التبويبات الأساسية

لكل مناسبة يوجد يوم محلي أَو عالمي مخصص للاحتفال بها؛ في لبنان يجب أن نخصص يوماً للاحتفال بالنسيان، اذ علينا أن ننسى باستمرار كي نستطيع إيجاد بصيص أمل ننظر من خلاله لمستقبل أفضل يخلو من الحروب والانفجارات والاغتيالات؛ يخلو من الالم والحزن والاسى؛ يخلو من الشهداء والضحايا الذين حرموا ليس فقط من حق العيش بكرامة، بل حرموا من الموت بكرامة في بلد التفلت والفساد والطائفية السياسية التي جعلت من أبناء هذا الوطن مبرمجين على الحقد والكراهية...في وطن يحرم فيه اللبناني من أبسط حقوق الاستشفاء، في بلد وصل فيه عدد حالات المصابين والمحجورين إلى ذروته وفقدنا فيه ولازلنا عدد كبير من الأحباء بسبب هذا الوباء...إلى متى ننتظر لإعلان حالة طوارئ لا تشمل فقط الاقفال بل وتراعي الأوضاع المعيشية المتردية، وتضمن الحفاظ على دوران العجلة الاقتصادية، واضعين نصب أعيننا الحياة الصحية لكل مواطن لبناني ولكل مقيم على أرضه أولاً...هل من الصعب أن نحثّ الناس على الالتزام بالارشادات الصحية للحدّ من إنتشار الوباء؟ هل من المستحيل أن نضمن أبسط حقوقهم المعيشية في ظلّ الوضع الراهن بدون أن نجعلهم يستجدون حقوقهم ولقمة عيشهم؟ نعم مع الاسف من الصعب جداً تحقيق المستحيل مع وجود سرطان الفساد الذي يستفحل في جسد بلد الأرز وانتشار داء التمسك بالكرسي الذي جعلنا نصدّر مرغمين خيرة شبابنا إلى بلاد الاغتراب ...معاناة من كل لون ونوع يتحملها مجبراً اللبناني في وطن تاهت فيه الابتسامة وبقيت وحدها الدمعة سيدة يومياته.
في بلدي الاحتفال بالنسيان حاجة ملحة لكل مواطن، لكل أمّ وأب فقدوا أبنائهم، لكلّ طفل فقد أهله أو أحداً من إخوته لكّ زوجة ترملت باكراً، لكلّ زوج زفّ عروسه بالدموع، لكلّ شاب وشابة تبخّرت أحلامهم وطارت مع دخان الانفجارات، لكلّ بداية رسمت كلمة "النهاية" في أوّل صفحاتها، لذكريات لم تولد لتموت...نعم نعمة النسيان لم تمنح لنا بلا سبب فالحياة تستمرّ والانسان بطبعه "ينسى" ولكن الله لا ينسى الاقتصاص لكلّ الضحايا والابرياء ولكلّ المظلومين والمنكوبين...فنعم للإحتفال بيوم النسيان المحلي.

الاحتفال بيوم النسيان لن يمنع الجيل الجديد من إحداث التغيير بعد التخلص من حفنة أشباه الرجال المتمسكين بالحكم؟ تبقى الاحلام حقيقة من الصعب الوصول إليها فكيف لحلم أن يتحقق وهو يجرف معه رواسب تاريخ سياسي رائحته كريهة ملوثة بدماء الابرياء، لكن يبقى لدى كل الشباب أمل بأن يعود لبنان، وإيمان بأن تصبح أغنية "راجع راجع يتعمر راجع لبنان.." واقعاً ملموساً يؤسس لمرحلة مضيئة في تاريخ لبنان الحديث...على أمل أن يتحقق المستحيل أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه أبداً.

صورة editor3

editor3