كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول: الحكومة الجديدة في مرحلة اللمسات الأخيرة على التوزيعات الوزارية، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم "شَغّال" في كل الاتجاهات لإنضاج الطبخة، مُواكَباً بتوقعات المتفائلين بأنّ هذه الحكومة، الضائعة لـ7 أشهر خَلت، ستبصر النور في الساعات المقبلة، الّا اذا طرأ ما لم يكن في الحسبان. يأتي ذلك، في وقت انتقلَ ملف الأنفاق، التي قالت اسرائيل إنّ "حزب الله" حَفرها على الحدود الجنوبية، الى مجلس الامن الدولي، بالتوازي مع تهديدات جديدة أطلقها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ضد الحزب، داعياً مجلس الأمن الى تصنيفه بكلّ أجنحته "إرهابياً"، مشيراً الى انّ "إسرائيل ستقوم بكل ما يلزم من أجل الدفاع عن مواطنيها وحدودها". واللافت في ما أعلنه نتنياهو أمس، هو انّ "حزب الله" أغلق مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة التوجيه بعد أن كشفتها إسرائيل، وهو يمتلك حالياً على الأكثر بضع عشرات من هذه الصواريخ.
حكومياً، بعد 7 أشهر من التجاذب وصراع الإرادات والرغبات والشهوات والصلاحيات والتفسيرات والاجتهادات، إنتشى السياسيون باتفاقهم على ما كان يُفترض انه أمر بديهي لا يستأهل كل هذه الفترة من التعطيل والاشتباك السياسي حوله، وكل هذا القدر من الاحتقان الذي شُحِن فيه البلد سياسياً وطائفياً. ومع هذا الاتفاق ينبري سؤال أساس: إتفقوا على الحكومة، فماذا عن البلد؟
مشروع تشكيلة
في الشكل، يجهد الحراك الجاري لاستيلاد حكومة يُفاخر السياسيون بأنها ستكون عيدية اللبنانيين قبل عيد الميلاد. والتفاؤل في أعلى مستوياته في القصر الجمهوري وعين التينة وبيت الوسط، فيما بَدت صورة الحكومة شبه مكتملة وتوزّعت كما يلي:
الحصة الرئاسية: الياس بو صعب (وزير دفاع)، بيار رفول (وزير دولة لشؤون رئاسة الجمهورية)، صالح الغريب (وزير دولة)، سليم جريصاتي (وزير عدل) اذا أسندت هذه الحقيبة لكاثوليكي، علماً انّ اسم النائب ابراهيم كنعان تردّد لهذه الوزارة فيما لو تمّ إسناد هذه الوزارة لماروني.
تيار المستقبل: الرئيس سعد الحريري (رئيساً للحكومة)، محمد شقير (وزير اتصالات)، محمد مكاوي (وزير داخلية)، مصطفى علوش، فيوليت خيرالله الصفدي، وعادل افيوني (بالشراكة مع الرئيس نجيب ميقاتي).
لبنان القوي: جبران باسيل (وزير خارجية)، ندى بستاني (وزير طاقة)، (وتبقى 3 حقائب: الاعلام تردّد اسم داليا داغر، والاقتصاد ووزارة دولة للكاثوليك، اواديس كيدانيان (وزير سياحة).
القوات اللبنانية: غسان حاصباني (نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون)، مي شدياق (وزير ثقافة)، كميل ابو سليمان (وزير عمل)، وريشار قيومجيان (وزير دولة).
اللقاء الديموقراطي: اكرم شهيّب (وزير تربية)، وائل ابو فاعور (وزير صناعة).
كتلة الرئيس نبيه بري: حسم اسم الوزير علي حسن خليل ( وزير مالية)، أمّا الوزيران الآخران فلم يكشف عنهما بري حتى الآن، ولكن تردّد اسم حسن اللقيس (زراعة) ووسيم منصوري (بيئة).
كتلة "حزب الله": محمد فنيش (وزير دولة لشؤون مجلس النواب)، محمود قماطي (وزير شباب ورياضة)، جميل جبق (وزير صحة).
