وزع اتحاد وكالات الانباء العربية (فانا) تقريرا لـ"وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية" (وفا)، ضمن ملف الخدمة الإعلامية النسوية أعدته أسيل الاخرس، وجاء فيه:
"رغم تقارير منظمة الصحة العالمية وتأكيدها، بأن الرجال أكثر عرضة للاصابة بفيروس "كورونا" المستجد، إلا أن الاحصائيات الرسمية الفلسطينية بينت أن 52% من المصابين من النساء.
كورونا الذي ظهر في فلسطين بداية شهر آذار/ مارس المنصرم، أعلن على أثره رئيس دولة فلسطين محمود عباس حال الطوارئ بتاريخ 5 آذار 2020، وما تلا ذلك من اجراءات حكومية لمواجهة تفشي الفيروس، عصف بالواقعين الاقتصادي والاجتماعي وشتى نواحي الحياة.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حذر في تصريحات صحافية سابقة من ازدياد العنف ضد النساء خلال الحجر المنزلي بسبب فيروس كورونا، وقال: "بالنسبة إلى العديد من النساء والفتيات، يصبح التهديد أكبر بينما يجب أن يكن أكثر أمانا في منازلهن... إننا نعلم أن أوامر عدم الخروج والحجر الصحي ضروريان لكبح جماح جائحة كوفيد- 19. ولكن في ظل هذه الظروف، قد تجد النساء أنفسهن حبيسات المنازل مع شركاء مسيئين".
المرأة الفلسطينية في ظل كورونا
المرأة الفلسطينية طالها ما طال غيرها من النساء خلال الجائحة، وعانت العنف، وهذا ما أكده التقرير الاحصائي لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي لوزارة التنمية الاجتماعية في الفترة ما بين (1 كانون الثاني الى 30 أيلول 2020)، الذي أشار إلى أن عدد ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي من النساء اللواتي تم التعاطي معهن من قبل مرشدات المرأة في المديريات كان 243 حالة غالبيتها في العشرينات من عمرهن.
ويشير التقرير إلى أن 96 امرأة من مجمل النساء المسجلات لم يتعد مستواهن التعليمي "المرحلة الاعدادية"، في حين أن 119 منهن ينتمين لأسر ذات مستوى اقتصادي متوسط.
وبحسب النتائج الأولية لمسح العنف في المجتمع الفلسطيني وهو الأخير الصادر عن الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني عام 2019، فإن العنف النفسي هو الأكثر الذي يمارس ضد النساء، وأن 57% من النساء المتزوجات حاليا أو اللواتي سبق لهن الزواج تعرضن للعنف النفسي على الأقل مرة واحدة من قبل أزواجهن في فلسطين، في حين أن 54% من الشابات اللواتي لم يسبق لهن الزواج تعرضن للعنف النفسي من قبل أحد أفراد الأسرة.
فيما تعرضت 29% من النساء المتزوجات حاليا أو اللواتي سبق لهن الزواج لأحد أشكال العنف (النفسي، الجسدي، الجنسي والاجتماعي، الاقتصادي) مرة واحدة على الأقل من قبل أزواجهن، و18% تعرضن لعنف جسدي، و9% تعرضن لعنف جنسي، وأن 61% من النساء اللواتي تعرضن للعنف فضلن السكوت.
مقتل 27 امراة وفتاة منذ مطلع 2020
أنواع عدة من العنف تتعرض لها النساء الفلسطينيات، لفظية وجسدية ونفسية واقتصادية، ويكون الموت أحيانا نهاية مسلسل العنف والعذابات.
وبحسب شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، قتلت 27 امرأة وفتاة منذ مطلع 2020 إلى وقت اعداد التقرير، وكان آخرها سيدة حامل على يد زوجها، وهو رقم مرتفع إذا ما قورن مع العام 2019، الذي سجلت فيه 29 حالة قتل.
