التبويبات الأساسية

لا يختلف اثنان على أن الأوضاع الإقتصادية في البلد وصلت الى حافة الهاوية، فالقطاعات الإنتاجية تعاني من جمودٍ رهيب فيما الأسواق الماليّة تشهد بلبلة غير مسبوقة على وقع مخاوف الناس التي بدأت تكبر ككرة الثلج. وكلّ ذلك يجري على عين الزعماء السياسيين الذين يتلهون بتقاذف المسؤوليات وتبادل الإتهامات.
ولأنّ البلديّات هي المحرّك الأساسي لتحقيق الإنماء الشامل والمتوازن، ولأنها السلطة المحليّة الأقرب الى الناس وهمومهم، كان لا بدّ لنا من التوّقف عند الصرخة المحقة التي تطلقها اليوم في ضوء الإجحاف الكبير الذي يلحق بها نتيجة ضعف آداء السلطة السياسية وغرقها في مستنقع فساد وعجز لا نهاية له.
فالبلدياّت لا تتقاضى مستحقّاتها الماليّة وهي تقف قاب قوسين من اعلان توقفها عن العمل في ما يمكن اعتباره مؤشراً خطيراً يعكس حالة الإحباط والتردّي التي وصلت اليها المؤسسات الفاعلة في هذا البلد.
وصلنا الى حائط مسدود....وما يجري على مستوى الدولة هو عمليّة سرقة موصوفة
رئيس بلديّة عماطور الأستاذ وليد أبو شقرا، يفنّد الواقع المؤلم الذي وصلت اليه البلديّات اليوم، فيقول: “وصلنا الى حائطٍ مسدودٍ ولا يمكننا الإستمرار على هذا النحو، فالبلديّات مكسورة، ولديها ديون مستحقة لأعمالٍ قام بها منفذين، فيما كلّ ما نسمعه من الوزراء والمعنيين هو مجرّد وعود لا أكثر”.
وعن الخطوات المرتقبة بحال استمرار الوضع على ما هو عليه، فيشير شقرا الى الاتجاه البلديّات واتحادات البلديّات نحو التصعيد بدءأً بالتوقف عن العمل وصولاً الى إعلان العصيان المدني، حيث قال: “ إنّ كلّ ما نطالب هو حقنا وليس أكثر، سنلجأ الى كافة الطرق القانونية المتاحة للوصول الى حقوقنا المشروعة”.
أمّا عن تقييمه للأوضاع الماليّة في البلد في ضوء البلبلة في الأسواق والتقارير التي تتحدث عن إنهيارٍ وشيك، فيرى أبو شقرا بأنّ لبنان ليس بلداً مفلساً، ويتابع:”هناك رؤوس أموال لمتموّملين ورجال أعمال هرّبت الى سويسرا ونحن نتحدث هنا عن مبالغ ضخمة، إنّما ما يجري على مستوى الدولة هو عمليّة سرقة موصوفة ونهب للشعب اللبناني، وهذه الحالة تحتاج الى علاج جذري.»
هذا ويشدد أبو شقرا على ضرورة إقرار قانون اللامركزية الإدارية لأنه يضمن للبلديّات حقوقها المادية وغير المادية فلا تبقى رهينة السلطة المركزيّة كما يحصل اليوم.
على خطّ موازٍ ورغم الشح المالي الكبير الذي يضرب البلديّات، يلفت أبو شقرا الى استمرار عمل بلدية عماطور على مستوى الإنماء والخدمات قدر الإمكانيّات المتوافرة، بحيث يشير الى انتهاء اعمال إعادة تأهيل المدرسة الرسميّة المختلطة في البلدة، والتي تمّت بتمويلٍ من الوكالة الألمانيّة للتعاون الدولي GIZ، وفي إطار الشراكة القائمة بين وزارة التربية والاتحاد الأوروبي، ويهدف المشروع إلى توفير ظروف تعليمية أفضل للطلّاب.
وبالنسبة للمستوصف الطبي الذي كانت البلديّة بصدد تحهيزه وتحويله الى مسشفى ميداني صغير، فيوضح أبو شقرا بأن المشروع هو مجمّد بالوقت الحالي بانتظار الإفراج عن الأموال، موضحاً أيضاً أن تعويضات مشروع سدّ بسري المستحقة لبلدية عماطور لم يتمّ صرفها بعد.
أمام هذا الواقع المرير، يشدد أبو شقرا على وجوب حلحلة الجمود المالي، على اعتبار ان طلبات الأعمال لا تتوقف في البلدات، إذ يوجد دوماً حاجة لأعمال روتينيّة لا يمكن للبلديّة التهرّب منها، مثل بناء جدران دعم او أقنية ري وغيرها، وبالتالي لا يجوز تأخير المعاملات وطلبات الناس المحقة بسبب مماحكاة سياسيّة داخليّة.
ورغم صعوبة الظروف الحالية، يلفت أبو شقرا الى ان الاحتياجات الأساسيّة لأبناء عماطور من مياه مكرّرة وكهرباء وغيرها من الخدمات كلّها مؤمنة 24/24 حتى أن مشكلة النفايات محلولة ومطالب الناس تلبيها البلديّة.
«لم أدخل الشأن العام طمعاً بمناصب او مصالح»
وحول ما ترددّ عن خلافات مع قصر المختارة، يوضح رئيس بلديّة عمّاطور أنّه تعرّض لحملات من قبل سياسيين محليين نتيحة معلومات مغلوطة، مشدداً على صلابة مواقفه وتمسّكه بالحق والقانون حيث يقول:”لم أدخل الشأن العام طمعاً بمناصب او مصالح شخصية، فكلٌ يعلم تاريخي النضالي الكبير ولا سيّما زعيم المختارة».
على أمل أن يعي المسؤولون والزعماء حجم المخاطر المحدقة بالوطن وعلى أمل ان يكونوا على مستوى التضحيات التي قدّمتها الناس لهم في وقت الشدة، يختم رئيس بلدية عماطور حديثه، متمنيّاً المبادرة فوراً الى القيام بالخطوات الإصلاحية حتى لا يفرغ الوطن من ناسه.

صورة editor2

editor2