تيار المردة: يوسف فنيانوس (وزير أشغال).
اللقاء التشاوري: جواد عدرا (وزير دولة).
ماذا بعد؟
الى ذلك، تحدد ترجيحات طبّاخي الحكومة يوم غد موعداً لولادتها، وإن صَحّ ذلك، فستتوالى الخطوات بدءاً بصدور مرسومها وصولاً الى منحها الثقة على اساس بيان وزاري يقدّم، وهو متّفق عليه مسبقاً خصوصاً ما يتصل بالجزء المتعلق بالمقاومة، حيث سيعتمد الجزء الذي كان معتمدا في الحكومة السابقة.
على انّ العبرة ليست في ولادة الحكومة بقدر ما هي في الحكومة نفسها، فأيّ حكومة ستولد؟ هل ستكون جديدة، بنهج عمل جديد عمّا سبق، وأداء جديد، وإرادة جديّة ونظيفة للعمل المُجدي والمنتج، ام انها كما يقال، ستكون مُستنسخة عن سابقاتها بكل الخلل الذي صاحبها، وتعمل بذات الوتيرة التي رَمت بالبلد في هاوية الأزمات العميقة والخطيرة؟
بمعزل عن الاسم التي ستحمله، تصبح الحكومة من لحظة نَيلها ثقة المجلس النيابي امام الامتحان الصعب، علماً انّ التجارب مع الحكومات السابقة، ومع الطبقة السياسية نفسها، لا تشجّع على الأمل في تمكّن الحكومة من الانتقال بالبلد من ضفة التراجع، الى ضفة النمو والانتعاش. كما، وبالنظر الى مسلسلات وعودهم السابقة، لا تشجّع على الركون لوعود أهل السلطة بأنّ الحكومة ستكون إنقاذية.
على انّ النجاح في الامتحان او السقوط فيه، سيكون سريعاً جداً، وهو ما ستحدده الحكومة في أدائها. وهذا يتطلّب، في رأي خبراء في القانون والاقتصاد، سلوك خريطة طريق تقدم من خلالها اشارة الى اللبنانيين بأن "نيّتها صافية" للعمل بمصداقية وشفافية وتحت سقف القانون ووفق احكام القوانين المرعية الإجراء. وهذا يوجب على الحكومة ان تجيب بأدائها عن سؤال أساس: هل تنوي، او هل ستستطيع، ان تعيد لبنان الى ان يكون دولة قانون؟
وعلى ما يؤكد الخبراء، انّ الحكومة معنية بالشروع فوراً في خطوات تُكسِبها ثقة المجتمع الدولي وقبله المجتمع اللبناني، وأوّلها الذهاب الى عملية إصلاح هيكلي جدي في كل المجالات.
وبحسب الخبراء، فإنّ محاربة الفساد، والفوضى، والتسيّب الاداري الوظيفي والتوظيف العشوائي وهدر أموال الخزينة والمصاريف المنظورة وغير منظورة، لا يتم بالتمنيات أو بالتجاهل، بل بقرارات صادقة وجريئة بالمحاسبة والتنظيف، ووقف شراكة النافذين بكل هذه الآفات، وإزالة المحميات السياسية للمرتكبين، وشرط النجاح هنا ايضاً اقتران عملية الاصلاح هذه بتطبيق مجموعة القوانين المعطّلة منذ سنوات طويلة.
وإذ يلفت الخبراء الى التصنيف السلبي للبنان، سواء من مؤسسة "موديز" او من مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني، يشيرون الى انّ السياسيين يراهنون على "سيدر" فكيف سيربحون الرهان بلا الاصلاحات المطلوبة؟ وثمّة رسالة واضحة للبنان جاءت على لسان الموفد الرئاسي الفرنسي المكلف متابعة مقررات "سيدر"، السفير بيار دوكان، في مداخلته في المؤتمر الاقتصادي في لندن قبل أيام، ومفادها: تشكيل حكومة في لبنان مهم، لكنه غير كاف وحده، فهل ستكون حكومة إصلاحات أم لا"؟