لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى وجود خلاف في وجهات النظر مع الدول المعنية بعودة النازحين السوريين الى بلادهم.
واشار الرئيس عون الى انه يعتبر ان هؤلاء النازحين هربوا الى لبنان بسبب مخاطر الاوضاع الامنية والاقتصادية، وبالتالي هم لاجئون أمنيون وليسوا لاجئين سياسيين حتى يخافوا من العودة إلى أرضهم.
وفي مقابلة مع تلفزيون "روسيا اليوم" ، شدد الرئيس عون على ان نقطة الخلاف الاساسية مع الدول الغربية هي في تمسكها بالتلازم بين الحل السياسي في سوريا وحل قضية النازحين السوريين الى لبنان، معتبرا ان لبنان ليس طرفاً في النزاع السياسي الحاصل في سوريا، انما كان طرفاً في محاربة الارهابيين على الحدود اللبنانية-السورية،.
ولفت الرئيس عون انه"برغم اننا لم نكن في قلب النزاع الا انهم يحملوننا نتائج الحرب على سوريا، وليس هناك عدالة او انصاف في ذلك، خصوصا ان الدولة السورية قد دعت النازحين الى العودة الى بلدهم".
واكد رئيس الجمهورية على تسييس ملف النازحين نتيجة ربطه بالحل السياسي، لافتاً الى عدم وجود قناعة دولية حالياً بهذه العودة، وهناك فقط قناعة روسية ترجمت عبر مبادرة تسعى الى تحقيق عودة النازحين، مشيراً الى وجود اشكالات خارجية تعيق هذه المبادرة اضافة الى وجود محاولات لحلها.
ورداً على سؤال حول تصريحات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله التي اكد فيها ان الحزب لن يخرج من سوريا، رأى أن هذه التصريحات هي نتيجة التعثر في الوصول الى حل، معتبرا ان حزب الله هو جزء من الأزمة السورية، وهو كان في بدايتها يدافع عن الأراضي اللبنانية ضد الهجمات التي كان يشنها الارهابيون من القصير على منطقة البقاع.
واعتبر الرئيس عون ان ما يعرقل عودة العلاقة بين لبنان وسوريا الى طبيعتها هو السياسة الدولية وقسم من اللبنانيين الداعمين لهذه السياسة، مشدداً على التزام لبنان في الوقت نفسه موقف النأي بالنفس عن الصراعات العربية كي لا يتحول طرفاً فيها.
واستبعد رئيس الجمهورية ان تؤدي التهديدات الاسرائيلية الاخيرة للبنان الى تصعيد على الجبهة اللبنانية، وإذ أكد اننا سندافع عن لبنان بكل الوسائل المتوافرة لدينا، اضاف :" نحن لن نبدأ باستعمال اي سلاح ضد اسرائيل، ومتمسكون باتفاقية وقف الاعمال العدائية التي تشرف عليها الامم المتحدة، والخروج عنها لن يكون من جهتنا".
وعن موقف لبنان من المحادثات الاردنية- السورية الجارية لفتح معبر نصيب، اكد دعمه لفتح هذا المعبر، مضيفا " نحن ننتظر نتائج هذه المحادثات لنتدخل ايضاً في هذا الموضوع".
ورداً على سؤال عن موقع لبنان في الصراع السعودي الايراني على النفوذ في الشرق الاوسط، شدد الرئيس عون على "ان لبنان هو من اصغر الدول بين المتصارعين، وليس من مصلحتنا ان نقوم بأي عمل الى جانب اي طرف ضد الآخر"، مشيرا الى "ان للبنان ثقله السياسي الذي يساعدنا في اتخاذ خيارنا."
واوضح الرئيس عون "انه لا يجب ان ننتظر ان يسعى فريقان متخاصمان لاقامة السلام،" لافتا الى "ان المشكلة ليست عندنا، وعلى الاطراف المعنية ان تلجأ الى التفاوض او ان يقوم طرف ثالث بالتفاوض بين الجهتين المتقابلتين فيبدأ بمحادثات من شأنها التوصل الى حل."
وسُئل رئيس الجمهورية عمّا يتم تداوله من كلام قوامه فرض توطين اللاجئين الفلسطينيين مقابل محو ديون لبنان بما بات يعرف ب"صفقة القرن"، خصوصا مع كلام امين عام الامم المتحدة في افتتاح الجمعية العمومية بأن "حل الدولتين بدأ يتضاءل"، فاجاب "ان هناك مرحلة سابقة قد تم التوصل فيها الى تقارب كبير في اتجاه حل الدولتين لكن الاحداث التي جرت في المنطقة لم تسمح للمحادثات بأن تتقدم اكثر ممّا تحقق، وقال: "نحن مع حل الدولتين وقد عبّرنا عن موقفنا تجاه هذه الامر، وذكرّنا بموقفنا من القرارين الاساسيين الصادرين عن الامم المتحدة وهما القرار رقم 181 المتعلق بتقسيم فلسطين، والقرار رقم 194 الذي لم يُنفّذ وهو ينص على وجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ارضهم."
