تحدث الامين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله عصر اليوم في حفل تأبيني في مجمع سيد الشهداء، بذكرى اسبوع مصطفى بدر الدين، في حضور الوزير علي حسن خليل، السفير السوري علي عبد الكريم علي، النواب: إميل رحمة، حكمت ديب، محمد فنيش، حسين الحاج حسن، محمد رعد وعلي فياض، النائب السابق عبد الله فرحات، المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان، نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، وفد إيراني برئاسة الشيخ سبحاني نيا، السيد جعفر محمد حسين فضل الله، علماء دين وشخصيات سياسية وحزبية لبنانية وفلسطينية.
بعد آي من الذكر الحكيم، عزفت ثلة من تلامذة بدر الدين الموسيقى، فعرض لمجموعة عسكرية وتأدية قسم البيعة للامام الخامنئي والولاء للامين العام، فالنشيد الوطني، ثم نشيد "حزب الله".
بعد ذلك، عرض فيلم مصور عن بدر الدين، وكانت كلمة تقديم للشاعر علي عباس، ثم ألقى محمد بدر الدين كلمة العائلة، فأعلن "افتخارها بالانتماء للامام الخميني والسيد الخامنئي"، مجددا "الوفاء لمسيرة حزب الله والولاء للسيد حسن نصر الله"، شاكرا ب"اسم آباء وأمهات واحفاد العائلة الذين قدموا المواساة للعائلة".
نصر الله
وقال نصر الله عبر الشاشة، معزيا العائلة، وقال: "نحن في هذا العزاء شركاء واهل لان شهيدنا القائد كان ابن هذه العائلة الصغيرة والكبيرة. وسأتحدث عن شخص مصطفى بدر الدين وظروف استشهاده ومرحلة ما بعد الاستشهاد".
وقال:" ان مصطفى بدر الدين من اوائل رجالات المقاومة منذ لحظاتها وساعاتها الاولى، وكان في مقدمة المجاهدين في معركة خلدة مع مجموعة من المجاهدين الذين شكلوا نواة المجموعة الاولى في المقاومة، وقد قاتلوا كتفا على كتف مع الاخوة في حركة امل والاخوة الفلسطينيين، وقد أصيب يومها وبقيت آثار ذلك معه الى يوم الشهادة. لذا هو من اوائل الجرحى في هذه المسيرة، شارك مع بقية الاخوة القادة في التدريب والتسليح والتجهيز والتي أدت الى طرد الاحتلال الاسرائيلي من بيروت والجبل وصولا الى الحزام الامني، وفي العام 1995 تولى الشهيد مصطفى المسؤولية العسكرية المركزية في حزب الله الى منتصف العام 1999، وقد عمل خلالها على تطوير بنية المقاومة وصولا الى الانتصار الكبير العام 2000".
ولفت الى أن "من اهم التحديات كانت المواجهة الكبرى في نيسان عام 1996 حيث صمدت المقاومة وثبتت مما افشل العدوان الاسرائيلي وانتهى بتفاهم نيسان، وصولا الى العام 2000"، مشيرا الى أن "أهم ادواره كان في عملية انصارية وتقاسم فيها المسؤولية مع الشهيد عماد مغنية".
وتحدث عن "رؤيته في دور الاعلام الحربي، وكونه واحدا من قادة المواجهة في عدوان تموز 2006. كما تولى مسؤوليات عديدة، ومن اهم انجازاته، تفكيك شبكات العملاء الاسرائيليين بالتعاون بين أمن المقاومة وأمن الاجهزة الرسمية والتي كان لها دور كبير في كشف هذه الشبكات".
وقال: "وفي مرحلة الدخول الى سوريا أوكلت الى الشهيد بدر الدين مهمة إدارة الوحدات القتالية فيها، وكان يديرها من لبنان حيث كنت أمنعه من الذهاب الى سوريا حرصا عليه، ولكن اصرارا منه ذهب الى هناك فقضى أغلب وقته هناك وتحمل اصعب المهمات. وكان لمقاومتنا شرف المساهمة الى جانب الجيش السوري وكل الحلفاء والاصدقاء، في تحقيق الانجازات وأبرزها منع سقوط سوريا في يد التكفيريين وفي يد اميركا وحلفائها في المنطقة. ولعب دورا في تفكيك شبكات الارهاب التي ضربت لبنان بالتعاون مع الاجهزة الامنية الرسمية في لبنان".
أضاف: "نحن امام واحد من العقول الكبيرة في المقاومة ومن مؤسسيها الاوائل، قائدا ومقاتلا وشهيدا".
وتحدث عن "شجاعته وذكائه الحاد واحترافيته العالية ونشاطه الدؤوب وعاطفته الجياشة"، وقال: "لقد وافقت على ذهابه الى الحدود للمتابعة وليس الى سوريا، انما أمام اصراره الشديد، قلت له انت مختلف واذا ذهبت الى سوريا وهي ساحة حرب ومطحنة، واذا استشهدت نصبح امام الكلام الكثير عند الاعداء والخصوم وفاقدي القيم والمتربصين بالمقاومة، وهذه اشكالية صنعها الاعلام الاخر كما حصل مع استشهاد عماد مغنية. لكنه اصر وقال لي لا تريدني ان استشهد بل أموت على الفراش. وبعد ذلك ذهب الى سوريا".
