كتب رضا صوايا في صحيفة "الأخبار" تحت عنوان "احتياطات "المركزي" بالدولار تنزف... سيارات": "في ظل غياب الدولة عن قطاع النقل العام وإحجامها عن تنظيم قطاع النقل الخاص منذ سنوات طويلة، يلجأ اللبنانيون إلى شراء السيارات بهدف تأمين استقرار تنقلاتهم من مكان السكن إلى مكان العمل والمدرسة والمستشفى... السيارة تكاد تكون إحدى السلع الضرورية في لبنان، إلا أنها بفعل فوضى السياسات التجارية مع الخارج تحوّلت إلى ترف ورفاهية يستنزفان ما لدى لبنان من دولارات كان يستقطبها بكلفة عالية من الخارج. كان هذا الترف مقبولاً أيام كانت الدولارات تتدفق بلا انقطاع فتغطي الأموال الجديدة ما أنفق من أموال جاءت سابقاً. استيراد السيارات يشكّل أكثر من 5.5% من الواردات الإجمالية في السنوات الماضية، وما يوازي 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا احتسبنا قطع غيارها تصبح الفاتورة أكبر بكثير، إلا أنه بسبب الركود الاقتصادي وانفجار الأزمة المالية ــ النقدية بدأ يتوقف هذا النزف لتنخفض نسبة الاستيراد إلى 3.9% من الواردات الإجمالية، و1.3% من الناتج المحلي الإجمالي. يقدّر أن قيمة واردات السيارات بين عامَي 2005 و2019 بلغت 17 مليار دولار.
بحسب إحصاءات الجمارك اللبنانية، استورد لبنان في عام 2019 نحو 48900 سيارة جديدة ومستعملة بقيمة إجمالية بلغت 742 مليون دولار مقارنة مع 74500 سيارة في عام 2018 بقيمة إجمالية بلغت 1.1 مليار دولار، أي إن عدد السيارات المستوردة انخفض 34% وقيمتها 32.5%. وفي عام 2017 بلغ عدد السيارات المستوردة 88800 سيارة، قيمتها الإجمالية 1.33 مليار دولار، ما يشير إلى تراجع بنسبة 45% من عدد السيارات و44% من قيمتها. لكن أكثر ما يلفت الانتباه هو التغيّر المفاجئ بعد عام 2006 والمرتبط مباشرة بتدفق الأموال إلى لبنان بعد حرب تموز وأثرها على تغير النمط الاستهلاكي، علماً بأن هذا النمط تعزّز أكثر في نهاية 2008 بعد انفجار الأزمة المالية العالمية التي دفعت رؤوس الأموال إلى الهرب والبحث عن دولة تواصل تسديد ديونها وأسعار الفائدة لديها مرتفعة، مثل لبنان الذي استقطب أكثر من 30 مليار دولار في أقل من سنتين".