بينما يواصل فيروس كورونا الانتشار في كافة أنحاء العالم منذ بداية الربيع الماضي، يتسابق المستثمرون لشراء المعادن النفيسة بوصفه نوعا من الملاذ المالي الآمن.
وذكر تقرير لموقع "أويل برايس" (Oil price) الأميركي أن سعر الذهب تجاوز عتبة ألفي دولار منذ آب الماضي، أي بارتفاع أكثر من 30% منذ بداية العام المنقضي، كما أن الفضة أيضا ارتفعت أسعارها بأكثر من 50% خلال الفترة نفسها، وهو ما يعكس العلاقة الوثيقة بين المعادن النفيسة في فترات الغموض والاضطراب الاقتصادي.
ولكن الموقع يشير إلى أن توفير الحماية المالية ليس الدافع الوحيد للإقبال على شراء هذه المعادن النفيسة، حيث إنها تلعب أيضا دورا مهما في المعركة ضد فيروس كوفيد-19، إذ إن هذه المعادن لها استخدامات عديدة في المجال الطبي.
المعادن النفسية تحارب كورونا
تمكّن الباحثون من تطوير أدوية واختبارات تعتمد على الفضة لتقصي الفيروس والوقاية منه، وهناك نوع من الاختبارات المصلية، يتم من خلال اختبار الدم، تدخل في تركيبته جزيئات نانو الفضة والذهب لاكتشاف وجود الأجسام المضادة للفيروس في دم المريض بشكل سريع، هذا الابتكار يعد هاما في تحديد ما إذا كان الشخص حاملا للعدوى.
وإلى جانب استخدام الفضة في التشخيص والعلاج في المعركة ضد مرض كوفيد-19، فإن آثار هذا المعدن توجد أيضا في تركيبة أقنعة الوجه الطبية، إذ إن مادة الفضة ليست مضادة للفيروسات، ولكنها تحمي من أنواع أخرى من البكتيريا وتقضي على الروائح، وبالتالي فهي ضرورية في هذه الأزمات التي يتم فيها ارتداء الأقنعة لوقت طويل.
وأكدت المعركة ضد فيروس كورونا على توجه واضح في عالم تجارة المعادن، وهو تزايد الطلب على المعادن الثمينة في قطاع الرعاية الصحية، هذا الأمر مهم جدا خاصة في الأزمة العالمية الحالية، وسيترسخ أكثر في المستقبل المنظور باعتبار ارتفاع معدل أعمار السكان وتزايد الحاجة للرعاية الصحية.
ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ينتظر أن يتزايد الإنفاق على برامج الرعاية الصحية الوطنية ليشكل نسبة 19.4% من الناتج المحلي الخام بحلول العام 2027 بقيمة 6 تريليونات دولار. وبفضل خصائصها الفيزيائية الفريدة، فإن المعادن الثمينة سوف تلعب دورا هاما في هذا المجال.
الذهب والبلاتين
تدخل مادتا الذهب والبلاتين في علاجات بعض أنواع الأورام السرطانية، وهذا الاستخدام يشهد نموا متسارعا خاصة مع الاكتشافات الطبية الجديدة، وبفضل خصائصه الطبيعية التي تعمل على إبطاء انقسام الخلايا (السليمة والمريضة)، فإن البلاتين يستخدم منذ وقت طويل في العلاج الكيميائي.
كما أن جزيئات النانو في الذهب باتت محط اهتمام كبير من قبل الباحثين عن علاجات جديدة تكون أكثر دقة، ويعكف الباحثون حاليا على اختبار علاجات بالاعتماد على القشرة النانوية للذهب والسيليكا لاستهداف الخلايا السرطانية ومنع الورم من الانتشار.
وتماما مثل البلاتين، فإن هذه العلاجات تخنق الخلايا المريضة، ولكن جزيئات نانو الذهب تعتبر أكثر فاعلية في مهاجمتها للخلايا غير المرغوبة.
دعم قطاع الصحة
يذكر الموقع أن جزيئات نانو الذهب، وهي دوائر متناهية الصغر متكونة من ذرات الذهب قطرها تقريبا واحد على المليار جزء من المتر، قد أظهرت أيضا قدرة في اختبار وعلاج مرض الإيدز.
إضافة إلى ذلك فإن للذهب خصائص معالجة للالتهابات تساعد على خفض آلام والتهابات المفاصل، وتدخل هذه المادة في تحضير بعض العلاجات الأصلية لمرض التهاب المفاصل الروماتويدي.
ويستخدم الذهب أيضا في الاختبارات السريعة للملاريا، وهو ما يسمح للأطباء بتقصي المرض خلال 20 دقيقة فقط، وهذا أمر بالغ الأهمية، خاصة في بعض البلدان التي يصعب فيها إنشاء مختبرات للتحاليل الطبية.
كما يشير الموقع إلى أن الجراثيم لا تنتشر على الأسطح الفضية، وذلك بفضل الخصائص المضادة للميكروبات في معدن الفضة، وهو ما يجعله مكونا مثاليا للعديد من الأدوات والآلات التي نراها في المستشفيات.
وفي الواقع فإن الفضة مفيدة في الأدوات الطبية أكثر من الأدوية لأنها يمكن أن تسبب تسمم الجسم في حال وجودها بنسب كبيرة.
أما في مجال التكنولوجيا الطبية، فهي تعد مفيدة جدا بفضل خصائصها المضادة للميكروبات، لذلك غالبا ما نلاحظ أن تجهيزات المستشفيات تكون مغلفة بهذه المادة، إلى جانب أدوات العمليات الجراحية وحتى السماعات وأنابيب التنفس الاصطناعي ومعدات القسطرة.
أما البلاتين فهو يستخدم بكثرة في أجهزة التعديل العصبي، التي تساعد على علاج أمراض مثل الشلل الرعاش (باركنسون) عبر إرسال إشارات كهربائية إلى الجهاز العصبي المركزي.
القيمة الأشمل
إن قطاع الرعاية الصحية يمثل حوالي 5% من مجمل استخدامات المعادن النفيسة، ولكن مع تزايد معدل الأعمار في المجتمعات الحديثة، وتعاظم الحاجة للابتكارات والاستخدامات الطبية، فإن الطلب على هذه المعادن سوف يواصل الارتفاع.
وهو ما يثبت أن القيمة الأشمل لها لا تتمثل فقط في دورها بوصفها ملاذا ماليا آمنا، بل لها أدوار أخرى متعددة مثل علاج الأمراض.
المصدر: الجزيرة