أظهر نموذج محاكاة للبنك المركزي الأوروبي أمس، أن الولايات المتحدة ستكون أكبر الخاسرين إذا بدأت حرباً تجارية مع الدول الأخرى، بينما ستحقق الصين استفادة أكبر بعد الردّ بإجراءات انتقامية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قال في آذار (مارس) الماضي، إن الحروب التجارية «جيدة ويسهل الفوز بها»، وذلك حين بدأ نزاعاً مع الصين فرضت فيه إدارته رسوماً جمركية على الصلب والألومنيوم وعدد من المنتجات الصينية.
وتفترض دراسة البنك المركزي فرض رسوم أميركية نسبتها 10 في المئة على كل الواردات، وردّ الدول الأخرى بالمثل. وأشارت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة ستتحمل الوطأة الكبرى في تقلص التجارة والضرر الواقع على ثقة المستهلكين والمستثمرين. وأضافت: «النتائج التقديرية تشير إلى أن وضع الصادرات الصافية للولايات المتحدة سيتدهور كثيراً (...)، وفي هذا النموذج تضخ الشركات الأميركية استثمارات أقل وتوظف عمالاً أقل، ما يعظم الأثر السلبي».
ويقدر المركزي الأوروبي أن النمو الأميركي سينخفض أكثر من نقطتين مئويتين، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي نمو الاقتصاد الأميركي 2.9 في المئة خلال العام الحالي، و2.7 في المئة العام المقبل.في المقابل، ستستفيد الصين من زيادة الصادرات إلى دول ثالثة تخضع فيها السلع الأميركية لرسوم، لكن هذا المكسب الطفيف سيكون موقتاً وسيبطله جزئياً الأثر السلبي الواقع على الثقة. وقد تنخفض التجارة العالمية بما يصل إلى 3 في المئة مقارنة بفترة الأساس. ونموذج البنك المركزي الأوروبي نظري بحت ولا يطابق الأوضاع الواقعية للتجارة.
إلى ذلك، كشفت الصين أمس، عن خطط لخفض الرسوم على منتجات من بينها الآلات والمعدات الكهربائية والمنسوجات، بدءاً من 1 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، في الوقت الذي تتأهب البلاد لحرب تجارية متصاعدة مع الولايات المتحدة.
وأعلنت الحكومة الصينية في اجتماع ترأسه رئيس الوزراء لي كه تشيانغ، أن من المتوقع أن تؤدي التخفيضات على أكثر من 1500 منتج صناعي إلى تقليص التكاليف على المستهلكين والشركات بنحو 60 بليون يوان خلال العام الحالي، وفقاً لما أوردته الإذاعة الرسمية.
وأضافت الحكومة أن إجمالي مستوى الرسوم سينخفض إلى 7.5 في المئة خلال العام الحالي، من 9.8 في المئة عام 2017 نتيجة للقرار.
وأكدت الحكومة الصينية أن متوسط الرسوم على الآلات والمعدات الكهربائية، وهي من أكبر واردات الصين من حيث القيمة، سينخفض إلى 8.8 في المئة من 12.2 في المئة. وأظهرت بيانات رسمية أن الصين استوردت آلات ومعدات كهربائية بقيمة تزيد عن 632 بليون خلال الشهور الـ8 الأولى من العام الحالي، بزيادة 19.6 في المئة على أساس سنوي.
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي تشكيل جبهة موحدة ضد الممارسات التجارية غير المنصفة،
وعبّر الممثل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر، ووزير الاقتصاد الياباني هيروشيغه سيغو، والمفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم، عن «قلقهم وجددوا تأكيد هدفهم المشترك القائم على التصدي لممارسات الدول التي تؤدي الى فائض ضخم في الأسواق، والتي تنشئ ظروف تبادل غير منصفة لعمالها وشركاتها (...) وتستخدم التقنيات المبتكرة وتقوّض السير الطبيعي للتجارة الدولية».
وأورد الوزراء الذين اجتمعوا في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحديداً الانتقادات التي وجهها ترامب منذ شهور الى بكين. وشدد الوزراء على أن أي دولة لا يمكنها أن تفرض نقل تكنولوجيا الشركات الأجنبية الى شركاتها لقاء السماح لها بالدخول الى أسواقها، لأن ذلك يعتبر ممارسات «مشينة». ونددت اليابان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى بـ»التدخل» و»سرقة الأسرار التجارية والمعلومات الحساسة المستخدمة لغايات تجارية».
وأضافوا أنهم ناقشوا إجراءات يمكن اتخاذها «في مستقبل قريب»، لكن من دون أن يعرضوها بالتفصيل.