كتبت غريتا صعب في صحيفة "الجمهورية" تحت عنوان "الإنقاذ معطّل.. والإنهيار في ومضة عين": "قد يكون من الأدق الحديث عن أزمة كيان، ولا سيما انّ الاصلاحات لا تستوجب استئذان أحد ويجب السير بها تلقائياً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. واذا كان لكل حزب خطه الأحمر قد نصل الى الانهيار في ومضة عين.
من يراهن على البترول و"سيدر" ينبغي أن يعرف أنّه لا يمكن ان يحدث اي تغيير بلا اصلاحات جذرية ومحاسبة وقضاء نزيه يستدعي من يستدعيه ولا يستأذن احداً في ذلك. وقد يكون الوضع الاقتصادي شبيهاً الى حد بعيد بأزمة اليونان ولا سيما من ناحية النمو والدين والعجز المالي، مع فارق كبير انّ اليونان تدعمها اوروبا وصندوق النقد الدولي وممنوع انهيارها.
أمّا لبنان، ولغاية الآن، لا يدعمه سوى اللبنانيين الموجودين في الخارج، علماً انّ تدفق التحويلات المالية سجّل تراجعاً ويُتوقع ان يكون النمو الحقيقي للناتج سلبياً، فيما الدين العام بلغ مستويات عالية جداً، ما يعني انّ الدين والعجز المالي وعجز الحساب الجاري مؤشرات سيئة للغاية.
ما يزيد الوضع تعقيداً عدم الاستقرار الاقليمي، ما يؤشر الى تغيير في اسعار النفط وغيرها. لكن، وحتى وفق افضل السيناريوهات، قد يكون لبنان في وضعية سيئة جداً، وعلامات التحسّن لم تظهر بعد ولا توجد نية في التغيير لأسباب عديدة، قد تكون مؤشراً للانهيار الكامل والذي بدأت تظهر تباشيره من خلال امور عدة قد تكون اهمها استحقاقات مالية لا يمكن تلبيتها الا بإعادة الاستدانة وبفوائد مرتفعة، الامر الذي يعني في ما يعنيه زيادة الدين وخدمته.
اللجوء الى الهندسات المالية واليوروبوند بفوائد عالية دليل على اننا لا نستطيع ان ندفع مستحقاتنا، وصندوق النقد الدولي سمّى ذلك في حالة اليونان بأنّه تخلّف عن الدفع، أما في حالة لبنان فانّ أي تخلّف عن الدفع سوف يُعتبر افلاساً وقد لا نجد من يشتري اليوروبوند ولو بأسعار فوائد عالية، ولا سيما انّ عامل المخاطرة كبير جداً في ظل الأزمة التي نمرّ بها. وكما هو جليّ فإنّ الدول الخليجية غير مستعدة أبداً للمساعدة، وقد تمظهر ذلك بعد المؤتمر الذي حضره رئيس الحكومة سعد الحريري في الامارات ولم ينتج عنه شيء على حد علمنا.
كلها امور لا تعوّض غياب التخطيط الاقتصادي والاصلاحات الهيكلية، وما لم تحدث تغييرات جذرية في معالجة الامور واحتواء عجز الموازنة وخصخصة القطاعات المسؤولة عن العجز، وقد تكون مؤسسة كهرباء لبنان اولها، فسوف نسير حتماً نحو الانهيار، وعندها لن يعود من شيء ليتقاسمه المسؤولون. وتبقى الخطوط الحمر التي وضعوها قائمة والبلد الى انهيار اكثر فأكثر.
اذا قلنا سابقاً انه لا داعي لخطة ماكينزي، لانّها تقول لنا ما نعرفه من خصخصة وسعر صرف وغيرها، الّا اننا اليوم نقول انّها امور باتت بديهية في ظل ما يحدث بين المصارف والدولة والمصرف المركزي. وقد تكون الهندسات المالية غير مؤاتية، وتكشف حاجات البلاد التمويلية، وقد يكون التخلّف عن السداد خطوة اولى في عملية الافلاس".