دشن وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل، مشروع محطة المعالجة ومنظومة الصرف الصحي في نطاق بلدتي شكا وأنفه، الذي نفذ بموجب قرض ميسر من السفارة الفرنسية والوكالة الفرنسية للتنمية، في حضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ممثل السفير الفرنسي ايمانويل بون رئيس الوكالة أوليفر راي، المدير العام للموارد المائية والكهربائية في الوزارة الدكتور فادي قمير، رئيس مجلس الانماء والاعمار المهندس نبيل الجسر ورؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات من شكا وانفه وبلدات قضاء الكورة ومدعوين.
بعد النشيدين اللبناني والفرنسي، قدمت للاحتفال الزميلة إليان سعد، وكانت كلمة للجسر قال فيها: "أن نأتي متأخرين أفضل من ألا نأتي أبدا. طال انتظار ابناء هذه المنطقة العزيزة لهذا المشروع الحيوي الذي سيساهم في معالجة مشكلة بيئية مزمنة خاصة، وهذا الشاطىء يعتبر من الثروات الوطنية التي يتوجب علينا حمايتها. ان هذا المشروع أعطانا جميعا درسا مفاده أنه لا يجوز إطلاق تنفيذ اي مشروع قبل توفر كامل التمويل وتأمين الاستملاك وتوفير فرص نجاحه كافة. فمحطة التكرير التي أنجزت من سنوات لم نستطع تشغيلها بسبب التأخر في تنفيذ الشبكات. لسنا اليوم في صدد توزيع المسؤوليات وكيف أنه صدرت قرارات تنظيمية لقطاع الصرف الصحي قبل إقرار المراسيم التطبيقية لقانون تنظيم مؤسسات المياه، وكيف أدى هذا الامر الى وجود محطات للتكرير لم يتزامن إنشاؤها مع تلزيم الشبكات. هذا الموضوع اصبح وراءنا، ومنذ سنوات، اتخذنا قرارا بالتنسيق مع وزارة الطاقة والمياه بأن يعرض اي مشروع على مصادر التمويل الا اذا كان التمويل يغطي كل عناصر المشروع، من المحطة والشبكات والوصلات المنزلية. كما ركزنا في البرنامج الاستثماري للسنوات المقبلة على استكمال المشاريع الناقصة وعلى توسعة بعض المحطات التي أصبحت لا تفي بكامل الحاجات".
أضاف: "ان قواعد التنسيق والتعاون التي أرسيناها مع وزارة الطاقة والمياه ساهمت وتساهم في تحسين برمجة وتنفيذ المشاريع المدرجة في استراتيجيات قطاعات المياه والصرف الصحي والكهرباء. وهذه القواعد أرسيت مع الوزير جبران باسيل عندما تولى حقيبة الطاقة والمياه واستمر العمل بها مع الوزير نظاريان وحاليا مع الوزير أبي خليل".
وتابع: "ان الاحتفال بتدشين هذا المشروع لا يجوز أن يمر دون شكر الدولة الفرنسية التي قدمت قرضا ميسرا في اطار بروتوكول التعاون لتمويل بناء محطة التكرير ثم قدمت قرضا عبر الوكالة الفرنسية للتنمية لتمويل بناء الشبكات، علما ان الحكومة اللبنانية ساهمت بتمويل أكثر من نصف كلفة المشروع كما تساهم في تمويل كلفة التشغيل والصيانة".
وشكر "المتعهدين والاستشاريين وفريقي عمل مجلس الانماء والاعمار ووزارة الطاقة والمياه والبلديات وفاعليات المنطقة الذين ساهموا جميعا في تحقيق هذا الانجاز"، وهنأ المنطقة بالمشروع، آملا ان "نستكمل كل مشاريع الصرف الصحي وخصوصا على طول الساحل اللبناني وان ننتقل من مرحلة ادارة الازمات البيئية الى مرحلة استثمار الموارد الطبيعية".
راي
وألقى راي كلمة قال فيها: "بعد أن أصبح هذا المشروع نافذا، وبعد أن تكلم عنه من سبقنا من رؤساء في الوكالة نجحوا في وصوله الى خواتيمه، أود أن أهنىء كل من عمل فيه، بالمثابرة والجهود والصلابة ليبصر النور. وما يفرحنا انه بفضل جهود جميع الأفرقاء أصبح بإمكان الأطفال في هذه المنطقة الاستحمام بمياه نظيفة غير ملوثة بسبب الشبكات المهترئة".
