إحتّل خبر تسجيل أول إصابة بفيروس "كورونا" في لبنان على ما عداه من أخبار، ولم يعد خبر ما سيقدمه وفد صندوق النقد الدولي من مشورة من أجل الخروج من إستحقاق دفع لبنان لديونه الخارجية يتصدّر الإهتمامات، خصوصًا أن الساحة اللبنانية إنضمّت إلى الدول التي إنتشر فيها هذا الفيروس "البعبع"، الذي يشغل بال العالم بأسره، الذي يسابق علماؤه الوقت من أجل إيجاد ترياق مضاد له.
قد يكون لبنان من بين هذه الدول، الذي لن يتأثرّ كثيرًا بمفاعيل هذا الفيروس الخطير، لأن ما فيه من جراثيم وتلوث قد أكسب اللبنانيين مناعة غير إعتيادية. فكل شيء في لبنان ملوّث. الهواء. المياه. الغذاء. فمن أعتاد على هذه الأنواع الكثيرة من الفيروسات والجراثيم لن تؤثرّ فيه كثيرًا عوارض هذا المرض المميت، إذ ينطبق على حالتنا ما قاله المتنبي منذ زمن "فصرت إذا أصابتني سهام تكسرّت النصال على النصال". أو "من يهن يسهل عليه الهوان ما لجرح بميت إيلام".
كان مصيبًا وزير الصحة بالأمس عندما قال إن لا داعٍ للقلق والذعر ليس لأن لبنان محصّن طبيًّا ومعالجةً وأن الحماية من هذا الفيروس مؤّمنة ومتوافرة، بل لأنه يعرف أن اللبناني أصبح "متمسحًا" لكثرة ما مرّ عليه من قطوعات، والدليل إلى ذلك أن أي زائر للبنان يصاب بحالات إسهال لأن جسمه غير معتاد على هذا الكمّ الهائل من الجراثيم والملوثات التي تتنقل بحرية في الأجواء اللبنانية، في حين أن هذا الأمر يبدو بالنسبة إلى اللبنانيين إعتياديًا وغير مؤذٍ.
إطمئنوا أيها اللبنانيون ولا تقلقوا لأن أجسامكم محصّنة وهي معتادة على كل أنواع الجراثيم، وقد يكون أولها الجراثيم السياسية، التي تفتك بمن لم يكن معتادًا عليها، وهي إن أصابت غيرنا من الشعوب فلن ينجو منها.
فما عندنا غير موجود في أصقاع المعمورة.
- عندنا مكبّ برج حمود، الذي تنبعث منه كل أنواع الأوبئة. وهذا النوع من المكبّات غير موجود إلاّ عندنا.
- البحر عندنا ملوث وتصّب فيه كل القاذورات والملوثات، وهو يهدّد كل الدول الواقعة على خارطة البحر الأبيض المتوسط.
- الأنهر عندنا هي من أكثر أنهر العالم تلوثًا، إذ أصبحت مكبّا طبيعيًا لكل المخلفات البشرية والحيوانية.
- الهواء الذي نتنشقه هو غير الهواء الذي ينعم فيه سوانا، لأن فيه كل أنواع السموم، التي يمكن أن تخطر على البال.
- الطعام الذي نتناوله غير مراقب وهو في الإجمال غير صحي وغير نظيف وغير متطابق مع الحد الأدنى من شروط السلامة الغذائية.
وبعد كل هذا هل تخافون من فيروس إسمه "كورونا". لا تقلقوا فهو لن يميت من هو في الأساس ميتًا، بعد كل ما أصابه من مصائب على كل الأصعدة، البيئية منها والصحية والغذائية، وأهمها ما أكتسبه من مناعة ضد التلوث السياسي، الذي أصابت عدواه كل لبناني مقيم في وطن حوله الفساد السياسي إلى مزرعة يستقوى فيها القوي على الضعيف.
فمن إعتاد على هذه الطبقة السياسية الفاسدة لن يخاف بعد اليوم من شيء، حتى من فيروس "كورونا"!
المصدر: لبنان 24