بعد عام 1990 إثر توقف الحرب الأهلية، شهد قطاع البناء وإعادة الإعمار، فوضى عارمة في الالتزام بمعايير السلامة العامة للبناء. إذ أن غياب الرقابة الرسمية لعب دوراً في عدم الالتزام بشروط البناء وفق المعايير القانونية، وما يزيد في الطين بلة أن 85% من الأسر في لبنان تسكن مباني تفتقر إلى معايير السلامة العامة المتعارف عليها عالمياً من حيث مقاومتها الهزات الأرضية والزلازل والحرائق أو مخاطر المصاعد. ووفق ما أوردته شبكة سلامة المباني في دراسة أن أكثر من 16 ألف مبنى قديم في بيروت لم تخضع منذ 6 عقود على الأقل لأعمال ترميم أو معالجة التصدعات، وبالتالي هناك أكثر من نصف مليون مواطن يسكنون في أبنية تحتاج إلى ترميم وإعادة تأهيل تواكب متطلبات السلامة العامة وفق المعايير العلمية الحديثة حيث أن هذه المباني أصبحت بمثابة قنابل موقوتة تهدد حياة قاطنيها في حال التعرض لأي كارثة، وانهيار مبنى فسوح في الأشرفية وما نتج عنه من ضحايا خير دليل على عدم جهوزية الأجهزة المعنية للتعاطي مع كوارث مماثلة.
وفي الوقت الذي تسعى الدول المتقدمة إلى تطوير الأبنية لتكون صديقة للبيئة، سواء لجهة زرع الشتول والأشجار على الأسطح أو لجهة دعم استخدام الطاقة المتجددة لتكون الألواح الشمسية على سبيل المثال مكوناً أساسياً من مكونات البناء، هناك أسئلة كثيرة تستحضر حول مقاربة واقع معايير السلامة في لبنان ومدى تطبيقها، مع العلم أنه في 11/11/1997، صدرت ثلاثة مراسيم تتعلق تباعاً بالحماية من أخطار الزلازل والحريق والمصاعد. لكن مفاعيل هذه المراسيم لم تنتقل إلى حيّز التنفيذ لأسباب إدارية وفنية وتنظيمية. وفي 11/3/2005 صدر المرسوم رقم 14293 الذي طوّر بشكل جذري أصول تطبيق السلامة العامة في الأبنية والمنشآت وجعل هذا الأمر صالحاً للتنفيذ، ثم جرى تعديل المرسوم رقم 14293 (بموجب المرسوم رقم 7964 تاريخ 07/04/2012)، حيث أصبح التدقيق الفني إلزامياً ابتداءً من 6/12/2012 للمرحلة الأولى، ثم تباعاً من 6/12/2014 و6/12/2016 للمرحلة الثانية وللمرحلة الثالثة وفق الجدول الخاص في تصنيف الأبنية والمنشآت، مع التأكيد أن إلزامية تطبيق المواصفات دائمة ومستمرة منذ 11/3/2005".