تُستهلك الحكومة تباعاً، وهي لا تزال في بداياتها، تتلمّس آليات تحقيق إنفراجين مطلوبين بإلحاح: الكهرباء والتوافق على مندرجات خطة التعافي المالي والإقتصادي منطلقاً للمفاوضات الرسمية مع صندوق النقد الدولي.
ولأن الحكومة ما تزال أسيرة إصرار الثنائي الشيعي على تنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، فإنّ مسودات العلاج الكثيرة لم تأتِ بعد بالمأمول الذي يتيح قبول الثنائي بتسوية يُفَكّ في ضوئها أسر الحكومة.
في هذا السياق أتت صباح أمس زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وكانت قصيرة لأنها رمت أساساً الى التشاور في سبل الخروج من الإقفال الحكومي، وتلك السبل لا تزال متقطّعة في إنتظار المخرج المناسب.
وليس خافياً أن ميقاتي لن يدعو الى جلسة لمجلس الوزراء قبل التوصّل الى حلّ نهائي. وهو لم يأخذ بالكلام الأخير لوزير الثقافة محمد مرتضى (نقيض موقفه التصعيدي السابق) والذي أبدى كل استعداد للمشاركة في أي جلسة يدعو اليها، لعلم رئيس الحكومة بالموقف الحقيقي للثنائي من جهة، ولأن مرتضى اجتهد في تصريحه الأخير في مسعى منه لمحو الخطأ الكبير، الذي أوقع نفسه به إبّان مناقشات الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء نتيجة اللغة الإستعلائية التي استخدمها والمضمون المُستغرب والمُستهجن الذي نطق به.
وتعتبر مصادر سياسية رفيعة أن المعالجات القائمة لا بدّ ان تصل الى حلّ وسطي يُخرج الحكومة من عنق الزجاجة.
وتشير الى أنّ خلط الثنائي الشيعي السياسي بالقضائي يزيد الأمور تعقيداً، وهو يعلم علم اليقين أن رئيس الجمهورية لن يقبل أو يغطي أي تدبير سياسي في حقّ المحقق العدلي يعتبره إعداماً للقضاء، وهو يعتبر أن أي إجراء يواكب الهواجس التي أبداها الثنائي من القرار الظني المرتقب لا بدّ ان تأتي من وسط القضاء حصراً. كما أن رئيس الحكومة ليس في وارد إتخاذ أي قرار من شأنه أن يعرّضه للمساءلة الفرنسية والدولية، في ظل الإحتضان الخارجي للقاضي بيطار، وعدم القدرة على الوقوف بمظهر معطّل العدالة او معرقل سبل الوصول الى الحقيقة في إنفجار المرفأ.