واكد الرئيس عون ان موضوع التوطين "طُرِح بصورة غير رسمية، الّا انّ مجرى الاحداث والقرارات المتخذة تشير كلّها الى التوطين. وفي بعض المناسبات كالجمعية العمومية للامم المتحدة العام الماضي نادى الرئيس الاميركي ترامب بوجوب بقاء اللاجئين في اماكن لجوئهم، بالاضافة الى وقف المساهمة الاميركية في تمويل "الاونروا" والذي يعني الاتجاه الى نزع صفة اللاجئين عن الفلسطينيين عندنا واعطاءهم وضعا محليا ما من شأنه ان يُفقد الفلسطينيين هويتهم الاساسية ووطنهم."
واشار الرئيس عون في معرض رده على سؤال، ان باستطاعة الدول العربية، اذا ارادت ان تجمع مبلغا يوازي المبلغ الذي توقفت الولايات المتحدة عن دفعه في موازنة "الاونروا"، مضيفا "عندما يتجرّد البعض من مسؤوليته في مساعدة الفلسطينيين، ولا سيما بعض الدول العربية التي هي اساسية في الصراع العربي-الاسرائيلي، يفكر الآخرون بوقف المساعدات"، متسائلا: "ما الذي دفع بالدول الى تقديم هذه المساعدات اصلا؟ اليس الضغط الذي حصل في السابق."
وتناول رئيس الجمهورية الوضع اللبناني الداخلي، من زاوية التأخير في تشكيل الحكومة، فاجاب ردا على سؤال: "في لبنان، يقوم الوضع السياسي على الديموقراطية التوافقية، ونحن نحاول دائما التوصل الى الاجماع وبما ان هناك اطرافا متعددة، فالأمر يستغرق احيانا بعض الوقت، لكني اعتقد اننا وصلنا الى نهاية الجدل حول هذا الموضوع." واضاف: "انني آمل بعد عودتي الى لبنان، ان نبلغ الحل."
وعن الاجراءات الدستورية التي يمكن لرئيس الجمهورية ان يقوم بها في حال لم يتبلور هذا الحل، واستمرار الفشل في تشكيل الحكومة، اجاب الرئيس عون: "العودة الى مجلس النواب."
وسئل رئيس الجمهورية عن الوضع الاقتصادي في لبنان وعمّا اذا كان كارثيا على حدّ ما يصفه البعض، فاجاب: "ان الازمة الاقتصادية لم تبدأ اليوم بل منذ بداية التسعينينات، وهي راحت تتضخم نتيجة سياسة اقتصادية خاطئة قامت على الاقتصاد الريعي الذي هو نوع من التجارة المالية فحسب، وليس على الانتاج. لكن يمكن حل هذه الازمة التي وصلنا اليها، على الرغم من صعوبتها، ونحن لن نسمح بأن يصل لبنان الى الانهيار الاقتصادي"، مشيرا الى ان ذلك قد تم بالفعل من خلال انجاز الخطة الاقتصادية لكي يقوم الاقتصاد اللبناني على الانتاج ولا يعود رهينة الديون المتراكمة علينا."
وحول موقف لبنان من مسألة الصراع على الطاقة في شرق المتوسط، اكد رئيس الجمهورية "اننا، بالتعاون مع الامم المتحدة، في طور التوصل الى تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر، وهناك قواعد دولية لذلك، واذا لم نصل الى التفاهم المباشر بشأنها فهناك قواعد للتحكيم بشأنها، فلا نعود امام خلاف بصدد استخراج النفط على الحدود. من هنا فأن الحل هو تحت القوانين الدولية لانتاج النفط بين مختلف الاطراف"، مشيرا الى "ان هذا الملف ليس في اساس الصراع مع اسرائيل الّا انه انضم الى الصراع القائم، لكن يمكن حله وفق قواعد القانون الدولي، والحدود البحرية تتبع اصولا دولية معينة."
وعن تقييم رئيس الجمهورية للعلاقة بين لبنان وروسيا، قال الرئيس عون: "نحن في علاقة صداقة مع روسيا التي هي بالنسبة الينا دولة صديقة، وتساعدنا على حل المشاكل التي نتعرّض لها، ومنها مثلاً المساعدة على حل الاشكال الذي تعرض له رئيس الحكومة في السعودية، كما انها دخلت ميدان التنقيب عن النفط والغاز في لبنان.
واعتبر انه بالنسبة الى مساهمة روسيا في تسليح الجيش اللبناني، فإنّ المسألة مطروحة، "لكن الظروف الدولية تؤخره قليلا، ونحن لا نريد القطيعة مع روسيا نتيجة ذلك."