هذه الأرقام دفعت المؤسسات الحقوقية والنسوية وآخرها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، إلى مطالبة القيادة السياسية بضرورة اقرار قانون حماية الأسرة من العنف بشكل فوري لتوفير حماية للنساء.
المرأة في القانون
في الحادي عشر من أيار عام 2014، أصدر رئيس دولة فلسطين محمود عباس، قرارا بقانون رقم 10 لسنة 2014 معدلا لنص المادة 98 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، ألغى بموجبه العذر المخفف، ما يعني عدم صلاحية القضاء في الخوض في الأسباب التخفيفية كلما تبين للمحكمة أن الضحية أنثى، وتم ارتكاب الجريمة بدوافع ما يسمى "جرائم شرف".
وتقف النساء الفلسطينيات أمام منظومة تشريعات قانونية عفا عليها الزمن، فالنصوص القانونية متداخلة وتعود إلى الحكم العثماني، والانتداب البريطاني، وقانون الأحوال الشخصية الأردني في الضفة الغربية، وقانون أحكام العائلة المصري قانون العقوبات المصري عام 1963 المطبق في قطاع غزة، وجميعها لم تعد تتلاءم مع الواقع، خصوصا بعد منح الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين صفة دولة مراقب في الأمم المتحدة عام 2012، الذي مكنها من الانضمام إلى أكثر من منظمة واتفاقية من بينها اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة "سيداو".
وتعمل لجنة مواءمة التشريعات على مواءمة التشريعات الفلسطينية السارية مع الاتفاقيات الدولية بالتنسيق مع اللجنة العليا لمتابعة انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية.
في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2019، أصدر رئيس دولة فلسطين محمود عباس قرارا بقانون حدد فيه سن الزواج للجنسين بثمانية عشر عاما، ويستثنى منه حالات محددة بقرار من المحكمة المختصة، إلى جانب قرار بقانون أجاز فيه للأم فتح حسابات مصرفية لأبنائها القاصرين، والإيداع فيها والسحب منها وإغلاقها.
فيما أقر مجلس الوزراء مسودة قانون حماية الأسرة من العنف بالقراءات الثلاث، ونسب إلى الرئيس لإصداره على شكل قرار بقانون.
وزيرة شؤون المرأة أمل حمد، تقول إن العنف بحق النساء موضوع أممي، إلا أن هناك تناميا في هذه الظاهرة في المجتمعات العربية، وزادت مؤخرا في ظل الجائحة بسبب حالة التوتر والتبعات الاقتصادية لها وما رافقها من الغياب عن العمل وآثار أخرى طالت منظومة الحياة.
وترى أن أشكال العنف تضاعفت خلال الجائحة وباتت أكثر عنفا وبرز خلالها العنف الجسدي والاقتصادي.
وفي ما يتعلق بمكافحة هذه الظاهرة، تشير حمد إلى أن العمل جار على اطلاق المرصد الوطني للعنف، الذي سيتضمن بيانات وتحليلات حول حالات العنف، بالشراكة مع وزارات الصحة والتنمية الاجتماعية والعدل والشرطة والنيابة والمحافظات والقضاء الشرعي والنظامي، وتسع مؤسسات مجتمع مدني، ست منها في الضفة، وثلاث في قطاع غزة.
وتبين أن المرصد سيعمل على تحديد اشكال العنف الممارس ضد النساء سواء نفسي، اجتماعي، أسري، اقتصادي، وتحليل البيانات لتحويلها الى سياسيات وخطط وبرامج.
وتشير إلى أن هناك لجنة توجيهية في الوزارة، تعمل على مراجعة تحديد الخدمة وطبيعة التدخل الذي يجب ان يقدم للمتعرضات للعنف، فيما تقوم وحدة الشكاوى، بمعالجة ومتابعة مختلف الشكاوى، التي تضاعفت خلال "كورونا".
