أدى أربعة وعشرون ديبلوماسيا جديدا قسم اليمين بعد صدور مراسيم تعيينهم، ومن بينهم سبع عشرة ديبلوماسية، في احتفال في وزارة الخارجية والمغتربين حضره الوزير جبران باسيل وكبار الموظفين في الوزارة.
بعد النشيد الوطني، تلا الديبلوماسيون الجدد قسم اليمين، وفيه: "أقسم بالله ان اؤدي واجب الوظيفة بأمانة وإخلاص، وأحافظ على اسرارها، وألا أذكر في ما أضع من مذكرات او مقالات او مؤلفات او تصاريح أثناء وجودي فيها او بعد اعتزالها، امورا أكون قد اطلعت عليها أثناء قيامي بها، إلا بإذن كتابي من وزارة الخارجية والمغتربين".
بعد ذلك ألقى باسيل كلمة قال فيها: "تدخلون اليوم الى سلك مميز في الدولة اللبنانية، لأنكم صورة لبنان في الخارج. انا فخور بأن تكون هذه الدورة حصلت اثناء تولي مسؤولياتي الوزارية على رأس هذه الوزارة. كلنا نذهب وتبقى الوزارة باسمها، وعملها وسيسجل أنه في هذه المرحلة دخل السلك دورتان من الديبلوماسيين حسب الأصول ومعيار الكفاية".
وأضاف: "انها المرة الاولى أراكم فيها، وانا سعيد بذلك، وفخور بكل واحد منكم لانكم نجحتم بكفايتكم وقدرتكم الذاتية دون منة من أحد".
وتوجه الى خريجات الدورة: "في الدورة الاولى للديبلوماسيين، وخلال تولي الوزارة نجح 43 من بينهم 15 امرأة، واليوم نجح 24 منهم 17 امرأة، ما يعني ان سبعين في المئة من الناجحين في هذه الدورة من النساء، وهذا يضاف الى حيازة المرأة دورها الطبيعي في المجتمع. مسؤوليتكن مضاعفة لتأكيد نجاحها دون ان نعفي الشباب من هذا النجاح".
وتابع: "اليوم تنطلقون في عملكم الديبلوماسي من خلال مهمة صعبة وسهلة في الوقت نفسه، ومتعددة الأوجه لأنها تتضمن شقا اقتصاديا ثقافيا أطلعنا عليه الديبلوماسية الاقتصادية من خلال عشرين ملحقا اقتصاديا دخلوا السلك بمعيار الكفاية، وهذه واجهة جديدة للبنان ومهمتكم معا في هذا المجال كبيرة جدا، لأن السفير يهتم بشؤون بلده الاقتصادية. وكلنا نعرف اننا نعاني اليوم عجزا تجاريا كبير جدا وهو السبب الاساسي لأزمتنا الاقتصادية. وأنتم مع كل سفير في الخارج يجب ان يشعر بأن لديه مسؤولية في زيادة صادرات لبنان الى الخارج، وهذه مهمة وطنية أطلق عليها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اسم المقاومة الاقتصادية لنتمكن من إنقاذ بلدنا من السقوط الاقتصادي".
وأشار الى أن "مهمتكم الثانية نبيلة ايضا، وهي المنتشرون في الخارج، لأن عددهم أكثر بثلاث أو أربع مرات من عدد المقيمين فيه، ومهمتكم التواصل معهم مهما كانوا بعيدين جغرافيا او لغويا وفكريا. تجربتنا دلت كيف ان التواصل معهم يعيدهم الى وطنهم، وهذا هو المهم بالنسبة الينا في وزارة الخارجية، بما يحفظ وطننا وكيانه.
أما الجانب الآخر من مهمتكم فهو سياسي، إذ تحملون من خلاله رسالة لبنان السياسية ومطالبه ودفاعه عن نفسه او اتهامه للآخرين بالاعتداء عليه. وهذه مهمة طبيعية تقومون بها من خلال توجيهات وزارة الخارجية التي تمثل سياسة الحكومة، وليست سياسة خاصة للوزير او لاي فريق في البلد. بل هي تمثل كل البلد لذلك نسعى دائما لان تكون جامعة لكل اللبنانيين، ومن هنا ولاؤكم هو للبنان وليس لشخص او لفريق او لطائفة".
وقال: "يتزامن قسمكم لليمين مع حادثة حصلت في وزارة الخارجية، وانا سعيد ان تطلعوا عليها مني مباشرة لتعرفوا ما الذي يمكن ان تتعرضوا له، وما هي الامثولة التي يجب ان نأخذها كلنا مما حصل.
