نشرت "الوكالة الوطنية للإعلام" مقالاً جاء فيه: " تشكل مجتمعاتنا الاستهلاكية وطبيعة حياتنا اليومية جوهر الازمة البيئية المستفحلة في لبنان، اذ يتراوح معدل إنتاج الفرد من النفايات المنزلية الصلبة في لبنان حوالى كيلوغراما واحدا يوميا، لذلك يجب التخفيف من الاستهلاكات اليومية، غير أن مجتمعنا الحالي يشجع الفرد على شراء منتج جديد بدل اعادة استعماله والمحافظة عليه لفترة طويلة، والذي سيخفف من الضرر البيئي.
ويعتمد الفرز من المصدر على تعاون كل الافراد في المجتمع، إنطلاقا من المنزل والعائلة الى المدرسة وحملات التوعية للطلاب وتعليمهم كيفية الفرز للاستفادة منه بعد ذلك بتدوير المواد الصلبة. كما أن رمي النفايات عشوائيا في الطبيعة يؤدي الى كوارث بيئية وخصوصا أن بعض المواد تحتاج لفترة طويلة لكي تتحلل.
لقد تسبب أقفال مطمري عدوة في الضنية وسرار في عكار، اللذين كانا يستوعبان نفايات المنطقة، بانتشار النفايات على الطرق العامة والداخلية للقضاء في المرحلة الاولى مما تسبب بظهور البعوض والذباب وانتشار الروائح الكريهة، واستدعى ذلك محاولة كل بلدية على التخلص من نفاياتها حسب إمكانياتها المادية والعقارية. ففي حين عمد بعضها إلى طمر النفايات في أماكن خاصة بعيدة عن السكن، أنشأت بلديات أخرى معامل لفرز النفايات وهما بلدتي بشمزين وأميون.
كلش
وأكد رئيس بلدية بشمزين فوزي كلش أن "معمل فرز النفايات هو الاول الذي انطلق في الكورة وقد تجاوب عدد من البلدات معه للتخلص من نفاياتهم هم: بشمزين، بطرام، كفرحزير، بترومين، دار بشمزين وبدبا. وهناك ست بلديات أخرى ستنضم بعد تأمين المستوعبات وسيارات لنقل النفايات".
وأوضح أن "المواد القابلة للفرز هي: الزجاج، الكرتون، النايلون، قناني الصحة، الفلين، الورق، الالمنيوم والحديد. أما المواد الأخرى التي لا يمكن فرزها فإنها تخمر في الأرض"، مؤكدا أن "مداخيل المعمل لا تغطي كلفته لأن الطن يباع بخمسة وخمسين الف ليرة لبنانية"، مشيرا إلى أن "المعمل يعتمد على الطاقة البديلة المتجددة".
وأشاد بتعاون أبناء المنطقة "الذين يشجعون على أن تكون بلداتهم نظيفة وتتمتع ببيئة نظيفة"، داعيا المستشفيات في الكورة إلى "دعم هذا المشروع والمشاركة في التخلص من نفاياتها عبره"، مثنيا على "دور المدارس والجمعيات والاهالي بحملات التوعية البيئية والذين يحضرون طلابهم وأبنائهم للتعرف على كيفية فرز النفايات وتوضيبها ليتمكنوا لاحقا من فرز نفاياتهم".
فارس
وأوضح رئيس بلدية أميون مالك فارس أن "فكرة إنشاء معمل الفرز في البلدة جاء من المجلس البلدي الذي دعا إلى محاولة التخلص من النفايات بطريقة تتلاءم مع البيئة ومع متطلبات الاهالي"، معتبرا أنه "بعد مساع عدة ومساهمة الصليب الاحمر اللبناني بالمساعدة والتعاون مع اتحاد بلديات برشلونة الذي مول المشروع من معدات داخلية كالقشاط ومكبسين ومولد كهرباء وسيارة بيك آب لنقل النفايات، في حين قدم عبد الله غنطوس وزوجته كوثر الأرض التي بني عليها المعمل والتي هي بعيدة عن السكن. كما ان بعض الاهالي شاركوا بتقديم الدعم المالي لتسهيل وجود المعمل".
واكد فارس أن "المعمل يمكنه التخلص من حوالى 60% من حجم المواد المرمية عشوائيا والتي يمكن استعمالها وإعادة تدويرها منها الكرتون والبلاستيك التي تباع لمعامل مختصة بعد تعليبها. في حين تطمر المواد العضوية حاليا في حفر خاصة لتتحول الى سماد لاحقا".
وأوضح أن "هناك خطة مستقبلية لمعالجتها وخصوصا أن هناك تجاوبا كبيرا من أبناء البلدة الذين يتميزون بالعلم وحبهم للبيئة".
وطالب بدعم "الجهات المانحة مرسي كور وusaid لبلدية اميون أسوة بغيرها من البلديات الاخرى في المنطقة ومساعدتها على التخلص من النفايات، وخصوصا أن البلدة تعاني ازيادة التكاليف المادية للبنى التحتية المترتبة عن عبء الوجود السوري في البلدة"، مؤكدا أن "بلديات بدبا ودار بشمزين وبترومين وغيرها يمكنها المشاركة بفرز نفاياتها بالمعمل".
داغر
وأشارت الدكتورة في التمريض في كلية الصحة هدى داغر إلى أن "بلدية عابا أقامت توأمة مع بلدية أميون التي ستجمع النفايات المفروزة من المصدر لاعادة تأهيلها في معملها".
وقالت: "هناك لجنة نظمتها البلدية لتفعيل أهمية الفرز من المصدر في بلدة عابا ومراقبتها، ودور هذه اللجنة في تعزيز قدرات أبناء المنطقة بالتوعية من خلال تنظيم حملات التوعية للاهالي. هناك صعوبة في التوعية وفي الفترة الزمنية التي قد تواجه اللجنة بحملات التوعية للاهالي لأن قسما كبيرا منهم لا يعرف كيفية الفرز المنزلي والتخلص بالطرق الصحيحة للنفايات الصلبة".
وأوضحت أن "معالجة فرزالنفايات المنزلية يتطلب وقتا وصبرا لذلك فإن هذه اللجنة التي شكلت ستتابع عملها دوريا وستقوم بحملات توعية ومراقبة ميدانية".
كما قالت داغر معالجة فرزالنفايات المنزلية يتطلب وقتا وصبرا، فهل اللبنانيون سيتعودون على هذه الفكرة ويطبقونها؟ إذا كان الجواب نعم، فالسؤال متى؟. وهل ستنتشر معامل الفرز في المناطق للحد من المشكلة على غرار معمل الكورة؟...نحن في الانتظار".
المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام