عقد الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب، مؤتمرا صحافيا، في مركز الحزب في الوتوات، لمناسبة الإعلان السياسي المشترك بين الحزب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حول المقاومة العربية الشاملة،أطلق في خلاله نداء الى الشعوب العربية، داعيا "الشيوعيين والوطنيين للاستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وجنبا إلى جنب مع المقاومة والجيش اللبناني".
البيان النداء
وتلا غريب، بيان، جاء فيه:
"اليوم ، ومن شوارع بيروت عاصمة لبنان، وانطلاقا من ندائنا الذي أطلقناه إلى اللبنانيات واللبنانيين حول التحرك : للانقاذ في مواجهة سياسات الانهيار الاقتصادي - الاجتماعي" ، هذا التحرك الآخذ بالتصعيد باتجاه المناطق وعلى المستوى المركزي وجنبا إلى جنب مع كل المتضررين ، واليوم أيضا، نطلق مع الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نداءنا الثاني لشعوبنا العربية : إلى المقاومة العربية الشاملة وجنبا إلى جنب مع سائر قوى اليسار والتحرر الوطني والاجتماعي في منطقتنا العربية ووفق ما نص عليه هذا الإعلان السياسي المشترك.
إن اطلاق هذين النداءين بالتزامن معا، يجسد بوضوح رؤيتنا السياسية لقضية شعوبنا العربية، التي كانت ولا تزال قضية واحدة ، قضية تحرر وطني واجتماعي في آن معا. تحرر وطني من السيطرة الإمبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية التابعة لها، وقضية تحرر اجتماعي من الاستغلال الطبقي والرأسمالي لهذه الأنظمة وسلطاتها الحاكمة.
لذلك، وانطلاقا من هذه الرؤية السياسية، ترانا ندعو، في الوقت عينه، للنزول إلى الشارع للانقاذ في مواجهة سياسات الانهيار الاقتصادي، كما نكرر دعوتنا إلى الشيوعيين والوطنيين للاستعداد لحمل السلاح ومقاومة أي عدوان صهيوني محتمل على لبنان وجنبا إلى جنب مع المقاومة والجيش اللبناني . وهو الموقف الذي لا بد من إعلانه بإدانة خرق الأجواء اللبنانية وشن الغارات على سوريا ما يشكل اعتداء صهيونيا صارخا على السيادة اللبنانية وعلى سوريا.
إن تجاهل الحكومة اللبنانية مسألة تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة الدفاعية اللازمة لردع أي عدوان أو خرق صهيوني هو بمثابة بطاقة تسهيل مرور لهذا العدوان، داعين بشكل عاجل إلى اتخاذ قرار حاسم بتزويد الجيش اللبناني بالدفاعات الجوية اللازمة لردع أي عدوان صهيوني على لبنان.
إن هذا العدوان الصهيوني وما سبقه من عدوان فاشل على قطاع غزة بفعل تصدي المقاومة الفلسطينية له هو عدوان صهيوني مدعوم من الولايات المتحدة الأميركية في سياق حربها على بلدان المنطقة لتنفيذ مشروعها التقسيمي والتفتيتي، حيث يصعد العدو الصهيوني من اعتداءاته وتهديداته على لبنان مستفيدا من الأزمة السياسية المتفاقمة للنظام السياسي الطائفي المتمثلة بعجز أطراف السلطة عن تشكيل الحكومة ومن الأزمة الاقتصادية، بهدف فرض بنود صفقة القرن في توطين اللاجئين الفلسطينيين ووقف تمويل الأونروا - الذي كان آخر ضحاياها وفاة الطفل محمد وهبي - وإلحاق لبنان بمشروعه الشرق - أوسطي بالكامل وربط عودة النازحين إلى سوريا بالحل السياسي النهائي في الوقت الذي يعمل لعرقلته واستمرار حربه العدوانية عليها، وعلى العراق وفلسطين واليمن والأردن ومصر.
لذلك، وانطلاقا من هذه الرؤية السياسية للقضية الواحدة لشعوبنا العربية التي تعاني استغلالا طبقيا وظلما اجتماعيا واستبدادا في الداخل من جانب أنظمتها الرجعية والمستبدة، نضع الحراك الشعبي في لبنان للانقاذ في مواجهة سياسات الانهيار الاقتصادي، جنبا إلى جنب مع انتفاضة الشعوب في كل من السودان والأردن وتونس وما سبقها من انتفاضات لشعوبنا العربية ضد الظلم والفقر والبطالة ومن أجل تحررها الاجتماعي من الاستغلال الطبقي والرأسمالي، داعين إلى رفع الصوت عاليا انتصارا لانتفاضة الشعب السوداني وتضامنا مع الحزب الشيوعي السوداني الذي يتعرض اليوم العشرات من قادته للاعتقال من قبل نظام القمع والاستبداد والظلامية داعين لأوسع حملة شعبية لبنانية وعربية ودولية لإطلاق سراح الرفيق المناضل مسعود الحسن والرفيقة المناضلة عديلة الزئبق والمناضلة إحسان الفقيري وكل المعتقلين الذين يتعرضون للتعذيب في سجون النظام السوداني القمعي.مكررين دعوتنا أيضا لإطلاق سراح كل المعتقلين والأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني وفي مقدمهم الرفيق المناضل الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات ومروان البرغوتي ويحيى سكاف وسائر المعتقلين السياسيين العرب ومعتقلي الرأي في سجون الأنظمة العربية المستبدة، داعين الدولة اللبنانية لتحمل مسؤولياتها أيضا العمل على تحرير الأسير جورج إبراهيم عبدالله المعتقل ظلما وعدوانا في السجون الفرنسية.
ولأن المواجهة واحدة، فهي تتطلب مشروعا واحدا :على كل الجبهات وفي كل المجالات وبمختلف السبل والأشكال، على صعيد كل بلد عربي، وعلى صعيد المنطقة العربية ككل. وهو ما أطلقنا عليه مقاومة عربية شاملة من أجل اقامة أنظمة وطنية ديموقراطية، مقاومة تتوحد فيها الطاقات حول مركزية القضية الفلسطينية، لوضع حد نهائي للاحتلال الإسرائيلي، وتصفية الوجود العسكري الإمبريالي في المنطقة العربية. مقاومة تواجه المواقف الرجعية العربية وتعتمد كل اشكال النضال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والثقافي، حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني والعربي واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني كاملة وتحرير الاسرى والمعتقلين . مقاومة تشمل كل الجبهات العربية ومن شأنها أن تؤسس لمشروع فلسطيني وعربي وطني وديمقراطي بعد أن أسقط العدو الصهيوني كل الاتفاقيات معه.
- مقاومة تعتمد على تحرير الثروات العربية ووضعها في خدمة برنامجها التنموي لمصلحة شعوبنا العربية الذي من مرتكزاته الأولى تأمين التكامل الاقتصادي - الاجتماعي بين البلدان العربية، وتعزيز القطاع العام وتطوير الخدمات الأساسية التي يقدمها، وتقوية القطاع الصناعي وتوسيعه وتطويره، وإجراء إصلاح زراعي شامل وحقيقي.
- مقاومة لتأمين الحقوق الأساسية للعمال والفئات الشعبية والكادحين (حق العمل، السلم المتحرك للأجور، الضمانات الاجتماعية والصحية، السكن، التعليم).
- مقاومة تؤكد على دور الشباب في عملية الإنتاج والتغيير الديمقراطي، وحقهم في المشاركة في صنع القرار، وإلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والتركيز على صوغ قوانين مدنية للأحوال الشخصية.
- مقاومة تؤكد على ضرورة النضال من أجل استنهاض حركة تحرر وطني عربية على أسس جديدة، بقيادة وطنية ديمقراطية ثورية.
إن العمل لبناء هذه المقاومة هو مشروع نضالي نقيض في طبيعته لمشروع الشرق الأوسط الجديد الهادف إلى تقسيم المنطقة العربية إلى دويلات طائفية ومذهبية وإتنية . هو مشروع يكتسب راهنيته من انتفاضات شعوبنا العربية التي شكلت رسالة واضحة إلى كل القوى والأحزاب اليسارية والتقدمية في منطقتنا، بضرورة توحيد جهودها وطاقاتها لإسقاط صفقة القرن. وهو مشروع يصب في عملية إنضاج الظروف المؤاتية لتعزيز دور قوى اليسار العربيّ كمشروع بديل جذري يشكل خياراً إنقاذياً مستقلاً قبل كل شيء، فيفرض هو على الآخرين أن يختاروا بين مشروعه وسائر المشاريع الأخرى، بدل أن يفرض عليه دوماً الاختيار بين هذا أو ذاك من المشاريع . يسار منفتح على كل أشكال التعاون والتنسيق مع كل القوى المقاومة الأخرى، يسار ذو هوية واضحة متمسك بقيَمه في تصدّيه للإمبريالية والصهيونية، وفي نضاله من أجل فك التبعية الاقتصادية والعسكرية والسياسية، وفيٌّ للديموقراطية، وللنضال لقيام دول عربية علمانية مقاومة ليس من أجل قيام دول على أساس ديني وطائفي وأتني تبرر للكيان الصهيوني قيام "دولته" العنصرية على أساس ديني. يسار يكون في طليعة النضال ضد الاستغلال، ومن أجل مصالح الجماهير العربية الكادحة المناضلة لتحسين شروط حياتها المعيشية وفي خوض معركتها من اجل التغيير الديمقراطي ضد أنظمة القمع والاستبداد والاستغلال . يسار قادر على أن يثبت لهذه الجماهير أن مقاومته ضد العدو تتجاوز تحرير الأرض إلى تحرير الانسان من الاستغلال الطبقي والاجتماعي.
لقد أصبحت "ساحات" بلداننا العربية مفتوحة بعضها على بعض إلى درجة تبرر التساؤل المشروع حول مدى إمكانية تحقيق التغيير السياسي في بلد واحد. والتناقض الأساسي المتحكم بالصراع في المنطقة هو ذلك الذي تتواجه على ضّتيه شعوبنا العربية ضدّ قوى العدوان الإمبريالي الصهيوني الرجعي. فهذا التحالف بقيادة الولايات المتحدة هو من خطط تاريخيا ورعى ونفذ - ولا يزال - آليات الاستتباع والسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتجزئة والتفكيك في هذا الجزء من العالم. فأولوية المقاومة المسلحة ضد العدوان والاحتلال الأجنبي يجب أن تترافق أيضا مع أولوية مواجهة نظم التبعية والقمع والاستبداد السياسي والاجتماعي، التي شكلت تاريخيا المرتكز الداخلي الفعلي لهذا العدوان. ومن واجبنا كأحزاب شيوعية عربية وكيسار عربي استخدام كل أشكال النضال الملائمة والمطلوبة، كل في بلده بالدرجة الأولى وعلى المستوى القومي العام، من أجل تشكيل كتل شعبية وازنة وصولا إلى إنتاج ميزان قوى داخلي وعربي، وهو ما ندعو إليه اليوم لتجديد حركة التحرر الوطني العربية وتجسيدها في قيام حركة للمقاومة العربية الشاملة ضد التحالف الإمبريالي".
ووقع الاعلان من قبل غريب والأمين العام المساعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو أحمد فؤاد