قدّم الرئيس العراقي، برهم صالح، استقالته للبرلمان العراقي، الخميس، مؤكداً أنّه "يفضل الاستقالة على تكليف مرشح يرفضه المحتجون بتشكيل الحكومة". وقال برهم صالح للبرلمان إنّ "مسؤوليتي الوطنية في هذا الظرف تفرض عليّ الاستقالة". وتزامناً مع الإسقالة، قرر البرلمان العراقي رفع جلسته إلى إشعار آخر بشكل مفاجئ.
يأتي ذلك بعدما وقعت الكتل السياسية العراقية، في دوامة من الحيرة أمام الانتفاضة الشعبية الكبرى التي يقودها العراقيون منذ مطلع تشرين الأول الماضي، حيث يدور الصراع اليوم حول اختيار رئيس جديد للحكومة.
وقال برهم في بيان إستقالته أنّ "منصب رئيس الجمهورية يجب أن يستجيب لإرادة الشعب". وقال إنه قد وصلته "عدة مخاطبات حول الكتلة الأكبر تناقض بعضها بعضاً"، مضيفاً: "أعتذر عن تكليف مرشح عن كتلة البناء". وأضاف صالح: "أضع استعدادي للاستقالة أمام البرلمان العراقي".
وكانت وكالة الأنباء العراقية أفادت، في وقت سابق، على "تليغرام" بأنّ رئيس الجمهورية اعتذر عن تكليف مرشح "كتلة البناء"، أسعد العيداني.
ويدور الصراع اليوم حول اختيار رئيس جديد للحكومة. وسرعان ما سربت الكتل النيابية اسماً لمرشح مؤقت يدير الحكومة حتى إجراء الانتخابات المبكرة التي دعا إليها المتظاهرون، إلاّ أنّ صوره علّقت مع علامة رفض، في ساحات الاعتصام، وهو أسعد العيداني.
وانصاعت الكتل للرفض الشعبي، لجميع المرشحين الذين طرحت أسماؤهم، وأولهم محمد شياع السوداني، ويليه قصي السهيل الذي نال قبولا سياسيا وكان قريبا من توليه رئاسة الحكومة، لكنه اعتتذر أمس بعد رفضه هو أيضا من قبل المتظاهرين الذين توعدوا بمحاكمته أيضا.
مواصفات رئيس الحكومة:
يؤكد المحتجون العراقيون أنّه لا بد من توفر هذه المواصفات في رئيس الحكومة المقبلة:
أولا. أن يكون مستقلا، وغير منتميا لأي حزب أو تيار، ومن غير مزدوجي الجنسية، ثانيا، لم يسبق له أن تولى حقيبة وزارية أو منصباً بدرجة وزير، أو منصباً برلمانيا، أو محافظا، ولم يسبق له أن ترشح مع أي كتلة سياسية.
ويطالب المتظاهرون أيضاً بأن يكون نزيها، وشجاعا، وغير متورط بأي قضية فساد، وأن يكون شاباً. ويريد العراقيون من رئيس الحكومة العراقية العتيدة أن يتعهّد قبل اختياره، بعدم الترشح للانتخابات القادمة وأن يكون ملزما بتلبية مطالب ساحات الاعتصام، وأن يكون قراره عراقيا مستقلا خالصا، بحيث لا يخضع لضغوط الكتل السياسية، أو الدول.
ومن بين الوجوه السياسية التي لاقت الرفض والغضب الشعبي، كانت هناك شخصية واحدة طالب بها المتظاهرون لرئاسة الحكومة المؤقتة، أو المشاركة في إدارة الدولة بعد الانتخابات المبكرة، وهو، الفريق الركن، عبد الوهاب الساعدي، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب، السابق، الذي كان سببا في إندلاع شرارة الثورة مطلع تشرين الأول الماضي، وذلكبعد إحالته إلى أمرة وزارة الدفاع، وتجريده من منصبه الذي أحبه الشعب من خلاله لمشاركته في عمليات القضاء على "داعش"، في الصفوف الأمامية من الحرب.
وفي السياق نفسه، علق المتظاهرون صورة المرشح الجديد الذي تتشاور الكتل في ما بينها على تكليفه لرئاسة الحكومة، وهو أسعد العيداني، المحافظ الحالي للبصرة، مع عبارتين: "مرفوض من قبل الشعب"، و"المجرب لا يجرب".
ماذا حقق المتظاهرون؟
استطاع المتظاهرون حتى الآن، من كسب مطلبين تاريخيين في أول ثورة شعبية لهم منذ الغزو الأميركي وإسقاط نظام صدام حسين عام 2003، وهما: نجاحهم في إقالة رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، واختيار قانون انتخابات جديد.
ويواصل المتظاهرون في العاصمة بغداد، ومحافظات الوسط، والجنوب، احتجاجاتهم، مع اعتصامات الطلاب، وإضرابهم عن الدوام الرسمي للشهر الثالث على التوالي، لحين تلبية جميع المطالب، باختيار رئيس مستقل، وإجراء انتخابات مبكرة، ومحاكمة المتورطين بقتل المحتجين، والفساد.