا لأرضنا. فشكرا على وجودكم معنا اليوم، وكل الشكر لفريق وزارة البيئة الذي اشتغل ليل نهار كي ينظم هذا المؤتمر في غضون شهر واحد. أنا فخور أن أكون واحدا منكم وأعدكم أننا سنغير معا الصورة ونرد وزارة البيئة الى الطليعة".

وختم: "أتوجه بنداء الى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، نداء لتعديل الدستور اللبناني على غرار ما فعلته الدول الاخرى بدساتيرها، لادراج الشرعة البيئية بمقدمته ومواده: شرعة تحدد الحقوق والواجبات البيئية وتعتمد على مبادىء الوقاية والاحتراس والملوث يدفع. والشكر الأخير للاعلام ولمواكبتنا الدائمة ولنقل الحقيقة بتجرد".

صورة editor14

editor14