التبويبات الأساسية

وافوه من عدّة بلدان . ثمانية عازفين وصلوا من باريس، نيويورك، ستوكهولم، وبيروت إلى مطار الملكة علياء الدولي في عمّان في أوقات متقاربة وأحدهم وصل من مقدونيا ولم يمرّ على فندق «غراند ميلانيوم» بل قصد قلعة جرش مباشرة ليكون حاضراً لإجراء «البروفات» مع زملائه العازفين عند الخامسة من بعد ظهر يوم الجمعة في 26 تموز/ يوليو أي قبل 5 ساعات من موعد الحفل الموعود للفنان مرسيل خليفة الذي لم يتحرّر من ضغط المحبّين والمعجبين ما بين مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ومطار وفندق وموقع جرش في الأردن إلاّ عندما إستقلّ السيارة ونام 40 دقيقة مدة رحلة العودة إلى الفندق.

وجوه تغمرها السعادة إستقبلته كيفما تحرّك، ولم يتردد في تلبية رغبات جمهوره، كباراً وشباباً وصغاراً، لإلتقاط صور تذكارية معه، وغصّت خيمته في كواليس مسرح القلعة بالناس يعبّرون عن إحترامهم ومحبتهم وتقديرهم لفنّه معلنين أنهم يحفظون أغنياته عن ظهر قلب وهو ما ترجموه خلال الحفل، وأكثر اللقاءات تأثيراً تلك التي كانت تحصل مع الوافدين من الأراضي المحتلة خصوصاً الصبية التي إستأذنته بقراءة ما كتبته عنه فأفاضت في التعبير عن فرحتها بأغنياته وموسيقاه منذ كانت طفلة وما تزال، وطلب مرسيل منها الأوراق لكي يحتفظ بها عربون تقدير لعاطفتها الطافحة بمحبة خاصة وعميقة.

الفنان الرقيق، يمارس عاطفة عائلية مع فريقه العامل معه والمعتاد على أسلوبه ونوع أغنياته، وهو حادث كلاً منهم على حدى، مطمئناً على أوضاعهم وكانت تهنئة لعازف الأكورديون الفرنسي المقيم في نيويورك والمتزوج من صينية، والذي رزق منذ أشهر قليلة بأول أبنائه الصيني الملامح «تيودور»، وهذه هي حاله مع مهندسي الصوت الفرنسيين اللذين كانا في حالة ديناميكية لضبط صوت الآلات الموسيقية بدأب وإهتمام بالغين، ولاحظ «مرسيل» مع إنطلاق الـ «بروفات» بأن العازفين الثمانية ليسوا قريبين منه بما يكفي لمخاطبتهم وبث طلباته خلال الحفل، فتحرّك فريق المهرجان وأزاح القواعد الثابتة من أمكنتها بشكل بات العازفون الثمانية يشكّلون إطاراً حميماً لسيد الحفل مع عوده الذي لا يفارقه أبداً تماماً كما حقيبة «النوتات» وحتى أنه يعتذر من كل مبادر لحملهما معه «معليش هودي ما بيفارقوني».

ورغم رغبته في خلوة راحة وتفكّر لتصفية ذهنه قبل وقت الحفل إلاّ أنه يعمل حساباً للمفاجآت وإضطرّ لإستقبال أكثر من أربعين إمرأة وصلوا بمعيّة رئيس المهرجان الأستاذ أيمن السماوي الذي يقطر وجهه بالطيبة واللطف، فحادثهم وإلتقطوا الصور معه بكل أريحية ومودّة، وبدأت الإستعدادات لإنطلاق الحفل لتهبّ عاصفة من التصفيق هزّت المكان مع موافاة «مرسيل» لعوده الجاهز على المنصة في مقدمة المنبر، ومن حوله العازفون الثمانية، وخاطبهم بإبتسامة «شكراً لكم على كل هذا الحب»، وعلى أي حال هذه طبيعته في العلاقة مع من يحترمهم من الأصدقاء يخاطبهم بعبارة «كل الحب».

كل أنواع المودّة والتقدير عبّر عنها الجمهور في ليلة جرش التي يصعب نسيانها لما فيها من صدق المشاعر ونبل التعاطي بين فنان وجمهوره. وبدأ الحفل بمقطوعة موسيقية تدفّقت بعدها الأغنيات التي يحفظها الجمهور كلمة كلمة ونغمة نغمة، فما إن يضرب أول وتر من عوده بريشته حتى يضج المكان بكلمات الأغنية من الحضور كما أي كورال محترف، وهذا حصل مع كل الأغنيات التي إختارها «مرسيل» لسهرته هذه (قومي إطلعي عالبال، في البال أغنية، ريتا، منتصب القامة أمشي، إتركي أهلك، وقّفوني عالحدود، أحلى من الركوة، وأحن إلى خبز أمي) إضافة إلى موسيقى «تانغو لعيون حبيبتي».

ليلة من ليالي العمر، تتكرر مع الفنان مرسيل خليفة في كل لقاء يجمعه بجمهوره، كما حصل مؤخراً في بعلبك، ولاحقاً في جزين.

المصدر: اللواء

صورة editor14

editor14