أطلقت لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان، العريضة الوطنية للمفقودين في لبنان، في مؤتمر صحافي عقدته لمناسبة 13 نيسان "اليوم الوطني للذاكرة"، في "خيمة انتظار الاهالي" في حديقة جبران في وسط بيروت. كما أطلقت "لائحة المفقودين في كل لبنان"، "كلائحة عابرة للطوائف والمناطق والافراد". ودعت الى "التوقيع على تعهد لتبني هذه القضية ووضعها في صلب البرامج الانتخابية".
وتحمل العريضة تواقيع 5187 شخصا من مجموعة " حقنا نعرف" الذين ضموا أصواتهم الى اصوات ذوي المفقودين والمخطوفين والمخفيين قسرا، "للمطالبة بضرورة اقفال هذا الملف الانساني والوطني وفقا لحل علمي مؤسساتي يشكل حل الحد الادنى المقبول، وهو جمع وحفظ العينات البيولوجية من الاهالي وانشاء هيئة وطنية مستقلة مهمتها الكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا".
استهل المؤتمر بالنشيد الوطني ثم دقيقة صمت لمفقودي لبنان والعالم. بعدها تحدث الناشط في حملة "حقنا نعرف" بول اشقر، فقال: "قبل 43 عاما بدأت الحرب اللبنانية وبدأت المأساة التي لم تنته بعد. انتهت الحرب، ومنذ 25 عاما بدأ الاهالي يتجمعون ويجتمعون كل 13 نيسان وبدأت حملة "حقنا نعرف" بمساعدة الاهالي لمعرفة مصير ابنائهم. وفي الـ 2000 بدأت حملة "تنذكر ما تنعاد".
حلواني
وقالت رئيسة لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان: "يطل علينا 13 نيسان هذا العام، متلبسا ألوان اللوائح الانتخابية وصور المرشحين استعدادا لخوض الانتخابات النيابية، انتخابات لم يعد يفصلنا عن موعد اجرائها سوى 23 يوما. صار لبنان أشبه بحلبة مصارعة تضيق باللوائح المتنافسة وضجيج الخطابات وفائض الوعود.. مشهدية مهما احتلت الساحات وشغلت الشاشات فانها لن تستطيع حجب ذكرى حرب صار عمرها 43 عاما، ما دامت هناك جراح لم تعالج ولم تندمل".
اضافت: "صحيح اننا كاهألي للمفقودين معنيون بهذا الاستحقاق الانتخابي، مثلنا مثل سائر اللبنانيين. والصحيح ايضا ان اللبنانيين معنيون مثلنا بمعرفة مصير مفقودي تلك الحرب. لانه بختم هذه القضية، يقفل اخر ملف من ملفات الحرب ويفتح الباب امام السلم. والدولة، هنا بالذات بيت القصيد، هل تصبح مسؤولة عنا، عن اولادها، او تجيرنا مرة اخرى للطوائف والاكاذيب والمماطلة؟ ألم تسأموا من هذه اللعبة المهينة حوالى ثلاثة عقود بعد نهاية الحرب؟".
وسألت: "كيف يختم ملف المفقودين"، وقالت: "في تنفيذ الحل الذي تبناه عدد كبير من اللبنانيين وغير اللبنانيين من خلال تواقيعهم على العريضة الوطنية للمفقودين التي اطلقناها في مثل هذا اليوم من العام الماضي".
وذكرت "أن الحل علمي وبسيط، يستند الى ما نصت عليه القواعد والمعايير الدولية، والى ما اعتمدته غالبية دول العالم لحل قضية مفقودي الحرب لديها، مع الاشارة الى ان الحل أخذ بعين الاعتبار خصوصيات الوضع اللبناني. فلا يريد المحاسبة على ارتكابات الماضي، ولا يعمل كما يدعون على ايقاظ الاحقاد، ولا يرهق خزينة الدولة. انه حل الحد الادنى المقبول وهو بشقين:
الاول: جمع وحفظ العينات البيولوجية من أهالي المفقودين والمخفيين قسريا تمهيدا للتعرف على هويات المفقودين أحياء كانوا أم أمواتا. وتنفيذه يتطلب قرارا من مجلس الوزراء تلتزم بتطبيقه وزارة الداخلية.
الثاني: انشاء هيئة وطنية مستقلة مهمتها الكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسريا وتمتع بالصلاحيات اللازمة لتنفيذ هذه المهمة. تنفيذه ينتظر اقرار قانون في مجلس النواب".