عندما تسلمت الوزارة في العام 2014 اكتشفت ان هناك تسريبات لمحاضر، فنحن كل يوم نتلقى عشرات التقارير، بعضها سري وبعضها يمكن الاطلاع عليه، ويخص الوزارة فقط بغض النظر عن اهميته، ولا يجوز تسريبه الى الخارج، خصوصا اذا تم بشكل مقصود وممنهج ومبرمج ومخطط، سواء كان الى وسائل الاعلام او الى جهات خارج الوزارة من اطراف سياسية، سواء كان لها الحق في ذلك او لا، لانهم يعرفون ان هذه التقارير احيانا قد ترسل الى الرئيس المعني او الى الرؤساء الثلاثة او الى وزارة او جهة معنية، او الى سفارة لنا في الخارج، وهناك نوع من الآلية المعتمدة في هذا المجال.
لما تسلمنا كانت الفوضى كاملة، فنظمناها بالحد الادنى، وما زالت بحاجة الى تنظيم أكثر من خلال المكننة التي نقوم بها. ولكن اي عمل مبرمج من هذا النوع لا يجوز الا ضمن الآلية الموضوعة".
وأضاف: "حديثا، ازدادت التسريبات بشكل واضح، وانا نبهت الشخص المعني مباشرة، ونبهته مرة أخرى بطريقة غير مباشرة امام زملائه، وبتنا نقرأ كل ما يحصل داخل الوزارة في الصحف. لكن أخيرا حصلت تسريبات لمحاضر واشنطن، ووضع ذلك في اطار ازمة سياسية في الفترة الاخيرة، والكل طالب بالتحقيق وحتى باستقالة السفير المعني، وهذا واجب.
وأنا التزمت الصمت لأني كنت قد بدأت بالعمل الجدي، وطلبت من مدير التفتيش ومن الأمين العام للوزارة والهيئة الادارية فيها القيام بتحقيق داخلي أفضى الى ظن ليس مقرونا بالإثبات اللازم، في غياب الإمكانات. ترافق ذلك بالتشكيك بكل السلك الديبلوماسي لجهة مهنيته وموضوعيته، وحتى بتخوينه في هذا المجال.
ونتيجة لذلك، اتبعنا الأصول اللازمة ولجأنا الى القضاء، حيث وجهت كتابا يشكل سابقة لمدعي عام بيروت، رافعا عنهم الحصانة. وسمحت له بواسطة الضابطة العدلية بدخول الوزارة. ولأكون عادلا وموضوعيا، اعتبرت ان كل من يمكن ان يتسلم التقرير هو موضع سؤال، بدءا من مدير مكتبي، والامين العام للوزارة ومدير الشؤون السياسية الذين ساهمت باختيارهم وتعيينهم في مناصبهم، كذلك مديرة الرموز ورئيس دائرة الرموز والديبلوماسيين المعنيين على رأس المديريات. وقبل بدء التحقيق اجتمعت بهم واعتذرت منهم مسبقا وأبلغتهم اني مرغم على اتخاذ هذا الإجراء احتراما لهم وللسلك الديبلوماسي، وطلبت من رئيس الجهاز المكلف الحضور شخصيا، متمنيا عليه التعامل مع السفراء باحترام كامل، مع اصراري على معرفة الحقيقة".
وتابع باسيل: "كل الاتهامات بالعسكريتاريا وإهانة السلك الديبلوماسي وقمع الحريات وغيرها التي أعقبت ذلك، فقط لان وزيرا لجأ الى القضاء ليحمي وزارته وهيبة الدولة وليحافظ على حرمة السلك الديبلوماسي ويوقف المس به بهذا الشكل، في ظل تبلغنا من دول معنية بطلب عدم تضمين المحاضر للكلام الجدي في الإجتماعات. ما اود ان اؤكده اننا اتبعنا الاصول اللازمة للتحقيق، وبنتيجته حصل ادعاء من القضاء على احد العاملين في الوزارة، وحصلت ردة الفعل التي رأيناها، وأنا أتفهمها، وأؤكد ان مشكلتنا ليست مع صحيفة او مع وسيلة اعلامية وصلها تقرير رسمي موقع من سفير، مشكلتنا ليست مع الناشر، انما هي داخل الوزارة، ولن ننقلها للخارج لا بالسياسة ولا بالاعلام، ونحن معنيون بوقف التسريب".
وإذ أشار الى ان "ردة الفعل بحجمها قد تكون تحاول اخفاء شيء آخر"، قال: "قد يعرفون شيئا لا يعرفه غيرهم. أتفهم ردة الفعل هذه، وامنيتي الا يكون اي شخص من السلك الديبلوماسي مرتكبا لهذه التسريبات، وهذا يكون انتصارا لنا في الوزارة، وأي إثبات للتهمة يكون انكسارا لنا".
