حاضر العميد الدكتور علي فاعور في المؤتمر السنوي السابع الذي نظمه مركز الدراسات والابحاث في التيار الوطني الحر بعنوان "النزوح السوري في لبنان: تداعيات وحلول"، في فندق بادوفا سن الفيل، في حضور عدد من الفاعليات.
وتحدث عن "النزوح السوري والتغييرات الديموغرافية" وقال:"بعد مرور سبع سنوات على الأزمة السورية، و74 سنة على إستقلال لبنان، يواجه لبنان اليوم تحولات ديموغرافية متسارعة لم يعرفها في تاريخه، تتعلق من ناحية بتراجع النمو الطبيعي للسكان وتناقص عدد اللبنانيين بسبب الهجرة وشيخوخة السكان، بينما هو يتحمل من ناحية أخرى أعباء اللاجئين الفلسطينين على أرضه منذ العام 1948، تضاف إليها تدفقات النازحين السوريين منذ العام 2011، حتى تحولت الأراضي اللبنانية بكاملها إلى مخيم كبير".
وتابع:"لقد فشلت السلطة السياسية في تنظيم الجغرافية وحماية الحدود والأراضي، بينما إستغلت المنظمات والهيئات الدولية والمحلية حالة الفراغ والتصدع والإنقسامات السياسية في الداخل، فإستباحت سيادة الأراضي وتسلمت ملفات اللاجئين وباتت تتلقى الدعم المالي وتضع البرامج وتنفذها على إمتداد االجغرافية اللبنانية، حتى أصبحنا اليوم أمام خريطة ديموغرافية جديدة بالكامل".
واشار الى ان "لبنان يعيش دون تعداد سكاني منذ نحو 85 سنة، للحفاظ على التوازن الديموغرافي الهش، فقد رفض تسجيل النازحين السوريين، كما أنه لم يوافق على إنشاء مخيمات لتجميعهم كما حصل في تركيا والأردن، وبالتالي فهو لا يملك أية بيانات حول تعداد النزوح السوري، ما عدا سجلات الأمن العام وبيانات بعض الإدارات الرسمية والبلديات التي تشارك في برامج المفوضية العليا للاجئين وبعض الهيئات الدولية. وهذا ما دفع مجلس الأمن الدولي عام 2013 إلى الطلب من لبنان إنشاء مؤسسات فاعلة لإدارة ملف النزوح".
وقال:"يعيش في لبنان اليوم نحو ثمانية ملايين ساكن، بحيث أن نحو نصف المقيمن على الأراضي اللبنانية هم من غير اللبنانيين، فهو بمثابة مخيم كبير يضم النازحين السوريين وعددهم يزيد على 2,5 مليون نسمة، بالإضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين، والعراقيين، وغيرهم من العمال العرب والأجانب، وهذا ما يجعل عدد الموجودين غير اللبنانيين في لبنان يتراوح بين ثلاثة ملايين وسبعمئة ألف وأربعة ملايين عربي وأجنبي".
وتحدث عن "مخاطر سياسة الإندماج والتوطين وقال:"جرت عدة محاولات لإرغام لبنان على إعطاء وثائق وتجنيس النازحين مما يمهد لعملية التوطين، وذلك في مؤتمري برلين وجنيف (عام 2014)، ثم تكررت محاولات التوطين في مؤتمر نيويورك عام 2016، وبعدها أيضا بطلب من الرئيس الأمريكي ترامب في مؤتمر نيويورك 2017، لكن خطاب الرئيس اللبناني ميشال عون في الجمعية العامة للأمم المتحدة أكد على رفض توطين النازح واللاجىء".
اضاف :"لقد تم تحويل لبنان إلى خزان بشري ضخم وأصبح الوضع كارثي، بينما تشير كافة التقديرات إلى أن خطة إعمار سوريا تحتاج ايضا إلى فترة طويلة لا تقل عن عشر سنوات"، مشيرا الى انه "في عام 2013، وقبل نحو خمس سنوات، قالت آن ريتشارد، مساعدة وزير الخارجية الأمريكية، لشؤون السكان واللاجئين والهجرة، ليس هناك الآن أي قرية أو مدينة واحدة في لبنان لم تتأثر بوجود اللاجئين السوريين، ويعادل تدفق اللاجئين إلى لبنان الصغير تدفق 75 مليون انسان - أو ضعفي عدد سكان كندا - إلى الولايات المتحدة. وأعلنت ان التزام لبنان الثابت بالمبدأ الإنساني الدولي للحماية يخدم كمثال للمنطقة، ملاحظة "أن لبنان دفع ثمنا باهظا نتيجة لكرمه".
وختم:"فقط تخيلوا كيف ستكون الصورة، وكيف سيؤثر هذا الحدث على لبنان؟ سيؤدي هذا إلى إغراق لبنان بالفوضى بالكامل، لقد فشل المجتمع الدولي في مساعدة لبنان، وهناك سيناريوهات للتوطين تتم دراستها ضمن مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديد، وهي أكثر رعبا كونها تهدف إلى توتير الداخل لتغيير التوازن الديموغرافي في لبنان، بحيث أن الأولوية اليوم هي لمعالجة ملف النازحين كما يحصل في غالبية البلدان الأوروبية وبخاصة في المانيا، بحيث أن طريق العودة قد باتت سالكة وهي بحاجة فقط إلى توافق داخلي وقرار سياسي موحد لتنظيم عودة النازحين على مراحل، وذلك على قاعدة أن "إنشاء مناطق آمنة في سورية وبرعاية دولية كما يجري اليوم، تقابلها عودة آمنة للنازحين في لبنان".