حلّ رئيس المجلس التنفيذي لـ "مشروع وطن الانسان" النائب المستقيل نعمة افرام ضيفاً على مدرسة القلبين الأقدسين – السيوفي، في لقاء حواريّ مع أكثر من 200 طالبة وطالب من الصفوف الثانويّة حمل عنوان" هوّية الحضور بين الفوضى والنظام - أي مواطن لأيّ لبنان "، بحضور الأم الرئيسة إيليت ريشا وأفراد من الهيئتيْن الإداريّة والتعليميّة.
المنصّة الرئيسيّة التي توسّطها افرام انقسمت بين مجموعتيْن، واحدة تفضّل البقاء والعمل من أجل لبنان أفضل، والأخرى اختارت الهجرة. وكان نقاش مستفيض بإسم الزميلات والزملاء على مقاعد الدراسة مع سلسلة طويلة من الاسئلة، لم يبخل الضيف في الإجابة عليها.
"هل هي لعنة أو قدر بقاء الوطن ما بين دوامتيْ الدمار والاعمار، أنستسلم للأمر الواقع، هل علينا تغليب صوت العقل على الحقّ، هل نهاجر ونصدّ صوت الحنين الداعي إلى الثبات والصمود، كيف يمكن اقناعنا بعدم الهجرة، ما السبيل لإعادة البناء في ظلّ هذه المنظومة، وماذا عن الاغتراب والانتخابات، وكم من الوقت علينا أن نخسره بعد لتحقيق التغيير، وما خلفيّة قرارك بالاستقالة وإلى أي حد أنت مستعد للتضحيّة وهل يمكن أن تهاجر"؟...هي عيّنات حملت دلالات الوعي المبكر للطلبة وذلك الكمّ الهائل من الهواجس والهموم، وأيضاً ذلك الوجع الناتج عن تعلّقٍ بوطن ثروته الأولى كانت وتبقى إنسانه وشابّاته وشبّانه.
في مداخلته وردوده، شرح النائب المستقيل نعمة افرام أنّه:" لطالما بحث الإنسان على مرّ تاريخ البشريّة عن أمريْن: الأمان وتحقيق الذات. وهما عنصران لا يتوافران إلاّ إذا وُجد الوطن. ولأنّ الإشكاليّة حولهما في لبنان باتت كبيرة ومع الخوف على الكيان في ظلّ ما يتهدّده، وُلدت فكرة "مشروع وطن الانسان"، ويهدف إلى تحويل اليأس والغضب إلى مشروع".
أضاف: "أنتم مصدر الطاقة والاحتياط الاستراتيجي في وطن ينزف. لقد كان مستوى التعليم في لبنان العلامة الفارقة التي ميّزتنا في الشرق وفي العالم، وتيقّنوا، أنتم جزء من عمل تراكمي دؤوب عمره ٥٠٠ سنة من تاريخ وطنكم. وعلى الرغم من كلّ ما تمرّون به وما يشهده هذا القطاع من عثرات ومشاكل، سيبقى التعليم خطّ الدفاع الأوّل عن الوطن الذي تنشدون ونسعى معكم لكي يشبهكم ويلبّي آمالكم وطموحاتكم، والذي معكم لن نتخلّى عنه ولن نألو جهداً وكلّ تضحية في سبيله تهون، ليعود وطناً يليق ببناته وأبنائه وبكم أنتم الشابّات والشبّان، وطناً للإنسان في كرامته وسعادته المطلقتيْن".
وأردف:" إذا فقدتم لبنانكم ستصبحون غرباء أينما حللتم، ومهما كانت الجنسيّة الأخرى التي تكتسبون. يكفي أن تحلموا وأن تتمسّكوا وتتسلّحوا بحلمكم وأن تؤمنوا أنّ لبنان الحلم سيتحقّق، ليصبح الحلم واقعاً وحقيقة".
افرام كاشف محاوريه قائلاً: "أعرف أنّ القدرة على الصبر والتحمّل باتت ضئيلة. أتلمّس كيف تمرّ المراحل في حياتكم ولا تشهدون تغييراً. حالة القرف لديكم ولديّ كبيرة. فليكن خيارنا المواجهة، وفي إطار المواجهة اتخذت قراري بالاستقالة من الندوة البرلمانيّة. لقد استقلت رفضاً وألماً وانحناء أمام الدماء التي سالت في الرابع من آب. استقلت من الطبقة والمنظومة السياسيّة الحاكمة وليس من لبنان، وها أنا أنذر ذاتي لخدمة هدف إعادة إعمار هذا البلد حتى لو كانت حياتي بخطر. أنا أستمدّ قوّتي من أمثالكم، أنا أراهن عليكم وأدعوكم إلى الصبر وإلى الإقدام والتغيير وأصرّ عليكم على تحويل الغضب إلى مشروع. إنّ المجتمع الدولي ينتظر منا الرؤية الواضحة والخطّة المقنعة والمنهجيّة المختلفة ليدعمنا، فلبنان مشروع حياة، ولا يمكن الاستسلام وتركه لمن يريد تغيير وجهه، وأنا شخصيّاً لن أترك وطني إطلاقا وأبداً وهذا قرار نهائي. ولأنّ من شروط النجاح تحويل الشغف إلى خطّة، ولأنّ الشغف بلبنان وطني لا حدود له، وضعت مع مخلصين كثر برنامجاً سياسيّاً - اقتصاديّاً - اجتماعيّاً - إصلاحيّاً في "مشروع وطن الانسان"، كي يكون لشعبنا مواعيده مع الحياة".
وختم افرام بعد شرح لبعض من عناوين ومفاصل "مشروع وطن الانسان" لا سيما اللامركزيّة الموسّعة والحياد والدولة المدنيّة قائلاً:" اليوم لدينا فرصة حقيقية لإعادة البناء وإصلاح ما أفسدته الطبقة السياسيّة كما لتجديد هذه الطبقة وطرح البدائل، والبوابة الرئيسيّة لذلك هي الانتخابات النيابيّة. نسبة تسجيل المغتربين جيّدة وإن كانت غير كافية، وأنا أتفهّم خوف المغترب من صدقيّة آلية الانتخاب، إلاّ أنّ الانتخابات هي مدخل إلى استعادة ثقة الاغتراب والمجتمع الدولي بنا وبالحكومة الجديدة بعد الانتخابات. وعندما ندخل باب الإصلاحات الحقيقي، وبعد أن تعود عجلة الإنتاج إلى الدوران، تعود الرساميل والاستثمارات. إنّ هذه المرّة مختلفة فعلاّ ومفصليّة ووجوديّة، فإمّا نعيد بناء لبنان على أسس سليمة فلا يدمرّ كلّ ٥٠ سنة، وإمّا لا مبرّر بعد الآن لوجود لبنان".