وأعلنت انه "يوم الثلاثاء الماضي، فتح باب قصر بعبدا أمامنا فاستقبلنا فخامة الرئيس، استمع الينا ثم تسلم منا لائحة الموقعين على العريضة، مؤكدا تبنيه الحل المقترح، ومتعهدا باعطاء التوجيهات. وبما ان ايا من بابي الرئاستين الثانية والثالثة لم يفتح لنا بعد، قام امس الخميس وفد من لجنة الاهالي بتسجيل لائحة الموقعين على العريضة في قلم كل من مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء، ليصار الى عرضها على كل من الرئيسين للاطلاع عليها واعطائها المجرى القانوني وفقا للاصول المرعية الاجراء".
وأوضحت حلواني ان عدد الداعمين للقضية والحل المقترح اكبر بكثير من عدد الذين وقعوا العريضة، ويمكن القول، آخذين بالاعتبار امكاناتنا المحدودة، أنه جرى التصويت شعبيا على حل قضية المفقودين".
ولفتت الى ان "جميع الكتل النيابية قد صوتت عبر تواقيع نواب من اعضائها على اقتراح قانون انشاء الهيئة الوطنية المستقلة للكشف عن مصير المفقودين، قبل ان يعرض للتصويت عليه داخل المجلس"، مشيرة الى انه "جرى اقراره من قبل لجنة حقوق الانسان ولجنة الادارة والعدل، والجميع يعرف ان كافة الكتل النيابية في هاتين اللجنتين النيابيتين من هنا نحن امام وثيقة في غاية الاهمية وثيقة دائرة وقعتها الاحزاب والكتل النيابية كافة، ناهيك عن الفنانيين والاعلاميين والقضاة والمحامين والمهندسين والاطباء وغيرهم من المواطنين العاديين".
وقالت: "لذلك سلمنا نسخة عنها لرئاسة الجمهورية واخرى للحكومة واخرى لمجلس النواب المنتهية ولايته الممدة. لذلك، ومن هنا اليوم من امام خيمة انتظارنا على مسمع الاهالي الحاضرين منهم والمتغيبين وعلى مسمع من رحل منهم ومسمع الشريك الحاضر الغائب غازي عاد، نتوجه الى اللوائح ال 77 وبواسطتهم الى اللبنانيات واللبنانيين ونعلن "لائحة المفقودين في كل لبنان". اننا كلائحة عابرة للطوائف والمناطق، وكأفراد لن نتخلف عن ممارسة حقنا الديموقراطي بالاقتراع، لكننا لن نتنكر لمفقودينا، لن نخون أحبتنا، لن ننساهم، لن نبيعهم، لن نفضل احد عليهم ولن نقايض على حسابهم".
قصير
من جهته، أشار الصحافي ميسم قصير الى ان "عدد الموقعين على العريضة 5187 شخصا، 1294 منهم وقعوا الكترونيا (اونلاين). والباقون وقعوا على العريضة الورقية.
واشار الى ان اهالي المفقودين لم يوقعوا على العريضة الا بنسبة قليلة جدا باعتبار انهم اصحاب القضية وهم من يقوم بجمع التواقيع، معتبرا "ان العريضة الورقية، وان جالت في معظم المناطق اللبنانية تبقى مركزية، حركتها واضحة في العاصمة بيروت".
واوضح انها اقترنت بتوقيع رؤساء معظم الاحزاب والتيارات السياسية اللبنانية وبتواقيع عدد من النواب ينتمون الى الكتل النيابية كافة وبعض النواب السابقين، كما وقع عليها عدد من الوزراء الحاليين والسابقين اضافة الى رئيس سابق لمجلس النواب، وعدد وافر من الصحافيين والاعلاميين والادباء والشعراء والفنانين والمحامين والاكاديميين والنقابيين ومن المؤسسات الخاصة والمراكز الثقافية وهيئات المجتمع المدني والنقابات وكافة الشرائح الاجتماعية.
هرباوي
وتوجهت الناشطة سوسن هرباوي الى اللوائح الانتخابية، بالقول: "ان قرار اهالي المفقودين واحد وواضح، لن نعطي صوتا واحدا لمن أدار ويدير ظهره لقضيتنا. لن نصوت كلائحة وكلجنة وكأفراد الا للوائح التي تتبنى في برامجها الانتخابية قضية المفقودين بشكل واضح لا لبس فيه، للوائح التي تتعهد بايلاء اقتراح قانون "حقوق ذوي المفقودين بالمعرفة" الاولوية في قائمة اهتماماتها، سعيا لاقراره في حال وصولها او وصول اعضاء منها الى المجلس الجديد، ومن خارج المجلس في حال لم توفق. وهذا "التعهد" هو وديعتنا الى يوم الحساب".