أضاف: "آمل أن يكون نجاح هذا المشروع نموذجا لسلسلة محطات تكرير سيتم تنفيذها في لبنان، ولا يزال هناك عمل يتعين علينا القيام به بشكل جماعي وخصوصا نحن على عتبة بضعة أشهر من مؤتمر باريس الخاص بلبنان والذي سينتج منه صندوق لجذب المستثمرين الدوليين".
وختم: "أهمية وضع هذه المحطة في الخدمة، هي التأكيد للمستثمرين أن المثابرة والصبر يثمران إنجازا. نأمل أن تعمل هذه المحطات بطريقة مستدامة، وقد يتحقق ذلك مع فريق عمل يعمل بحماس".
أبي خليل
أما أبي خليل فقال في كلمة: "هذه المحطة التي نحن في صدد تدشينها اليوم هي محطة من استراتيجية الصرف الصحي التي وضعها الوزير باسيل في العام 2012 ووافق عليها مجلس الوزراء وتحولت الى مشاريع ومخططات توجيهية في الأقضية ومنها قضاء البترون. هذه الاستراتيجية التي حددت أنه لا يمكن بعد اليوم إنشاء مشاريع منفصلة وغير متكاملة، أي لا يمكن إنشاء منظومة صرف صحي من دون أن نبدأ من الوصلة المنزلية الى الشبكات الى خطوط التجميع الى محطات التكرير، وهذا الأمر الذي أقره مجلس الوزراء في الخطة الوطنية للصرف الصحي أصبح ملزما لكل الوزارات المتعاقبة ولكل الادارات في الدولة لتنفيذ مشاريع متكاملة تحمي بيئتنا ومياهنا الجوفية ومجاري أنهارنا وبحرنا".
وتابع: "نأمل في شهر نيسان أن ندشن محطة سلعاتا ومن ثم منظومة البترون وقرى الجوار، وبعدها المحطة العملاقة في طرابلس التي تخدم الميناء والبداوي وأجزاء كبيرة من قضاءي الكورة وزغرتا، ومن ثم ننتقل إلى محطة زحلة التي ستكون باكورة المحطات التي تعمل من ضمن مشروع مجرى نهر الليطاني وهي أصبحت في الخدمة".
أضاف: "في ظل كل الاستعراضات الانتخابية التي يسمعها الناس وتحتل الاذاعات، نحن نعمل على تنظيف مياهنا الجوفية ومجاري أنهارنا وبحرنا، وهذا النهج الذي نتبعه في هذا القطاع الفرعي من قطاع المياه الأكبر، قطاع الصرف الصحي، ينسحب على كل القطاعات الأخرى التي نعمل عليها. قد نتعرقل أحيانا ونتأخر أحيانا أخرى، لكن ما من أحد يمكنه أن يمنعنا من أن ننجز ونضع المشاريع بخدمة المواطنين، وهذا ما حصل في موضوع النفط. اليوم هناك واقع وهو ان لبنان بلد نفطي، تأخرنا نعم، وتعرقلنا نعم، وفوتنا فرصا نعم، لكننا لم نتوقف ولم نمنع من أن يصبح لبنان بلدا نفطيا. هذه حقيقة وواقع علينا حمايتهما واستكمالهما وتحصينهما من كل المشاريع التي من الممكن أن تطرأ على هذا الانجاز وتردنا الى منظومات حوكمة لقطاعات النفط أكل عليها الدهر وشرب وصارت بالية من أيام الستينات والسبعينات من القرن الماضي".