أضاف: "ان الشهيد القائد محمد الحاج والشهيد علاء كانا من قادة المقاومة لكن استشهادهما لم يثر ضجة لانهما شخصيتان غير اشكاليتين ومثلهما الشهيد القائد حسان اللقيس. الاشكالية ستبقى اسيرة الماكينة العاملة على مهاجمة حزب الله. وان مقام الشهداء عندنا يرتبط بأولئك الذين يقتلون في سبيل الله دفاعا عن دينهم وقضاياهم وقيمهم ضد مشاريع الاستكبار والهيمنة الاميركية والاسرائيلية سواء قتلوا بأيد اميركية او اسرائيلية او تكفيرية".
وتابع: "شهداؤنا هم شهداء في أي أرض سقوطوا لان المعركة واحدة والعدو واحد. وآسف أن عدونا الاسرائيلي الحاقد أنصفنا ولكن المستعربين خدموا الاسرائيليين اكثر من الاسرائيليين أنفسهم، وهم الذين حرضوا على جمهورنا عندما قالوا ان حزب الله لم يتهم اسرائيل بقتل مصطفى بدر الدين لانه خاف من يلزمه اتهامها بالرد عليها وهو منشغل بحروب أخرى".
وقال نصر الله: "نكرر أسفنا لأن يقول ذلك اعلاميون عرب في حين ان العدو الاسرائيلي يعرف اننا صادقون منذ 34 عاما، فلم نتكتم على أي عملية او قرارنا بالرد عندما نعد بالرد".
وعن ظروف الاغتيال، قال: "لقد تجاوزنا مسألة من قام بالاغتيال لان العدو واحد، وقد أجرينا تحقيقا في موقع الانفجار ولم يظهر لنا اي دليل يأخذنا الى اتهام الاسرائيلي، مع اننا لا نبرئه، لكننا حتى في الحرب النفسية لا نكذب ولا نتهم سياسيا".
أضاف: "المعطيات وجهتنا نحو الجماعات التكفيرية المسلحة في منطقة الاغتيال، وأنا أتحمل تبعات هذا الاستنتاج. مثلا في عملية القنيطرة قمنا بالرد على العدو الاسرائيلي عبر عملية قامت بها المقاومة يومها لان قرارنا كان الرد، ونحن لا نجبن اذا قررنا الرد على الاسرائيلي".
وتابع: "أقول للاسرائيلي الذي أنصفنا وللاعراب الاشد كفرا وفي هذه الذكرى، اذا امتدت يدكم على أي مجاهد من مجاهدينا سيكون ردنا قاسيا وخارج مزارع شبعا أيا تكن التبعات".
ورأى أن "ما صدر من كلام وتصرفات من بعض الشخصيات السياسية ووسائل الاعلام، يعبر عن مستوى الانحطاط الاخلاقي لدى الذين لا يتصرفون الا على اساس الاحقاد والضغائن"، وقال: "هؤلاء أسوأ من العصابات، فالمحكمة الدولية لم تحكم بعد على هذا الرجل في حين انكم تحاكمونه انتم وتدعون انكم حقوقيون، لكن الاناء ينضح بما فيه، والذي فيه خسة ينضح خسة والذي فيه عار ينضح عارا".
وعن المحكمة الدولية، قال: "قررنا ألا نتطرق الى هذا الموضوع، فملف المحكمة الدولية في دائرة النسيان عندنا، فقد تحدثنا عن بطلانها وتسييسها وانها سلاح ضد المقاومة ومع الاغتيال المعنوي لقادتها. لذلك لا تستحق منا أي تعليق".
أضاف: "هناك كتابات عن حزب الله بعضها يتهمنا بالعنف وبعضها متعاطف حرصا علينا. لقد أصبح حزب الله تنظيما كاملا ومؤسسة حقيقية بكل الأبعاد وفي مقدمها البعد الجهادي، وهذه المؤسسة لم تعد تتوقف على وجود شخص أو أشخاص مهما كانوا كبارا. نحن مؤسسة في حال تطور ونمو كما وكيفا في مواقع التدريب، تنتقل من جيل الى جيل. كما انه في العمل الجهادي في المقاومة ليس لدينا قائد واحد بل جيل من القادة من أعمار متفاوتة. لذا سرعان ما يملأ فراغ استشهاد أي قائد".
وتابع: "السيد مصطفى بدر الدين لن يكون الشهيد القائد الأول ولن يكون الشهيد القائد الأخير طالما ان قادتنا يصرون على التواجد في الميدان، وذلك يجب ألا يسبب شعورا بالضعف أو الخسارة، ولأننا بدماء هؤلاء نتقدم وننتصر".
وعن مرحلة ما بعد بدر الدين، قال: "لقد تحدثنا كثيرا عن أسباب ذهابنا الى سوريا، واليوم بدأت أكثر تنكشف أدوار الاميركيين وحلفائهم في هذه المعركة ومن عمل على تمويل هذه الجماعات التكفيرية وتدريبها ونقلها الى سوريا. وللذين ما زالوا يتساءلون عن صدقية هذه المعركة من خلال الاعلام الاميركي والغربي وليس الاعلام العربي، نقول إن رجال استخبارات في سي. آي. إي. وصحافيين كبار، بدأوا يكشفون عن التحضيرات للحرب على سوريا لأنهم بدأوا يروون خطورتها عليهم".
أضاف: "كل المعطيات تؤكد التدخلات في سوريا وخاصة من السعودية التي اعترفت بذلك، ومثلها جو بايدن الذي اعترف بإرسال الاف أطنان الأسلحة الى سوريا، كما ان السعودية تدير العمليات العسكرية وتعطل في السياسة، فهي تريد دستورا جديدا في سوريا، فهل لديها هي دستور؟ تريد انتخابات نيابية ورئاسية مبكرة، فهل عندها انتخابات نيابية؟ تريد إصلاحات وحريات، فهل من أحد يفتح فمه في السعودية؟ فمن يتكلم عندها يتعرض للجلد".
وتابع: "إن مطالب السعودية ومن معها في سوريا كلام فارغ وأكاذيب، واستهداف سوريا سببه أنها دولة مستقلة وخارج الهيمنة الاميركية ومتمسكة بموقفها العربي وبحقها في الجولان وفي محور المقاومة ودولة فيها عروبة وتقول لا لاسرائيل وتدعم المقاومة. فلو أن الرئيس بشار الأسد خرج الآن -وأقسم على ذلك- وقال انه حاضر لخدمة الاميركي والاسرائيلي لكانت الحرب انتهت في سوريا". ووعد ب"الكشف عن بعض الأسرار والعروض التي قدموها للرئيس الأسد في هذا المجال".
وأسف أن "السعودية وتركيا واميركا وجدت القوى القادرة على تدمير أتباع الديانات الأخرى، وداعش والنصرة وأمثالهما جاهزون للقيام بأعمال القتل والذبح بما فيها المجتمعات السنية في مصر وليبيا ونيجيريا".
وقال نصر الله: "لقد أتى جيش يحمل راية سوداء بإسم الاسلام، جيش متوحش تكفل بتحقيق الأهداف الاميركية والاسرائيلية في المنطقة، ويقدم نفسه الى الاميركي كحام كاذب لأهل المنطقة، كي يعودوا الى قواعدهم في اليمن والعراق وسوريا. لقد ذهبنا الى سوريا كي ندافع عن لبنان مع اننا نعرف التبعات، وواجهنا حملات شنيعة علينا وحصارا إعلاميا وماليا وتهديد كل من يؤيدنا برزقه. على مدى 34 عاما مررنا بظروف أقسى وأصعب مما نحن عليه اليوم، وبصبرنا وصمودنا سنتجاوز هذه المرحلة. كما أننا في قلب المعركة في سوريا نتقدم قياسا على ما كان يتوقعون قبل خمس سنوات. وان دماء شهدائنا في سوريا وقود في صنع هذا الانتصار وفي الدفاع عن قضايا الأمة".
أضاف: "قرار حزب الله هو أن استشهاد أي قائد من قادتنا لن يخرجنا من المعركة، وهذه الدماء الزكية ستدفعنا الى حضور أكبر في سوريا إيمانا منا بصدقية هذه المعركة يقينا بأن الآتي هو الانتصار. نحن باقون في سوريا وسنحضر بأشكال مختلفة، وسنكمل هذه المعركة، ونحن على يقين أن المشروع الاميركي - الاسرائيلي - التكفيري - الآل سعودي الاقصائي الابادي سيفشل ويدمر في سوريا".
وعن معركة الغوطة التي جرت مؤخرا، كشف أن "الشهيد بدر الدين كان من المخططين لها واستطاع الجيش العربي السوري إبعاد خطر هؤلاء عن المكان الذي استشهد فيه السيد مصطفى قرب مطار دمشق".
وفي ما يتعلق بالانتخبات البلدية والاختيارية الاحد المقبل، دعا نصر الله "أهل الجنوب الى المشاركة الكثيفة"، رابطا بين "هذه الانتخابات وضرورة المشاركة فيها، لمنع اعطاء حجج لمن يتربص بجمهور المقاومة"، مطالبا ب"الالتزام بلوائح التحالف والائتلاف".
وختم: "في يوم الشهيد مصطفى بدر الدين، ثأرنا الكبير يكون في مواصلة حضورنا في سوريا وفي الحاق الهزيمة النكراء بهذه الجماعات التكفيرية الارهابية المتآمرة على شعوبنا وكذلك في المحافظ على هذه المقاومة".