التبويبات الأساسية

كتبت روان عزالدين في صحيفة "الأخبار" تحت عنوان "جيل الإحتجاج يكتشف ذاكرة المدينة: الثوّار حرّروا "التياترو الكبير": "العرض ليس مهيَّأً. مع ذلك، الدعوات موجودة: "الفقير قبل الزعيم" تقول لافتة معلّقة على الباب الحديدي المزخرف. دخل الناس مسبقاً، ولو أن البعض لا يعرف عن المبنى وتاريخه شيئاً. هناك من أراد لهم ألا يفعلوا. يعرفون أن الإطلالة فسيحة من فوق طبقاته الثلاث. ومن نوافذه وشرفاته الصغيرة وسطحه سيطلّون على ساحة رياض الصلح بأكملها وعلى جسر الرينغ من الخلف. العرض كان هذه المرّة في الخارج. لذلك خلعوا الجدران الخشبية التي تسوّره ودخلوا، لكي لا يفوتهم شيء من المشهد. تلك الجدران البنيّة نفسها التي تُحيط بالمشاريع العمرانيّة قيد الإنجاز في وسط بيروت تحديداً. معظمها استُخدم كحطب للنار التي اشتعلت على الطرقات في الأيام الأولى. الدخول إلى مبنى "التياترو الكبير" بين رياض الصلح والعازارية كان لحظة رمزية استعاد فيها الناس مسرحهم ومدينتهم. في الأيام الأخيرة، عُمّر المبنى آلاف المرّات في رؤوس الذين دخلوا إليه وتجوّلوا بين طبقاته، بنوا مواقع الغرف والزوايا والسقف الزجاجي الملوّن، والدرابزين بأنماطه المختلفة، والشرفات الداخلية التي تطلّ على الخشبة.

الدرجات لم يكن بلوغها يسيراً. لساعات ظلّ هناك صفّان من الناس باتجاهين متعاكسين نزولاً وصعوداً. أحضر بعض الشبّان ألواحاً وجلسوا عليها في الباحة السفليّة. أحدهم عندما عرف أنه كان مسرحاً راح يغني، ويقترب مما خمّن أنها الخشبة. الأكيد أن هناك أسباباً كثيرة دفعت المتظاهرين إلى ذلك المبنى. هو الوحيد الذي تخرج منه شرفات من بين المباني التي تسوّره. فارغ تماماً، لا وجهات زجاجية وأبواب موصدة، ولم يكن هناك، حتى أوّل من أمس، عناصر قوى أمنية يقفون لحماية مداخله مثل بعض الأبنية التي تمّ تكسير واجهاتها الزجاجية في لحظة أعلن فيها الناس استعادة الأملاك المسروقة. لم يجئ عناصر قوى الأمن إلا حين تم تناقل خبر سقوط شابين في إحدى حفره. قبلهم كان المتظاهرون قد وصلوا سريعاً إلى المبنى المطلّ على الشارع، كما لو أنهم يجدون نافذة إلى المدينة الحقيقية. علّقوا على سطحه لافتة تطالب باستعادة الأملاك العامّة، وتؤكّد أن المسرح للناس. وللمرة الأولى منذ سنوات كان التياترو الكبير لكلّ الناس حقّاً. "بدنا خبز وعلم ومسرح"، كُتبت الكلمات على حجارته بالأسود. لا خوف بعد الآن على المسرح الذي أقفلته سوليدير، وفي ذهنها أنها بذلك تُنسي الناس بأن لديهم مسرحاً في وسط المدينة. رغبة الشركة بألّا يعرف أحد شيئاً عن المكان تمثّلت في حجبه طويلاً عن أعين المواطنين، وتجميد العمل به من أجل حماية المشاريع الاستهلاكية في خيال المستثمرين. اقتصر ترميم الشركة للمبنى على هيكله الخارجي وسدّ ثقوب الرصاص، فيما بقي على حاله من الداخل. لا تهدأ الوفود إليه، رغم التحذيرات من خطر وقوع المبنى أخيراً".

صورة editor14

editor14