وعن دور وزارة شؤون المرأة خلال الجائحة، تقول حمد: "إنها قدمت الاسناد للنساء صاحبات الاعمال اللواتي تعرضن لخسارات اقتصادية، بالتعاون مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية"، مشيرة الى أن "الوزارة وبالتعاون مع وزارة الحكم المحلي أنشأت خلال الجائحة 300 لجنة اسناد، تتكون كل واحدة منها من تسعة أفراد بين مرشدين نفسيين واجتماعيين وقانونيين ومن مختلف التخصصات، لتقدم الارشاد والتوجيه والاسناد للنساء المتواجدات في مختلف المناطق".
العمل في ظل الجائحة
الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية للحد من انتشار "كورونا"، خصوصا اغلاق المدارس والحضانات ورياض الأطفال، إلى جانب عدد كبير من المنشآت، لم تترك أمام العديد من الأمهات العاملات خيارا، خصوصا في المؤسسات الخاصة والأهلية، سوى أخذ إجازة، أو محاولة العمل من المنزل أثناء رعاية أطفالهن في حال تمكنهن من ذلك أو موافقة صاحب العمل، فوجدن أنفسهن وحيدات أمام تحد جديد في توفير ملاذ أمن لأبنائهن خلال الجائحة.
المدير العام للتشغيل في وزارة العمل رامي مهداوي، يقول: "لا توجد احصائيات خاصة بواقع النساء في ظل الجائحة، الا أن 8600 شكوى واستفسار وردت للوزارة من المحافظات الشمالية وحدها".
ويضيف: "قطاع العمل وهو الأكثر تضررا، وهناك عدد من القضايا تم حلها مع المشغلين، وبالحوار مع النقابات وقضايا أخرى تم تحويلها للقضاء للبت فيها".
ويشير مهداوي إلى أن "الاستفسارات كانت حول العمل عن بعد، والاجازات، وكيفية التعاطي مع الإجازات في حال الإصابة، وانهاء الخدمات".
وعن تدخل وزارة العمل أثناء الجائحة، يقول مهداوي: "إن الوزارة دعمت المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر، والدعم المالي المقدم من صندوق وقفة عز، كذلك دعم المشاريع والاعمال المنزلية، ومشروع المال مقابل العمل، الذي سيستفيد منه 3100 مواطن نصفهم من النساء".
ويضيف: "خصصت الوزارة أرقاما لتلقي الاتصالات والاستفسارات، التي كانت غالبيتها من النساء، كما كلفت عددا من النساء لتلقي هذه الاستفسارات لإفساح المجال امام المتصلات للحديث بحرية".
ويلفت إلى أن الوزارة "نفذت العديد من البرامج دعما للمرأة، كالعمل عن بعد، والتدريب عن بعد، وتعزيز الأعمال المنزلية، لتقليل الأثر الاقتصادي بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون الدولي .GIZ
الأسيرات في مواجهة السجان و"كورونا":
منذ مطلع عام 2020 تصاعدت وتيرة الاعتقالات والعقوبات بحق الأسيرات الفلسطينيات، وبلغ عدد الأسيرات رهن الاعتقال حتى تاريخ 14/9/2020 نحو 38 أسيرة فلسطينية، بينهن 23 أسيرة يقضين أحكاما متفاوتة، اعلاهن حكما صدر بحق الاسيرتين شروق دويات، وشاتيلا أبو عياد المحكومتين بالسجن لمدة 16 عاما، ومن بين الأسيرات 12 أما.
وفي ظل تفشي وباء "كورونا"، لم تتخذ إدارة سجون الاحتلال، أي إجراءات وقائية حقيقية ضد الفيروس، بل منعت الأسرى من شراء 170 صنفا من الكنتين من ضمنها مواد تنظيف، الأمر الذي شكل خطرا على صحة الأسيرات وكافة الأسرى وجعلهن في دائرة الخطر، كما حرمن من زيارة العائلة والمحامين، الأمر الذي فاقم من معاناتهن خصوصا وأن زيارة العائلة والمحامين تشكل الفسحة الوحيدة لهن، ويطالبن الأسيرات منذ انتشار الوباء بالسماح لهن إجراء مكالمات هاتفية بشكل منتظم، خصوصا و أن زيارات عائلاتهن حتى وبعد استئنافها لا تتم بشكل منتظم.