وأشار الى "أنني سمعت من الوسيلة الاعلامية ومن وكيلها المحامي ان هناك ما يثبت ان التسريب حاصل من مكان آخر، وهذا شيء جيد نتمنى ان يذكروه في التحقيق، بذلك نعرف الجهة الحقيقية المسربة اذا لم يكن الشخص المدعى عليه، ونكون قد حققنا غايتين: تبرأة وزارة الخارجية او اي عامل فيها، ووصلنا الى الحقيقة وكشفنا المسرب. وفي جميع الاحوال حرية الصحافة بالنسبة لنا مصانة ومحمية والبرهان هي ردة الفعل التي تحصل بمعزل عن الجانب الاخلاقي، وهو موضوع يطال الجميع. الاخلاق هي التي تضع كل شيء في اطار احترام الآخر".
وقال باسيل متوجها الى الديبلوماسيين الجدد: "اود ان اقول ان هذه امثولة لكم في بداية عملكم، وبقدر ما انتم صورة جميلة للبنان وستحملون رسالته، الا انكم معرضون للمساءلة لان غياب المساءلة والمحاسبة وكشف الحقائق هو ما اوصل دولتنا الى ما هي عليه وعدم ثقة المواطن بها، واستشرى فيها الفساد .وكما قلت لكم هذا فساد إداري، انتم تخضعون اولا للقسم الذي اقسمتموه في بداية الحفل".
وتلا الوزير باسيل على مسمع من الديبلوماسيين الجدد لبعض القوانين في حال نكثوا بقسمهم، قائلا: "يجب ان تعرفوا ان المرسوم الاشتراعي في المادة الخامسة عشرة الفقرة الثامنة في الاعمال المحظرة على الموظفين تقول: "...ان يبوح بالمعلومات الرسمية التي اطلع عليها اثناء قيامه بوظيفته حتى بعد انتهاء مدة خدمته، الا اذا رخصت له ادارته خطيا بذلك وهذا سند قانوني يجب ان تستندوا عليه الى جانب قانون العقوبات المادة373 التي تقول اذا ارتكب الموظف في الادارات او المؤسسات دون سبب مشروع، اهمالا في القيام بوظيفته، او لم ينفذ الاوامر القانونية الصادرة اليه عن رئيسه عوقب بالحبس حتى سنتين وبالغرامة من مئتي الف الى مليون ليرة او بإحدى هاتين العقوبتين والمادة 376 من قانون العقوبات تقول كل موظف اقدم بقصد جلب المنفعة لنفسه او لغيره او بقصد الاضرار بالغير على فعل لم يخص بنص في القانون ينافي واجبات مهنته يُعاقب بالحبس من شهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة من عشرين الف الى مئتي الف ليرة والمادة 283 تقول من كان في حيازته بعض الوثائق او المعلومات كالتي ذكرت في المادة 281 فابلغه او افشاه دون سبب مشروع عوقب بالحبس من شهرين الى سنتين واذا كان المجرم يحتفظ بما ذكر من المعلومات والاشياء بصفة كونه موظفا او عاملا او مستخدما في الدولة فعقوبته الاعتقال الموقت".
وقال باسيل: "أوردت كل ذلك لاقول لكم ان الاساس في العمل الديبلوماسي هو المهنية والاحتراف والكتمان، وكم هي الثقة مهمة لاننا نمس بهيبة وامن الدولة وتحديدا جهاز الضابطة العدلية التي كلفت من القضاء التحقيق، مهمتها في القانون اللبناني القيام بالعمل داخل المؤسسات في هذا الشأن فكيف اذا كانت بتكليف من الوزير وبالسماح بالملاحقة ورفع الحصانة والسماح بالدخول الى مقر الوزارة".
وختم: "هكذا نحافظ على السلك وعلى الدولة، ونحترم انفسنا والدولة. ولا لزوم لاحد ان يعلمنا او يعلمكم كيف تحترمون الدولة والسلك، انتم بادائكم تحترمون انفسكم وتحترمون السلك الذي تنتمون اليه، والا فأنتم تسيئون الى انفسكم، وليس فقط الى السلك الذي تنتمون اليه. على هذا الاساس نحن نتصرف، وانا لدي اسبابي الكافية التي تقول ان مصدر التسريب في الوزارة اكثر من شخص واحد، ولذلك عندما ما وجهت كتابي الى القاضي، قلت فيه شخصا او اكثر. واطلب ان يتوسع التحقيق وعدم التركيز على شخص واحد لنتمكن من توقيف الفساد الإداري المستحكم، بذلك نكون نبني دولة الحق لتتمكنوا من العمل، وهذا يجب ان يكون مصدر تشجيع لكم في عملكم لتكونوا الصورة الجميلة للبنان، فالسفير في الخارج هو من يمثل لبنان".