تعهد "حملة كلنا بيروت"
وعقب المؤتمر، سلمت حملة "كلنا بيروت" لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان وثيقة تعهد وقع عليها مرشحو الحملة في دائرة بيروت الثانية: إبراهيم منيمنة، ندين عيتاني، حسن فيصل سنو، فاطمة مشرف حماصني، مروان الطيبي، نهاد يزبك ضومط، ناجي قديح وزينة مجدلاني.
وكانت الحملة شاركت في إطلاق "لائحة المفقودين في كل لبنان"، كما وقعت على العريضة الوطنية للمفقودين.
وجاء في وثيقة التعهد التي قدمتها الحملة للجنة: "نحو ثلاثة عقود مرت على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، لكن الطبقة السياسية الراهنة لا تزال ترفض أن تتعامل مع هذا الملف بوطنية، بل لا تزال تتعامل معه بروح اللامسؤولية، والتجاهل لأوجاع الشعب اللبناني. نحو ثلاثة عقود مرت ولا يزال جرح أهالي المفقودين والمخفين قسرا ينزف، ولكن كيف لطبقة سياسية شاركت في الحرب الأهلية أن تعمل على وضع سياسات واضحة لمعالجة المآسي التي خلفتها هذه الحرب، وكيف لطبقة سياسية تتلهى بالفساد أن تعالج ما يفترض أن يكون اولوية وطنية يسبق كل الأولويات".
وأشارت إلى أنه "في ظل استمرار تلكؤ المسؤولين، وطبقا للمبادئ العامة المكرسة دوليا، ولقرار مجلس شورى الدولة في لبنان الذي كرس حق ذوي المفقودين والمخفيين قسرا بمعرفة مصائر أحبائهم، يجب وضع حد لآلام أهالي المفقودين والمخفيين قسرا في لبنان، أسوة بما فعلته كل دول العالم التي عاشت حروبا وشهدت جرائم خطف وإخفاء مماثلة".
وأكدت الحملة والمرشحون أنهم "يقفون في هذه المناسبة الأليمة خلف لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين، ويدعون إلى التخلي عن الشعارات السياسية، التي عادة ما تستعاد في كل سنة، والإستعاضة عنها بخطوات فعالة تؤدي إلى اغلاق هذا الملف، احتراما لنحو 17 الف مفقود، ولعائلاتهم، ولنضالاتهم طوال هذه السنوات، سعيا الى معرفة مصير احبائهم".
وشددت على تبنيها لـ"خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة منذ زمن طويل لإنهاء معاناة الأهالي، وذلك عبر خطوات واضحة"، لافتة إلى ان هذه الخارطة "لا تزال تواجه عراقيل تارة بسبب التقصير، وتارة بسبب شعارات عدم نكء الجراح، فيما الجرح لن يندمل من دون اغلاق هذا الملف الحساس، وبطريقة تحترم حقوق الإنسان، والمعاهدات الدولية".
ودعت الحملة إلى "الإسراع في حل هذا الملف الوطني، وذلك عبر تنفيذ ما ورد في العريضة الوطنية للمطالبة بالكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا"، والتي تطالب الدولة بوضع حد نهائي لهذه المأساة الإنسانية المستمرة، والتي تدعو إلى إقرار الحل العلمي والمقبول المرتكز على إجراءين اثنين: الأول: جمع وحفظ العينات البيولوجية من أهالي المفقودين والمخفيين قسرا، تمهيدا لإجراء الفحص الجيني (DNA)، كخطوة تنفيذية للتمكن من التعرف على هويات المفقودين أو على الرفات متى وجدت. والثاني: إقرار قانون تشكيل الهيئة الوطنية المستقلة للأشخاص المفقودين والمخفيين قسرا تتمتع بالصلاحيات اللازمة كخطوة تمهيدية للبحث عن مصائر المفقودين والمخفيين قسرا وكشفها لأهاليهم".
وأكدت أنها "تتبنى اقتراح القانون الذي نوقش في لجنة حقوق الانسان النيابية كما في لجنة الإدارة والعدل وتستنكر المماطلة، وترفض أن يطبق على هذا الإقتراح المقولة الشهيرة في لبنان: "اللجان مقبرة القوانين"، وتدعو إلى اقراره في أسرع وقت ممكن".
وإذ شددت الحملة على أنها "تقف بإجلال أمام نضالات لجنة الأهالي، ورئيستها السيدة وداد حلواني"، أكدت أيضا "وقوفها الى جانب لجنة أهالي المعتقلين في السجون السورية ودعم المعتقلين والمنفيين اللبنانيين (سوليد)، وهو الملف الذي يلخص تقصير هذه الطبقة السياسية، خصوصا وأن الملف بات معقدا أكثر بسبب الأوضاع الحالية في سوريا".