منذ مطلع العام الحالي 2020 اعتقل الاحتلال (93) امرأة، وذلك حتى نهاية شهر أيلول 2020.
وواجهت الأسيرات مثل كافة الأسرى انعدام توفير للإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهة الوباء، خصوصا وأنه تم تسجيل إصابات كبيرة بفيروس كوفيد- 19 المستجد بين السجانين، وبدلا من أن تعمل على توفير الإجراءات الوقائية فرضت عليهن كما ذكرنا أعلاه عزلا مضاعفا.
وتعاني مجموعة من الأسيرات من مشاكل صحية صعبة، فجزء منهن يعانين من إصابات تعرضن لها خلال عملية اعتقالهن برصاص جيش الاحتلال، وأخطر وأصعب الحالات المرضية الأسيرة إسراء جعابيص من القدس وهي محكومة بالسجن لمدة 11 عاما.
علما أن جزءا مما تواجهه الأسيرات سياسة الإهمال الطبي المتعمد والممنهج، وذلك من خلال المماطلة في إجراء الفحوص الطبية اللازمة لهن، وكذلك العمليات الجراحية، عدا عن ظروف التحقيق والاعتقال التي ساهمت بالتسبب لهن بأمراض ومشاكل صحية.
النساء في أرقام
وبحسب الجهاز المركزي للاحصاء، الصادرة في تقرير "واقع النوع الاجتماعي في فلسطين ضمن أهداف التنمية المستدامة في 2019"، فإن 9% فقط من رؤساء المنظمات النقابية المسجلة في وزارة العمل الفلسطينية هن من النساء، و26% من المحامين مزاولي المهنة هن من النساء، وبواقع 25% من المهندسين المنتسبين للنقابة من النساء.
أما المرأة في مراكز صنع القرار، فهناك ارتفاع ملحوظ في مشاركة النساء كعضوات في الأمانة العامة للمنظمات الأهلية للمؤسسات أو المراكز في فلسطين بنسبة 70% (40 مؤسسة من أصل 152 مؤسسة تتوفر بيانات عنها)، مقابل 30% للرجال للعام 2019، ونحو 22% من أمناء الأحزاب السياسة من النساء، في المقابل حوالي 20% من أعضاء اللجان المركزية للأحزاب السياسية من النساء للعام 2019.
ويشير التقرير إلى وجود فجوة واضحة في مشاركة النساء في مواقع صنع القرار، إذ بلغت نسبة النساء العضوات في مجلس الوزراء حوالي 14% مقابل حوالي 86% للرجال، إضافة الى انخفاض تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي، إذ بلغت هذه النسبة حوالي 11%، كما لا يوجد أي امرأة رئيسة بلدية في البلديات المصنفة (A+B)، اما بالنسبة للبلديات المصنفة "C" فإننا نجد أن هناك رئيسة بلدية واحدة مقابل 94 للرجال للعام 2019 وهي نسبة قليلة جدا وأقل من النسبة المعتمدة لحصة النساء في "الكوتا" المطالب بها.
وفي سلك القضاء، فإن نسبة القاضيات الشرعيات في الضفة بلغت حوالي 8% وترتفع النسبة للنساء كعضوات في النيابة الشرعية لتبلغ 71% مقابل 29% للرجال للعام 2019.
وفي القطاع التعليمي، أظهرت الإحصاءات أن تواجد النساء في المواقع القيادية في هذا القطاع ضعيف جدا، ولا توجد أي امرأة في منصب رئيس جامعة، وهو لا يرقى مع معدل التحاقها في القطاع التعليمي الذي يفوق عدد الذكور، حيث بلغ معدل الالتحاق في التعليم العالي 158 طالبة لكل 100 طالب.