التبويبات الأساسية

يطغى هاجس التمديد الرابع لمجلس النواب على اللبنانيين، في ظل الحديث المتنامي عن ضرورة إجراء تعديلات تتعلق بإلغاء إستخدام البطاقة البيومترية، التي يؤكد الخبراء أنها قد تُعرّض نتائج الانتخابات كلها الى الطعن في حال لم يتم وقف العمل بها، خصوصا أن المادة 84 من قانون الانتخابات جعلت إجراء هذا الاستحقاق مشروطا بانجاز هذه البطاقة، وهي كانت سببا أساسيا في التمديد الثالث للمجلس النيابي.

يمكن القول أن المخاوف كثيرة على هذا الصعيد، لا سيما لجهة عدم قبول الرئيس نبيه بري بفتح المجلس النيابي لاجراء هذا التعديل إنطلاقا من موقفه الرافض بشكل قاطع لأي تعديل يطال هذا القانون، أو أن يكون تعديل المادة 84 مقدمة لتعديلات قد تطال مواد أخرى تتعلق بوقف العمل بالصوت التفضيلي، وإستبداله بصوتين تفضيليين وعلى أساس الدائرة وليس القضاء، أو نسف مادة الصوت التفضيلي من أساسها، والابقاء على النسبية الكاملة، الأمر الذي يعيد الأمور الى المربع الأول ويؤدي الى تطيير الانتخابات.

ثمة رأيان في لبنان اليوم فيما يتعلق بالانتخابات النيابية، الأول يرى أن الانتخابات لن تجر في موعدها لأسباب عدة، وفي مقدمتها البطاقة البيومترية التي في حال لم يتم تعديل مادتها، سيصار الى تمديد ولاية المجلس لستة أشهر إضافية لانجازها والعمل بها، وفي هذا التمديد الرابع يكون الجميع قد ضمن بأن المجلس النيابي الجديد سينتخب رئيس الجمهورية المقبل، خلفا للرئيس العماد ميشال عون.

ومن بين هذه الأسباب أيضا، التحدي السياسي المتنامي بين الرئاستين الأولى والثانية، ورفض المملكة العربية السعودية إجراء الانتخابات على أساس القانون النسبي والصوت التفضيلي إنطلاقا من قناعتها بأن هذا القانون سيمكن حزب الله من حكم لبنان بالكامل، الأمر الذي سيُحرج الرئيس سعد الحريري الذي من المفترض أن يزور الرياض قريبا وأن يسمع موقفها، إضافة الى عدم فهم أي من اللبنانيين للقانون الانتخابي، وخشية تيارات سياسية أساسية من الخسائر التي قد تلحق بها جراءه، وشعور البعض بأنه سيأكل من السم الذي طبخه، فضلا عن عدم إستعداد تيارات أخرى لخوض غمار هذا الاستحقاق نظرا لحالتها الشعبية المتردية، أو بسبب التأخير الحاصل في إنجاز تفاهماتها وتحالفاتها سواء على صعيد التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، أو على صعيد القوات وتيار المستقبل، من دون أن ينسى أحد التهديدات الأمنية داخليا من خلال تحريك بعض الخلايا الارهابية النائمة، وخارجيا عبر الخطر الاسرائيلي المتنامي.

كل ذلك بحسب أصحاب الرأي الأول من شأنه أن يؤدي الى تطيير الانتخابات ودفعها ستة أشهر الى الأمام على الأقل، أو تأجيلها عاما كاملا أي الى أيار من العام 2019.

أما الرأي الثاني، فيؤكد أصحابه أن الانتخابات حاصلة في موعدها، وأن لا تأجيل لهذا الاستحقاق، مستندين في ذلك الى الضغط الدولي على لبنان بالدرجة الأولى، والى ضغط الشارع اللبناني الذي لم تعد السلطة تملك أية مبررات أمامه لعدم إجراء الانتخابات.

ويرى هؤلاء أن ما كل ما يحصل اليوم من تشكيك في إجراء الانتخابات هو مجرد مناورات، هدفها تبريد همة المجتمع المدني والشخصيات المستقلة التي قد تستطيع حجز مكان لها في مجلس النواب من خلال القانون الجديد، مؤكدين أن ثمة نية لتهريب هذا الاستحقاق ومباغتة كل الطامحين والحؤول دون إستعدادهم لخوض غماره، لافتين الانتباه الى أن التعديل ربما يحصل في ربع الساعة الأخير، وأن الانتخابات ستجري وستكون التيارات السياسية الرئيسية في البلد جاهزة لخوضها، وعندها لن ينفع الندم من وقعوا في فخ التشكيك.

(غسان ريفي_ سفير الشمال)

صورة editor11

editor11