حيا الامين العام للحركة الثقافية - انطلياس الدكتور عصام خليفة، في بيان، العلامة الراحل الاب بولس فغالي، ووزع نبذة عنه قال فيها:
"مع غياب العلامة الأب بولس فغالي يخسر لبنان ومسيحيو الشرق واحدا من أكبر علمائهم في الفترة المعاصرة.
في بيت أنجب مطرانين عالمين درسا اللغات الشرقية في جامعة بوردو وساهما من موقعهما الأكاديمي في قيام لبنان الكبير في مطلع القرن العشرين، نشأ الأب بولس في بلدة كفرعبيدا البترونية. بين الاخوة المريميين واكليريكية الآباء اليسوعيين وجامعة ليون والجامعة اللبنانية وجامعة القديس يوسف وجامعة الروح القدس والمعهد الكاثوليكي في باريس. نال شهاداته في الأدب الفرنسي والفلسفة واللاهوت والدراسات البيبلية واللغات اليونانية والعبرية والآرامية واللاتينية متعمقا في أدب القديس افرام السرياني.
وما لبث ان درس في ثانويتي بشري والبترون حيث كان ناظرا مميزا ومديرا نموذجيا في مرحلة الحروب العبثية.
في عام 1979، التحق متفرغا بكلية الآداب - الفرع الثاني - قسم الآثار حيث درس اللغات العبرية واليونانية واللاتينية والسريانية، وتاريخ الأديان والكتاب المقدس والاركيولوجيا والنصوص البابلية والانتروبولوجيا، وتاريخ الفلسفة القديمة والفلسفة في القرون الوسطى.
شارك في عشرات المؤتمرات وانجز ما يقارب 400 كتاب ومئات والأبحاث. عكف على ترجمة الكتاب المقدس فكان استمرارا لخط الرزي والصهيوني واليازجي والبستاني، وفي خط افرام واوريجانس وغيرهما. في الكتاب المقدس كان الخوري بولس يصلي ويتأمل، ويتعمق ومنه يغتذي يوما بعد يوم".
وأضاف البيان: "لقد تحرك في تاريخ الكتاب المقدس، وفي لغاته الاصلية وفي الحضارات التي استقى منها وسقى، لقد عكف علامتنا على الكتاب المقدس بنظرة العالم الناقد، المتبصر والمتبحر، ليعيد رسمه لوحة بديعة تخلب منا الجنان، وتفتن العين وتهب العقل منيته، كما قال عنه الأب أيوب شهوان يوم تكريمه في الحركة الثقافية - انطلياس (مع رعيل العام 2000) كعلم ثقافة في لبنان والعالم العربي.
وتابع: "لقد ترهب الخوري بولس أيضا للمهمات المتنوعة والتي تتطلب كفايات علمية متنوعة، فإضافة الى التعليم في المرحلتين الثانوية والجامعية كان مستشارا في الكتاب المقدس للعالم العربي مع جمعيات الكتاب المقدس (1982).
وكان امينا عاما للجمعية الكهنوتية في لبنان (1983 - 1990).
وكان عضوا في مكتب جمعيات الكتاب المقدس في لبنان وسوريا ودول الخليج (1985).
كان مسؤولا عن الحركة البيبلية في لبنان (1986).
وكان عضوا في الرابطة البيبلية العالمية (1987).
وكان رئيسا للرابطة الكهنوتية (1990) وكان منسق الرسالة البيبلية في إقليم الشرق الأوسط في إطار الاتحاد البيبلي العالمي (1991).
وكان رئيسا للرابطة الثقافية في البترون (1991).
بالإضافة الى كل ذلك، شارك في تأسيس مجلة "النور والحياة" وجريدة "بيبليا"، ومجلة "حياتنا الليتورجية"، وفي احياء المجلة الكهنوتية، وحرر فيها كلها بانتظام تقريبا.
وأضاف: "لقد أدى الخوري بولس دورا رائدا في اللغة العربية على صعيد الدراسات البيبلية. وحاول ان يوفق بين المنهج العلمي الصارم في موضوعيته، وايصال الرسالة بطريقة سهلة ومتينة.
ما طلب منه المشاركة في مؤتمر علمي متصل باهتماماته إلا ولباه، وكذلك ما طلب منه مقال او رياضة روحية إلا ووافق بروح إنسانية طيبة".
وتابع: "لقد أحب الخوري بولس طلابه في الثانويات وفي الجامعة اللبنانية وفي الجامعات الخاصة وفي كليات اللاهوت في جامعات عالمية.
وأحب الله من كل قلبه وغاص في سر الكلمة المقدسة. ولقد تعمق في معرفة الله كعالم ولاهوتي ومؤمن. وعاش مترهبا للصلاة من خلال البحث العلمي والدراسات البيبلية. وان عطر سيرته انتشر على امتداد كنائس لبنان، وكنائس العالم العربي في مصر وسوريا والعراق وفي حواضر العلم في أوروبا وفي العالم.
حيثما حل ثمة ورشة عمل وثمة مؤلفات جديدة ومنشورات بلغات متعددة. وثمة كثر يحبونه ويقرون بعمق معرفته وبرسوليته. انه بمعنى أو بآخر "الرسول بولس" في القرن العشرين يعمل للتجدد في الكنيسة وفي الدراسات الدينية ويعمل لتخطي الانقسامات وللوحدة الكنسية والإنسانية.
لقد كان الخوري بولس كبير النفس نبيلا بعيدا من محبة المال. في كل سنة يجمع اقاربه ويوزع عليهم ما يملك من مال. وكان وديعا ومتواضعا ودودا يتقن فن الصداقة.
لقد قال عنه الأب أيوب شهوان في يوم تكريمه في الحركة الثقافية - انطلياس: "في تاريخ المنشورات البيبلية في العربية، بنوع خاص، والابائية واللاهوتية وغيرهما، عموما، سيخلد اسم الخوري بولس صفحة مجيدة في تاريخ التأليف البيبلي، وعلما لامعا في سماء وطننا ومحيطه".
وتوجه الدكتور خليفة الى الاب فغالي: "أيها العالم العلامة، ها انت تعود الى تربة كفرعبيدا الابية تستريح من الكد الموصول الذي تحملته في مسيرتك الغنية.
ها انت تغيب والوطن يعاني قرصنة القوى المتنوعة التي افقرت شعبه ونهبت ثروته وأوقعته في الديون واستقدمت الانفجار الى عاصمته، ولا تزال تمعن في إيصال مجتمعنا الى الهجرة والجوع والانحلال.
لقد علمتنا، على امتداد تاريخك الغني بالعطاء، ان نتحلى بالرجاء وان نؤمن باستقلال الدولة وان ندافع عن حقوق الانسان فيها وعلى امتداد عالمنا العربي الكبير".
وختم: "الحركة الثقافية - انطلياس، بكل أعضائها واصدقائها، في حداد كبير، ولكنها على يقين ان امثالك من العلماء الكبار سيبقون خالدين في ضمير الشعب والوطن يستلهم منهم أبناء شعبنا حب المعرفة وصلابة الايمان وإرادة الانتصار على الكوارث.
أيها الأب العلامة بولس، لك منا كل الحب والاحترام، فليكن ذكرك مؤبدا".