وقال: "هذا النهج هو عينه الذي نتبعه في قطاع الكهرباء، إذ وضعت الخطة في العام 2010 ووافق عليها مجلس الوزراء. وضع الوزير هذه الخطة المفصلة مع كامل تنفيذها لنصل الى كهرباء 24 على 24 ساعة مع قطاع مربح، ومركز ربح للدولة بدل أن يكون مركز خسارة وهدر. هذه الخطة تعرقلت ولكن هناك أجزاء منها نفذت، 60 بالمئة من المشاريع المتعلقة بهذا القطاع نفذت وبقي 40 بالمئة لم ينفذ وتعرقل وتوقف، وهذا ما أدى الى عدم وصول الكهرباء. في هذه الحكومة وضعنا خطة مرحلية إنقاذية لوصل ما انقطع وردم الهوة واستلحاق الوقت الذي ضاع في العرقلة حتى نتمكن من توصيل هذه الخدمة الى اللبنانيين. تمت أيضا عرقلته وكنتم حاضرين ومتابعين لكل ما حصل حتى وصلنا في النهاية إلى لجنة وزارية وضعنا أمامها كل الخيارات المتاحة لنصل الى كهرباء 23 على 24 ساعة، 24 على 24 في معظم فصول السنة وفي الذروة نصل الى نقص ساعة أو ساعة ونصف على مستوى البلد. حددنا كلفتها والتدابير التي يجب أن تتخذ، من الانتاج الى النقل الى التوزيع، ومعالجة قطاع الانتاج ومعالجة الخنقات التي لا تزال موجودة ان كان عبر زيادة محطات نقالة ومحطات تحويل رئيسية نقالة او زيادة بعض الخطوط. ووضعنا الحلول لتقليل وحصر الهدر في قطاع التوزيع ونحن لا نزال في انتظار القرارات".
أضاف: "نستمهل أسبوعا وراء أسبوع والهدف حرق الوقت قبل الانتخابات النيابية كي لا تكون هناك كهرباء قبل الانتخابات. ستحصل الانتخابات في 6 أيار، وفي 7 أيار سنكون هنا كلنا. وكما تعرقلنا في النفط ووصلنا، نتعرقل في الكهرباء وسنصل وسيكون هناك كهرباء للبنانيين. هذا عهد علينا أخذناه، نتعرقل إنما نعود وننفذه".
وختم: "اللبنانيون اليوم مطالبون بأن يختاروا نهجا من اثنين، نهج العمل والانجاز ونهج الكلام والتسويف وحرق المهل وتضييع الفرص. نحن لن نغير نهجنا وخيارنا وسنتابع العمل والانجاز، ونطلب منكم المساعدة لنكمل في هذا الخيار وتأمين الخدمة الى اللبنانيين، وهذا المشروع من سلسلة مشاريع انجزت في قضاء البترون، وهناك سلسلة أخرى سيتم تدشينها ووضعها في الخدمة، ومشاريع اضافية يتم درسها وجدولتها لتأمين تمويلها، ان كان من البرنامج الاستثماري الذي نحضر له مع كل الوزارات بالتعاون مع رئاسة الحكومة، وسيكون مطروحا في مؤتمر الأرز بعد أسابيع. شكرا لكم مشاركتكم لنا فرحة وضع هذا المشروع في الخدمة، ونأمل أن يكون فاتحة لمشاريع عدة في هذه المنطقة".
باسيل
ونوه وزير الخارجية والمغتربين باللقاء "وتحقيق وعد من وعود عدة اطلقناها سابقا وهذا دليل على اننا عملنا وحققنا مشروعا ما للمواطنين الذين ينتظرون منا الكثير"، وقال: "هذا المشروع لم ينجز لولا جهود أشخاص كثر سبقونا وعملوا على مدى سنوات، هم بدأوا ونحن أكملنا، وهذه المحطة انتهى العمل بها في العام 2006 وانتظرنا 12 عاما لتشغيلها، 12 عاما من الاستثمار المجمد، وعلى رغم كل عمليات الدفع لتنفيذ محطات الضخ والشبكات حولها، اليوم اصبحت قيد التشغيل".
أضاف: "نشكر الدولة الفرنسية ومجلس الانماء والاعمار الذي معه قدمنا افضل نموذج للتعاون والتكامل بين مؤسسات الدولة، فنستفيد من قدرة كل مؤسسة ووزارة لنضعها في مكانها الصحيح لكي نتمكن من انجاز مزيد من المشاريع. علينا ان نشكر ايضا المتعهد والاستشاري ووزارة الطاقة والوزير والمدير العام والبلدية التي اخذت على عاتقها مواكبة عملية الاطلاق، والاهم من كل ذلك هو ان تتحمل البلدية مسؤولية التشغيل في المستقبل. من هنا علينا ان نتنبه للمسؤولية الملقاة على عاتق البلدية لاحقا على مستوى التشغيل، وبذلك تساهم في تحسين نوعية الحياة للمواطنين، وهذه التجربة يجب تعميمها لتشجيع وزارة الطاقة ومجلس الانماء والاعمار وكل المعنيين على تشغيل محطات صرف صحي تمويلها مؤمن".
وتابع: "أشعر اليوم براحة ضمير تجاه بلدة شكا لأنني وفيت بوعدين هما مشروع الصرف الصحي وتأمين المياه، وستستفيد من هذا المشروع البلدات المجاورة في الكورة والبترون من انفه والهري وكفريا وراسنحاش بالاضافة الى الكهرباء، وبذلك نكون أعطينا شكا جزءا من حقها، شكا المحرومة ضمن منطقة محرومة، وهي من أكثر البلدات حرمانا، واليوم بدأ أهلها يشعرون بأنهم حصلوا على جزء من حقوقهم، ونحن مستمرون في تطوير هذه البلدة التي نظلمها عندما نربط اسمها بشركات الاسمنت فقط، في حين ان لديها الكثير من الثروات".
وقال: "في كل مرة نلتقي لندشن مشروعا يخطر على بالنا جميعا ان هناك اشخاصا يعملون ويدشنون، وبالمقابل هناك اشخاص لا يقومون بشيء الا الكلام والتخريب. هذا واقع مؤلم لكنه واقع ونريد ان نخرج منه، إذ كما شكرنا اليوم من سبقنا لأننا لولاهم لما وصلنا الى ما وصلنا اليه، وها هو الوزير ابي خليل يطلق مشروعا ليأتي من بعده ليدشنه، لأن الدولة لا تستطيع حصر الانجازات للمسؤولين فيها، وعلينا ان نتعلم نقل العمل والانجازات الى بعضنا البعض، لذلك نرى ان هناك من يريد عرقلة المشاريع في وزارة لا يراد منها العمل والانجاز بل الصرف. هكذا عمليا اليوم، نحن نعيش مواجهة بين هاتين الثقافتين وهذين الفكرين الا اننا لسنا في وارد ان نساجل احدا لأننا نقول ما نريد، ومن أراد ان يرد فاهلا به. نحن نقول الحقيقة وبالتالي القيمة الكبرى تصغر وتضعف عندما ترد على القيمة الصغرى. من هنا القيمة ليست بالشخص بل بالفكر والمشروع، ومشروعنا اليوم، رغما عن الجميع، هو مشروع الدولة الأكبر من مشروع المزرعة، والدولة اكبر من الميليشيا واكبر من الحزب واكبر من التيار واكبر منا جميعا، وكلنا علينا ان نكون تحتها وتحت قوانينها ودستورها، ومن واجبنا ان نجمع اللبنانيين حول فكر الدولة لأن الدولة يجب ان تستقوي على المزرعة وليس العكس، اي ان نسمح للمزرعة واصحابها بالاستقواء على الدولة ورجال الدولة واي كلام لا يغير هذا الواقع".
أضاف: "لن تقوم دولة اذا لم ينجح مشروع يكون اللبنانيون تحت سقفها وتكون هي الجامع بينهم في الخارج والداخل، ومسؤوليتنا ان نجمع اللبنانيين بتنوعهم واحزابهم وطوائفهم تحت سقف، فلا نقسمهم ونفرقهم ونحرضهم باسم الطائفة والمذهب والحزب لكي يكونوا مجموعات متناحرة وخصوصا عندما تكون هناك ضرورة لتغليب القضية الوطنية على كل شيء".
وختم داعيا إلى أن "نجتمع حول فكر الانتاج وثقافة العمل والانجاز فنقضي معا على ثقافة التخريب ومنع الانجاز، إذ مهما صارعتنا هذه الثقافات، ثقافتنا ستنتصر وكل مشروع سيتحقق ولو تأخر، وفي كل مرة يكون الوقت هو السبب والمشكلة، فندفع ثمنه، وها هو اقتصادنا أصبح مهددا وماليتنا بخطر كبير، ما يستدعي منا القيام بحال استنفار جماعي لانهاء هذا الوضع. اليوم دشنا مشروعا والايام المقبلة تحمل مزيدا من المشاريع لمنطقتنا وغيرها من المناطق وعلينا العمل لتنفيذها. وفي النهاية مهما تعبنا سنفرح لأن ثقافتنا وفكرنا يحملان البسمة والامل للبنانيين الذين يفرحون بالامل وينتظرونه ويخشون ثقافة التخريب التي تجتاح دولتهم".
تدشين وجولة
وسبق احتفال التدشين، إزاحة الستار عن لوحة تذكارية عند مدخل المحطة، ثم كانت جولة استمع خلالها باسيل وابي خليل الى شرح عن مراحل التنفيذ وعمل المحطة.